"سلاح التدوين" بوجه تأميم نقابة الصحافيين المصريين

31 أكتوبر 2018
رفض الصحافيون ممارسات النقيب (العربي الجديد)
+ الخط -
ما إن نشر النقيب السابق للصحافيين المصريين، يحيى قلاش، وعدد من أعضاء مجلس النقابة الحاليين والسابقين، منشورًا موحدًا عبر حساباتهم الخاصة على "فيسبوك" يفند بنود مشروع القانون الجديد لنقابة الصحافيين الذي يتم الإعداد له في الخفاء، حتى تحول المنشور إلى رسالة موحدة لعشرات الصحافيين، ودعوة لمجابهة مشروع القانون. 
ويعتبر الصحافيون حاليًا "سلاح التدوين" عبر منصات التواصل الاجتماعي، آخر آليات المعارضة التي بقيت في أيديهم في ظل الأوضاع السياسية والأمنية الراهنة في مصر.
المنشور يبدأ "بسؤال: لماذا نرفض المحاولات المشبوهة لتغيير قانون نقابة الصحافيين بعيدًا عن الجمعية العمومية"، والإجابة عليه جاءت في خمس نقاط موجزة، "تجعلنا نرفض إعلان النقيب وسكرتير عام النقابة عن إعداد قانون للنقابة في الخفاء ودون علم جموع الصحافيين"، على حد قولهم.

النقطة الأولى تتعلق بأسلوب المباغتة الذي اتسم به الإعلان، حيث لم يسبقه أو يتزامن معه أي تحرك أو دعوة أو مطالبة نقابية أو صحافية بتعديل أو تغيير القانون الحالي للنقابة".
وتعترض فئة كبيرة من الصحافيين على ملامح مشروع القانون الجديد، ويعتبرونه بمثابة "صفعة جديدة من النظام"، خاصة إلغاء التجديد النصفي الذي كان يضمن تجديد دماء النقابة وعدم بقاء أعضاء المجلس لأكثر من عامين في مناصبهم منعًا لاستغلالها.

والنقطة الثانية، تتعلق بانفراد النقيب والسكرتير العام بالحديث عن القانون الجديد، حتى دون إحاطة مجلس النقابة بتفاصيل المشروع ودواعي إصداره الآن.



وكان نقيب الصحافيين الحالي، عبد المحسن سلامة، قد أعلن الانتهاء من إعداد مشروع جديد لقانون النقابة، وعرضه على المجلس في أقرب وقت، لكن أعضاء بمجلس النقابة نفوا علمهم بهذا القانون أو النية في تعديله، وأصدروا بيانًا أعربوا فيه عن رفضهم ممارسات النقيب، وقالوا فيه "إن قانونا بهذه الأهمية لا يمكن أن يحتكر وضعه أحد، بل هو حق أصيل لأعضاء الجمعية العمومية للنقابة، ولا يمكن القبول باستبعاد كل الأجيال والرموز المهنية والنقابية وكل الخبرات من المشاركة في وضع قانون يحكم عمل النقابة ودورها وتأثيرها".

وبعدها خرج سكرتير عام نقابة الصحافيين المصرية، حاتم زكريا، بتصريحات صحافية أثارت الجدل مجددًا بشأن مشروع القانون الذي يتم إعداده في الظلام، دون سابق معرفة لبعض أعضاء مجلس النقابة، ولا للجمعية العمومية المشكلة من الصحافيين أعضاء النقابة.
والنقطة الثالثة بشأن اختيار توقيت غير ملائم ومثير لشبهة الانقياد وراء مصالح خاصة عبر السعي لإقرار المشروع قبيل انتهاء الدورة النقابية بأشهر قليلة، وهي الفترة المسماة نقابيا بفترة الريبة، والتي يتوجب فيها على مجلس النقابة الامتناع عن اتخاذ إجراءات تؤثر في المسار الانتخابي ونزاهته وحياديته.

وكان عدد من أعضاء مجلس النقابة الحالي، وصحافيون معارضون يلجأون إلى الصمت بشأن مجمل القوانين المكبلة للحريات التي صدرت خلال الأشهر القليلة الماضية، خشية "تغييرات كارثية يجريها المجلس الحالي، ويوافق عليها البرلمان المصري، في هذا العصر المعادي للحريات.. فكان الصمت والاحتفاظ بالوضع على ما هو عليه إلى حين انتهاء انتخابات التجديد النصفي المقبلة".



