برلمان مصر يشرع في تقنين الحبس الاحتياطي للصحافيين

08 يونيو 2018
أعدت لجان البرلمان مشروع القانون (Getty)
+ الخط -


أنهت لجنة الإعلام في مجلس النواب المصري، أمس الخميس، إعداد تقريرها عن مشروع قانون تنظيم الصحافة والإعلام في صورته النهائية، تمهيداً لإقراره خلال جلسات البرلمان المنعقدة الأسبوع الجاري، والذي يستهدف تقنين الحبس الاحتياطي للصحافيين، والإعلاميين، في حالات التحريض على العنف، أو التمييز بين المواطنين، أو الطعن في أعراض الأفراد، أو في "الجرائم التي تمس بالأمن القومي".

وصرح رئيس اللجنة النيابية، والمحرر العسكري السابق، أسامة هيكل، أن اللجنة قررت بالإجماع، فصل القانون إلى ثلاثة مشاريع منفصلة، لتنظيم أوضاع كل من: "المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، والهيئة الوطنية للصحافة، والهيئة الوطنية للإعلام"، بذريعة أن تضمين الإعلام المرئي والمسموع والمقروء في تشريع واحد من دون توضيح اختصاص كل هيئة من الهيئات الثلاث "أمر صعب للغاية".

وفي نهاية ديسمبر/كانون الأول عام 2016، صدّق الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، على قانون التنظيم المؤسسي لتنظيم الصحافة والإعلام، بعد إقراره من البرلمان، والذي وضع قيوداً مشددة على منح تراخيص الصحف الخاصة، والمواقع الإلكترونية، بالمخالفة للمادة (70) من الدستور، التي نصت على إصدار الصحف بمجرد الإخطار، وحق ملكيتها، وإنشاء وسائل الإعلام المرئية والمسموعة، ووسائط الإعلام الرقمي.

وأفاد هيكل بأن مادة إصدار الصحف مثلت عقبة أمام اللجنة، في ضوء حكم المحكمة الدستورية بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة (52) للقانون رقم (96) لسنة 1996، والتي كانت تنص على أنه يشترط في الصحف التي تصدرها الأشخاص الاعتبارية الخاصة أن تتخذ شكل تعاونيات أو شركات مساهمة، عدا الأحزاب السياسية والنقابات والاتحادات، وهو ما يتصادم مع دستور 2014 الذي نص على الإصدار بالإخطار، وفق قوله.

وأضاف هيكل أنه لـ"ضمان عدم تحول الأمر إلى فوضى"، استطلعت اللجنة رأي الجهات المعنية، بهدف الخروج بنص يتوافق مع الدستور، من خلال وضع ضوابط إدارية، من بينها: "إيداع مبلغ مالي لمدة سنة على الأقل ضماناً لحقوق العاملين"، على اعتبار أن الإخطار لا يسقط حق جهة الإدارة في ضمان حقوق العاملين.

كما أشار إلى أنه "بعد مرور عام على تشكيل الهيئات الإعلامية الثلاث، ودراسة عملية تنظيم الإعلام في دول مثل فرنسا وألمانيا وبريطانيا، انتهت اللجنة إلى أن القانون الفرنسي هو الأقرب إلى مصر، وهو ما يستدعي تقليص عدد كل هيئة إلى 9 شخصيات بدلاً من 13 عضواً، كما هو الحال حالياً، اقتداءً بالمجلس الأعلى السمعي والبصري في فرنسا، الذي يتكون من 7 شخصيات عامة".

وحسب هيكل، فإن الهيئات الإعلامية الثلاث في مصر مستقلة بنص الدستور، ولكن هذا الاستقلال لا يعني عدم مناقشة الأداء المالي الخاص بها، ومراجعة أوجه الإنفاق للمؤسسات الصحافية القومية (الحكومية)، لضمان حسن استخدام وإدارة المال العام، وهو ما استدعى أيضاً النص في مشاريع القوانين عدم الجمع بين منصبي رئيس التحرير ورئيس مجلس الإدارة في أي مؤسسة صحافية.

وزعم رئيس اللجنة أن مشاريع القوانين الخاصة بتنظيم الصحافة والإعلام "لا تستهدف أسماء أو أشخاصاً بعينهم، ولكن تستهدف تحقيق المصلحة العامة"، معتبراً أنه لا بديل عن إسقاط فوائد الديون عن الهيئة الوطنية للإعلام (اتحاد الإذاعة والتلفزيون)، وجدولة أصل الدين، مع ضرورة انتباه المؤسسات الصحافية القومية إلى وضعها المالي والإداري، والإسراع في وضع خطط عمل لإصلاح أوضاعها.

وحول مشكلة الديون المتراكمة على المؤسسات الصحافية القومية، قال هيكل إن هناك فارقاً بين الديون على هذه المؤسسات لصالح وزارة المالية، والبالغة نحو 19 مليار جنيه، وبين الديون على اتحاد الإذاعة والتلفزيون سابقاً (ماسبيرو)، والمستحقة لبنك الاستثمار القومي، والمقدرة بنحو 32 مليار جنيه، رغم أن أصل هذه الديون لا يتجاوز 8 أو 9 مليارات، وباقي هذه المبالغ فوائد لأصل الدين.

