شبكات التواصل الاجتماعي أدوات "غريزية" لمكافحة العنصرية

10 يونيو 2020
تشكيك في تأثير النشاط الإلكتروني بالإدراك (غييرمو سانتوس/Getty)
+ الخط -
رغم كثرة النشاطات عبر مواقع التواصل الاجتماعي مع حركات مثل "بلاك لايفز ماتر"، تشير مثقفات أميركيات من السود إلى محدودية هذه الشبكات. ويشككن خصوصاً في أن التشارك الكثيف للمقاطع المصورة التي تظهر عنف الشرطة، أدت إلى تغيير في الرأي العام يتجاوز ردود الفعل الغريزية.

ترى الباحثة ميريدث كلارك، أن التعبئة الحاصلة في الولايات المتحدة لمناهضة العنصرية في الشارع وعبر شبكات التواصل الاجتماعي منذ مقتل جورج فلويد مختنقاً على يد شرطي أبيض، "لا تنمّ عن إدراك عميق، بل على العكس".

وتؤكد الأستاذة الجامعية المتخصصة بوسائل الإعلام في جامعة فيرجينيا أنه بفضل هذه الشبكات والمنصات "يشعر الناس بالضيق ويجدون أنفسهم وجهاً لوجه مع العنصرية وهم يتعرفون إلى أنفسهم وإلى الضحايا. وهم يتأثرون، لكن فهمهم وإدراكهم يبقيان سطحيين".

وتوضح كيرا غونت، الأستاذة في جامعة ألباني، قائلةً إن "من الجيد مراكمة الأدلة، لكننا تحت صدمة اللحظة الراهنة وليس في مسار تفكير على المدى الطويل".

ويتكرر مشهد مقتل رجال سود على أيدي عناصر من الشرطة مع مايكل براون في فرغسون عام 2014، إلى فريدي غراي في بالتيمور عام 2015، وكيث لامونت في شارلوت عام 2016. وفي كل مرة يتحول الغضب إلى أعمال شغب. وتقول كيرا غونت: "يجري تشارك الفيديو لأنه مشين للغاية، ونعيش مجدداً الصدمة، ما يثير المشاعر من جديد... إلى حين عودة الأمور إلى طبيعتها".

وتذكر عالمة الموسيقى البدايات عندما كانت شبكات التواصل الاجتماعي تعطي شعوراً بالحرية. وتروي قائلة: "كانت وسيلة بالنسبة إلينا نحن الاستاذة الجامعيين وأصحاب الشهادات والناشطين، ليكون لنا جمهور من دون أن نضطر إلى الهمس وفرض رقابة ذاتية، كما لو كنا الشخص الأسود الوحيد في القاعة".

وكانت يومها من ضمن مجموعة "بلاك تويتر" غير الرسمية التي تشكلت في نهاية العقد الأول من الألفية. وتوضح: "كان الوسم (أنا أراك). أرى فيك إنسانيتي وتجربتي مع التهميش". بعد عقد على ذلك، تأسف لآفة التضليل الإعلامي "التي تغرق الحقيقة".

ويرى آخرون أن هذه المنصات لا تشكل شبكة خلاص، لأنها لا تحطم الحواجز العرقية والاجتماعية، بل تعيد تشكيلها.

وتقول المؤلفة والصحافية جوشوندا ساندرز: "على فيسبوك ومنصات أخرى نعيش في فقاعاتنا. فإن لم يكن لديك أصدقاء سود في الحياة الفعلية، فلن يكون لديك أصدقاء سود عبر الإنترنت أيضاً، ولن يخبروك بالاعتداءات العنصرية الصغيرة التي يتعرضون لها يومياً". وتضيف: "أكثر الرجال البيض نفوذاً ليسوا على الشبكات، فهم يتخذون القرارات خلال ممارسة لعبة الغولف وعبر الهاتف أو على مأدبة غداء".

لكن لا بديل من الشبكات، والنضال عبرها يفرض نفسه بحكم الأمر الواقع على الكثير من الأميركيين السود. وتوضح ميريديث كلارك، قائلة: "نناضل باستمرار لنعتبر بشراً مثل الآخرين وأن لدينا حياة نعيشها"، مستشهدة بظاهرة "الإدراك المزدوج" الذي وضع نظريته وليام إدوارد بورغارت دو بوا. وكان عالم الاجتماع في مطلع القرن العشرين يقول إن الأميركيين السود يعيشون على الدوام مع نظرة "غير السود لهم"، إضافة إلى نظرتهم لأنفسهم.

وتقول الفنانة ريدبون: "مجرد أن أعيش وأن أكون ما أنا عليه في جسدي هو شكل من أشكال النضال". وهي تقيم في سان فرانسيسكو الآن، لكنها أصلاً من مينيابوليس، وهي ترددت في الدعوة إلى دعم التعبئة المحلية. وتروي قائلة: "كنت أسأل نفسي ماذا عساي أن أفعل؟ ومن ثم غضبت صديقة لي عبر شبكات" التواصل الاجتماعي. وقالت لنا: "أنتم الفنانين الذين لديهم معجبون لا تقومون بشيء حتى لا يقال عنكم إنكم غير مهنيين. أدركت أن الحل أمام عيني".

وعلى غرار الكثير من الفنانين السود، تبذل جهداً كبيراً لجمع الأموال عبر "إنستغرام" ولحشد صفوف المجتمع الأسود في إطار المبادرات المطروحة والرسائل الموجهة إلى السلطات والعرائض والمضامين التربوية التثقيفية. وتختم قائلة: "أنا ناشطة جداً في الأساس بصفتي امرأة سوداء ومثلية تعمل في مجال الإنتاج وتقوم بما تعشق. لكن هذا لم يعد يكفي".

(فرانس برس)
المساهمون