لكن مجلس النقابة الحالي، "باغتهم" وبادر بوضع قانون بديل للنقابة في منأى عن الأصوات المعارضة داخل المجلس، ما دفعهم -المعارضين- لإصدار بيان قالوا فيه: "إن قانونا بهذه الأهمية لا يمكن أن يحتكر وضعه أحد، بل هو حق أصيل لأعضاء الجمعية العمومية للنقابة، ولا يمكن القبول باستبعاد كل الأجيال والرموز المهنية والنقابية وكل الخبرات من المشاركة في وضع قانون يحكم عمل النقابة ودورها وتأثيرها".

يحاول نقيب الصحافيين المصريين، عبد المحسن سلامة، تمرير مشروع القانون الجديد قبل الانتخابات المقبلة في مارس/آذار من العام القادم، وخاصة المواد التي تقترح إلغاء انتخاب 6 من أعضاء مجلس النقابة "تحت السن" أي ممن لم يمض على عضويتهم بالنقابة أكثر من 15 عامًا، وإلغاء التجديد النصفي لمجلس النقابة لتكون مدة عضوية النقيب 4 سنوات بدلًا من سنتين.

ومن المقرر أن يعرض مشروع القانون الجديد على أول اجتماع مقبل للمجلس، وأن الانتخابات المقررة في مارس/آذار المقبل، ستتم بموجبه.

والنقطة الرابعة متعلقة بإهدار وتجاهل السوابق والتقاليد النقابية التي درجت عليها النقابة في ضرورة استطلاع رأي أعضاء الجمعية العمومية بشأن أي متغير أو تشريع يمس حقوقهم وواجباتهم النقابية والمهنية، وهو ما حدث مع قانون النقابة الحالي (76 لسنة 1970) الذي بدأ الإعداد له بتوصية من المؤتمر العام الأول للصحافيين عام 1964.



ويتمسك الصحافيون بحقهم الأصيل في الدعوة للجمعية العمومية لاتخاذ القرارات التي تخص جموع الصحافيين بموجب قانون نقابتهم الذي ينص على "إلزام مجلس النقابة بدعوة الجمعية إذا ما طالب مائة عضو بعقدها بشكل غير عادي خلال شهر من التقدم بالطلب"، وفقًا لنص المادة 32.

وتساءل قلاش: "فهل يراد للجمعية العمومية الحالية أن تكون "شاهد مشفش حاجة"، على غرار المسرحية الشهيرة للفنان المصري، عادل إمام.

النقطة الخامسة والأخيرة بشأن التجاهل المتعمد للظرف العام الذي احتشد فيه خصوم حرية الصحافة والاستقلال النقابي لتمرير القوانين المقيدة للصحافة والإعلام بكل ما بها من مخاطر، مما يعني أن إقرار قانون جديد للنقابة في هذا المناخ لا يعني سوى التعجيل بالضربة القاضية للمهنة والنقابة معاً.

وصدَّق الرئيس السيسي على أربعة قوانين جديدة، بهدف السيطرة على الإعلام والإنترنت. القوانين تشمل؛ قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، رقم 175 لسنة 2018، والصادر في الجريدة الرسمية، بتاريخ 14 أغسطس/آب 2018. وقانون تنظيم الصحافة والإعلام والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، رقم 180 لسنة 2018، والصادر في الجريدة الرسمية، بتاريخ 27 أغسطس/آب 2018. وقانون الهيئة الوطنية للصحافة، رقم 179 لسنة 2018، والصادر في الجريدة الرسمية، بتاريخ 27 أغسطس/آب 2018. وقانون الهيئة الوطنية للإعلام، رقم 178 لسنة 2018، والصادر في الجريدة الرسمية، بتاريخ 27 أغسطس/آب 2018.

وأصبحت هذه القوانين سارية منذ تواريخ إصدارها في الجريدة الرسمية، وتتوقع مؤسسة حرية الفكر والتعبير أن تؤثر هذه القوانين بشدة في حرية الإعلام والحقوق الرقمي.