ونص القانون الجديد على تشكيل الجمعيات العمومية للمؤسسات الصحافية القومية من 17 عضواً لكل جمعية، مدة كل منها 3 سنوات، على أن تتكون من رئيس الهيئة الوطنية للصحافة (رئيساً)، وعضوية 3 من أعضاء الهيئة من غير المنتمين للمؤسسة المعنية، و7 خبراء في مجال المالية والمحاسبة والاقتصاد والقانون، تختارهم الهيئة من خارج المؤسسة، و6 من العاملين بالمؤسسة يتم انتخابهم بالاقتراع السري المباشر، بواقع عضوين عن فئات الصحافيين، والعاملين، والإداريين، وانتخاب كل فئة لممثليها.

وأشار القانون إلى تشكيل مجلس إدارة المؤسسة الصحافية القومية من رئيس و12 عضواً، و6 أعضاء منتخبين، بواقع عضوين عن فئات الصحافيين، والعاملين، والإداريين، وانتخاب كل فئة لممثليها، و6 أعضاء من خارج المؤسسة الصحافية تختارهم الهيئة الوطنية للصحافة من ذوي الخبرات في مجال المالية والمحاسبة والاقتصاد والقانون، وذلك لدورة مدتها 3 سنوات.


وتستهدف المشاريع الثلاثة تفعيل دور الجمعيات العمومية، ومنح الجمعية العمومية سلطة إحالة مجلس الإدارة إلى النيابة العامة، إذا ما وجدت إهداراً للمال العام في المؤسسة الصحافية، مع جواز المد للصحافيين في المؤسسات القومية بعد سن الستين "للكفاءات النادرة"، مع إناطة الهيئة الوطنية للصحافة بوضع "المعايير المحددة لهذه الكفاءات"، وهو ما يفتح باب الاستثناءات والمجاملات على مصراعيه.

وبيّن إحصاء للجنة أنها عقدت 39 اجتماعاً "مغلقاً" لمناقشة مشروع القانون، امتدت على مدار 90 ساعة، منوهة إلى موافقة ممثلي الحكومة على فصل التشريع إلى ثلاثة قوانين، بعد أخذ رأي 8 جهات هي: "المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، والهيئة الوطنية للصحافة، والهيئة الوطنية للإعلام، ونقابة الصحافيين، ونقابة الإعلاميين، وجهاز حماية المنافسة، وجهاز تنظيم الاتصالات، وغرفة صناعة الإعلام".

ولم يكن يتضمن مشروع القانون، الوارد إلى البرلمان من الحكومة، تنظيم الإعلام الإلكتروني، وهو ما دفع اللجنة إلى إضافة نصوص تنظيمية له، بحيث يتبع المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، ومنح الأخير حق منح التراخيص والموافقات اللازمة للإعلام الالكتروني، والإعلام الخاص، ومراقبة ومحاسبة الإعلام العام والخاص، الأمر الذي يستهدف فرض مزيد من القيود وسائل الإعلام في مصر.

كذلك ألزم القانون الهيئة الوطنية للصحافة، والهيئة الوطنية للإعلام، بتقديم تقرير سنوي إلى رئيس الجمهورية، ورئيس مجلس النواب، ونشر ميزانياتها، وتوضيح حجم ونوعية التمويل التي تحصل عليه، مع النص على استقلال الصحافيين والإعلاميين في عملهم، وعدم جواز أن تكون المعلومات الصحيحة الصادرة عن الصحافي سبباً في مساءلته، أو جواز إجباره على الإفصاح عن مصادره، وحظر فرض أية قيود تعوق دون حق حصوله على المعلومات.

وكان خطأ مطبعي ورد في خبر منشور بجريدة "الأهرام" الحكومية، قد تسبب في أزمة كبيرة داخل المؤسسة، التي يعود تاريخ تأسيسها إلى العام 1875، وعجل بشروع البرلمان في تمرير قانون تنظيم الصحافة والإعلام، ويخص قرينة رئيس الجمهورية، انتصار السيسي، بعد استبدال حرف بآخر في إحدى الكلمات الواردة بالتقرير، وهو ما حولها إلى كلمة "خارجة"، تؤدي قراءتها إلى إساءة بالغة لقرينة السيسي.

وتفاقمت الأزمة، لأن العدد تمت طباعته وتوزيعه في القاهرة والأقاليم، ولم يكتشف أحد ذلك الخطأ حتى تم توزيعه، وهو ما دفع رئاسة الجمهورية، وجهاز الأمن الوطني، لإجراء تحقيقات موسعة داخل الجريدة العريقة، شملت رئيس مجلس إدارتها، ونقيب الصحافيين، عبد المحسن سلامة، ورئيس تحريرها، علاء ثابت، واللذين تم استدعاؤهما إلى مؤسسة الرئاسة، علاوة على مدير التحرير المسؤول عن الطبعة.

وفي وقت سابق، كشفت مصادر صحافية متطابقة لـ"العربي الجديد" أن هناك تغييراً واسعاً سيطاول أغلب رؤساء مجالس إدارات وتحرير الصحف القومية، فور موافقة مجلس النواب على قانون تنظيم الصحافة والإعلام، مرجحة إجراء التغييرات في نهاية يونيو/ حزيران المقبل، واستبدال رؤساء التحرير الحاليين بمجموعة أخرى تحظى بقبول أكبر لدى مؤسسة الرئاسة.

وعزت المصادر، أسباب إجراء التغييرات، إلى "ضعف الإمكانيات المهنية لأغلب رؤساء التحرير، الذين جرى اختيارهم وفق معيار (الموالاة) دون غيره من المعايير المهنية  اللازم توافرها، إضافة إلى تورط بعضهم في فضائح أخلاقية، على غرار رئيس تحرير صحيفة (روز اليوسف) اليومية، أحمد الباشا، الذي اتهمته صحافية في المؤسسة بمحاولة التحرش بها".

المساهمون