"حنبعل" التونسية بمواجهة مع النقابات

21 اغسطس 2018
152 موظفاً لم يتقاضوا رواتبهم منذ 3 أشهر (Getty)
+ الخط -
يبدو أنّ إدارة قناة "حنبعل تي في" التونسيّة تعيش في الفترة الأخيرة أوضاعاً صعبةً على المستويَين المالي والإداري. فالقناة التي عجزت عن سداد أجور موظفيها من صحافيين وتقنيين وعمال منذ ثلاثة أشهر، قامت، في خطوة تصعيديّة، بطرد 34 من العاملين البالغ عددهم 152 شخصاً. وهو إجراءٌ اعتبرته النقابة العامة للإعلام (المنضوية تحت لواء الاتحاد التونسي للشغل، كبرى الهيئات النقابية في تونس)، والنقابة الوطنية للصحافيين التونسيين، تعسفياً، ويعكس عدم سعي الإدارة الحالية للقناة إلى البحث عن حلول من شأنها إخراج القناة من الأزمة التي تتخبط فيها. 

وقد وصل الأمر بالكاتب العام للنقابة العامة للإعلام محمد السعيدي إلى اتهام القناة بأنها تخضع إلى إرادة حزب "حركة النهضة"، وتطبق أجنداته السياسية، وهو اتهام إن ثَبُت قد يضع القناة في حرج، خصوصاً أنّ القانون المنظم لعمل القنوات التلفزيونية والمحطات الإذاعية في تونس يمنع الاصطفاف الحزبي. لكنّ السعيدي يصر على موقفه، معتبرًا أن علي بن نصيب هو ممثل الشركاء الأتراك وحزب حركة النهضة في القناة، وهي تهم لم يقدم عليها دليلاً ملموساً، واعتبرها البعض من المتابعين من قبيل التلاسن بين الطرف النقابي وإدارة القناة في ظل الأزمة التي يعيشها العاملون فيها.

لكن الأزمة التي تعيشها القناة والاتهام بالاصطفاف الحزبي دعمها المستشار السياسي لحافظ قايد السبسي، المدير التنفيذي لحزب نداء تونس الحاكم، برهان بسيس، عندما أكد أن القناة غير محايدة وغير مهنية في التعاطي مع الشأن السياسي التونسي. وهو ما نفته إدارة القناة إذ بيّنت أن "الخط التحريري لقناة "حنبعل"، وكما تؤكد ذلك تقارير الهايكا، التزم بالحياد والمهنية ولَم يسجل من القناة ما يشير إلى انحيازها لأي طرف سياسي".



لكن التلاسن الأخطر هو الذي حصل بين "الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري" (الهايكا) ممثلةً في رئيسها النوري اللجمي وبين وإدارة قناة "حنبعل تي في". فقد هدد اللجمي بسحب إجازة البث من القناة، معتبراً أنّ الأوضاع المالية في القناة صعبة، إذ تجاوزت ديون القناة 30 مليون دينار تونسي (أي حوالي 13.5 مليون دولار أميركي)، وهو رقم كبير قد يعجز الشركاء التونسيون والأجانب الذين اشتروا القناة من مالكها الأصلي العربي نصرة عن تسديده، خصوصاً بعد تراجع العائدات المالية للقناة، نتيجة تراجعها في جدول نسب المشاهدة لتحتل المرتبة الخامسة في القنوات التلفزيونية الأكثر مشاهدة بعدما كانت تحتل المرتبة الأولى أو الثانية.

ما صرح به النوري اللجمي أثار غضب إدارة قناة "حنبعل" التي أصدرت بياناً مطولاً أعلنت فيه أنّها ترفض سياسة التشهير بالقناة التي اعتمدها، من خلال قيام "رئيس الهايكا بإفشاء فحوى الجلسة التي عقدها مدير عام القناة مع مجلس الهيئة وتعمّد إيراد معطيات مغلوطة عن ديون المؤسسة وطريقة إدارتها"، مبينةً أن "الهايكا ماضية في تنفيذ مخطط لإفراغ الساحة الإعلامية من بعض القنوات التلفزية العريقة".

حالة الغضب من تصريح النوري اللجمي دفعت إدارة القناة إلى التهديد بمقاطعة الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري الهايكا محملةً رئيسها المسؤولية عمّا آلت إليه العلاقة بين الطرفين بعد اعتماده سياسة التشهير والتهديد للقناة. وختمت إدارة القناة بيانها بتعبيرها عن "التزامها بالدفاع عن مصالحها وسمعتها بالسبل القانونية المتاحة وبإنارة الرأي العام بحيثيات ما يحدث في كواليس الهيئة التي باتت في طريقها لتتحوّل من هيئة تعديلية إلى أداة لتصفية الحسابات".

هذا التصعيد الخطير بين الهايكا وقناة "حنبعل" ليس الأول الذي تعرفه الهيئة، إذ سبق ودخلت في تلاسن مع إدارة قناة "نسمة تي في" وكذلك إدارة قناة "الزيتونة" إلى حد وصل الأمر إلى تمزيق أحد قراراتها مباشرة على الهواء من خلال مقدم برامج في قناة الزيتونة. لكن الجديد هذه المرة هو أن قناة "حنبعل" قد قامت فعلاً بطرد الكثير من العاملين فيها وهو ما يجعلها في مواجهة عديد الأطراف النقابية، إضافةً للهايكا.