صحافيو غزة في انتظار العدالة

06 اغسطس 2016
خلال اعتصام مطالب بالعدالة (عبدالحكيم أبو رياش)
+ الخط -
لم تشفع الإصابة البليغة للمصور الصحافي الفسطيني، حامد الشوبكي، والتي أدت إلى تقطع أوتار القدمين، والكسور والشظايا التي دخلت إلى جسده، قبل عامين، بداية العدوان الاسرائيلي الأخير على قطاع غزة، في أن يحصل على حقه في ملاحقة مرتكبي الجريمة.
انقضاء العام الثاني، وبداية العام الثالث لذكرى العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والذي استمر 51 يوماً، لم يحمل أي بشرى لعائلات 17 شهيداً صحافياً، أحدهم إيطالي، إضافة إلى اثنين من الناشطين الإعلاميين، أو للصحافيين الجرحى، حيث أصيب نحو 20 صحافياً، بعضهم إصابته خطيرة، أدت إلى بتر أطراف.
ويقول الشوبكي، والذي كان قد أصيب إثر الغارة الجوية على سوق الشجاعية شرق مدينة غزة، لـ"العربي الجديد"، إنّ "عدم ملاحقة جنود الاحتلال الذين استهدفوا المؤسسات والطواقم والسيارات الصحافية بشكل مباشر، سيسمح لجنود الاحتلال بارتكاب المزيد من الجرائم بحق الصحافيين والمدنيين".
وأوضح حامد، وهو مصور وكالة "المنارة" المحلية، أنّ "إفلات جنود الاحتلال الإسرائيلي من المحاسبة، يزيد من آلام الصحافيين الجرحى، وذوي الصحافيين الشهداء، الذين ينتظرون إنصافهم".
أما والد الشهيد الصحافي، رامي ريان، مصور "الشبكة الفلسطينية للصحافة والإعلام"، الذي استشهد في 30 يوليو/ تموز 2014 لحظة استهداف سوق الشجاعية، فيقول إنه "قدم الإفادة والوثائق التي توضح تفاصيل استهداف ابنه، إلى المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان من أجل ملاحقة إسرائيل قانونياً".
ويقول الحاج، فتحي ريان، في حديث مع "العربي الجديد": "أريد حقّ ابني، الذي ترك خلفه أربعة أبناء، بحاجة إلى رعاية واهتمام"، داعياً المؤسسات الحقوقية والقيادة إلى الوقوف أمام مسؤولياتها من أجل متابعة سير المعركة القانونية ضد الجرائم التي ارتكبتها قوات الاحتلال الاسرائيلي، خلال الحرب على غزة، مبيناً أن ابنه استشهد خلال لحظات الهدنة.
من ناحيته، أكد رئيس المركز الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، رامي عبده، عدم اتخاذ أية خطوات على المستوى الإقليمي والدولي لملاحقة مرتكبي الجرائم بحق الصحافيين الفلسطينيين، إضافةً إلى عدم تقديم السلطة الفلسطينية أية لوائح إحالة "عامة أو مقيدة" إلى محكمة الجنايات الدولية، من أجل ملاحقة جنود الاحتلال الإسرائيلي.
ويوضح عبده لـ"العربي الجديد" أنه "لم يتم اختبار العدالة أمام المجتمع الدولي في ما يخص الجرائم التي ارتكبت بحق الصحافيين في قطاع غزة خلال الحرب الأخيرة، والحروب التي سبقتها، مما أدى إلى تفاقم وزيادة نسبة الانتهاكات الإسرائيلية، نتيجة غياب الرادع".
ويضيف عبده أنه "في الحرب الأخيرة كان هناك استهداف مباشر ومنتظم للصحافيين الفلسطينيين من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، ولم تتم مراعاة الوضعية الاستثنائية للصحافي، ومع ذلك لم يتم استغلال ذلك في تقديم لوائح إحالة مقيدة، كما لم يتم اتخاذ أي إجراء من إجراءات التقاضي".
ويشير الحقوقي الدولي إلى أنّ "السلطة الفلسطينية وقعت على اتفاقيات دولية تخولها تقديم لوائح إحالة عامة أو مقيدة، أمام محكمة الجنايات الدولية، لكنها لم تقم بذلك"، إضافةً إلى عدم عرض الملفات أمام الدول التي تسمح بملاحقة مرتكبي جرائم الحرب، مضيفاً "ليس لدينا علم بأن هناك قضايا رفعت ضد مرتكبي الانتهاكات بحق الصحافيين".
ويبيّن عبده أنّ مؤسسات حقوق الإنسان ومن الأورومتوسطي قدمت تقارير لمحكمة الجنايات الدولية، "لكنّ ذلك لا يلزم النائب العام بفتح تحقيق، وأن الذي يلزمه، هو أن تتقدم السلطة الفلسطينية بطلب إحالة".
ولفت إلى الحالات الثلاث التي يمكن فتح تحقيق في محكمة الجنايات الدولية من خلالها، وهي طلب مباشر من مجلس الأمن، أو تقديم طلب إحالة عامة أو مقيدة من الدولة العضو، وآخرها أن يقوم المدعي العام بفتح تحقيق من تلقاء نفسه، بعد امتلاكه أدلة على ارتكاب الجرائم.
ويشير عبده إلى أهمية الملاحقة القانونية، التي تمثل رادعاً لمرتكبي الجرائم، مضيفاً "عدم ملاحقة مرتكبي الجرائم يعطيهم الضوء الأخضر وحصانة وتشجيعاً على الاستمرار في ارتكاب المزيد منها، وهذا ما حصل فعلاً في الحروب الثلاث، التي شُنت على قطاع غزة".
بدوره، يوضح الباحث القانوني في المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، محمد أبو هاشم، أنّ "محكمة الجنايات الدولية ما زالت تحقق وتجمع المواد والأدلة على الجرائم، التي ارتكبت في قطاع غزة خلال الحرب الإسرائيلية، بناءً على الطلب الذي قدمته السلطة الفلسطينية بالتحقيق في جرائم الحرب المرتكبة، كذلك تتلقى الردود من الجانب الإسرائيلي على بعض التقارير".
ويشير أبو هاشم، لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ "بطء التحقيق طبيعي بالنسبة لمحكمة الجنايات الدولية التي لم يصدر عنها سوى حكمين خلال عملها، وأن التحقيق قد يستغرق عدة سنوات"، لافتاً إلى أن المركز ومؤسسات حقوق الإنسان قدمت تقاريرَ أعدت عن جرائم الحرب المرتكبة ضد أهالي قطاع غزة.


المساهمون