منكوبو الحرب الإسرائيلية الحالية على لبنان كانوا يسكنون آمنين في منازلهم التي بذلوا أقصى جهودهم في العمل لبنائها وتحسينها وخلق عالمهم الجميل الذي يعتقدون بأنه مثالي لعيشهم وتربية أولادهم وعائلاتهم، والتمتع ببعض الهدوء وسط مشاكل سياسية واقتصادية كثيرة تعاني منها البلاد منذ أعوام طويلة، وزادت حدّتها مع مرور الأيام وانهيار قيمة الليرة المحلية. في مناطق الجنوب أو الضاحية الجنوبية لبيروت، دمّرت غارات العدوان الإسرائيلي، وحتى عمليات الاجتياح البري على الحدود منازل ومباني ومؤسسات ومحلات، وربما حتى بسطات كانت تعين في تحصيل لقمة العيش الضرورية وسط أزمة اقتصادية لا ترحم. وعلى وقع تهديدات الجيش الإسرائيلي ودعواته إلى الخروج من المناطق المستهدفة لتفادي المأزق الأكبر المتمثل باحتمال الموت أو الإصابة بالصواريخ وكل أنواع المقذوفات الحربية، أضطر الناس إلى الهروب والانتقال إلى أماكن اعتقدوا أنها أكثر أماناً. وهكذا بقوا بعيدين عن بيوتهم، وربما بعيدين جداً، لدرجة أنهم لا يعرفون شيئاً عن مصيرها، أو حتى يحاولون العثور على صور التقطتها آلات تصوير وسائل إعلام لتلمس أي خبر عما إذا كانت منازلهم لا تزال واقفة وتحفظ مقتنياتهم. وإذا علم بعضهم أنه يمكن أن يتفقدوا أماكنهم العزيزة على ذكرياتهم وسط بعض الهدوء من العمليات العسكرية، يذهبون لزيارتها رغم مخاطر التعرض لانهيارات أو لتجدد القصف المفاجئ، ويشحنون أنفسهم ببعض الأمل بلقاء جديد.
(العربي الجديد)