طالبت منظمة العفو الدولية السلطات الجزائرية بوضع حد لحملات الملاحقات الجديدة التي تشنها في الأيام الأخيرة ضد الناشطين والمعارضين، وبإنهاء ما وصفته المنظمة بأنه "قمع نشطاء الحراك والصحافيين" في خضم تفشي فيروس كورونا، في الوقت الذي ترفض فيه السلطات هذه الانتقادات.
وأفاد بيان لمكتب العفو الدولية في الجزائر بأنه يتعين على السلطات الجزائرية أن "توقف بشكل عاجل الملاحقات القضائية التعسفية الهادفة إلى إسكات أصوات نشطاء وصحافيي الحراك، في خضم تفشي وباء فيروس كورونا، والإفراج فوراً عن كل من تستهدفهم هذه المحاكمات الصورية"، وأحصى البيان استدعاء ما لا يقل عن 20 ناشطا للاستجواب من قبل الشرطة أو تم القبض عليهم وتوقيفهم احتياطياً أو تمت إدانتهم بأحكام قضائية بسبب ممارستهم حقهم في حرية التعبير، أو التجمع السلمي في ست مدن في الجزائر.
واتهم البيان السلطات الجزائرية باستثمار "ظروف جائحة كورونا والوقت لتسريع الملاحقات القضائية والمحاكمات ضد النشطاء والصحافيين وداعمي الحراك"، ونقل البيان تصريح مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، هبة مرايف، التي طالبت السلطات الجزائرية "بالإفراج فوراً، ودون قيد أو شرط، عن جميع النشطاء السلميين المحتجزين لمجرد التعبير عن آرائهم عبر الإنترنت، وفي خارج الإنترنت أو لأنهم ينادون بتغيير ديمقراطي ومن خلال قيام السلطات بالقبض على النشطاء وسجنهم فإنها لا تعاقبهم على حرية التعبير فحسب، بل تعرض صحتهم للخطر أيضًا نظراً لمخاطر تفشي وباء كوفيد-19 في السجن".
وذكر البيان أنه وبرغم إعلان فعاليات الحراك الشعبي وقف الفعاليات الاحتجاجية والمسيرات بسبب كورونا، إلا أن السلطات واصلت استهداف نشطاء الحراك، مشيرا إلى أن 32 شخصا تم اعتقالهم أثناء الاحتجاجات السابقة في الحراك ما زالوا خلف القضبان، يواجه جميعهم ملاحقات قضائية بموجب قانون العقوبات بتهم "المساس بسلامة وحدة الوطن" أو "التحريض على التجمهر غير المسلح" أو "منشورات من شأنها الإضرار بالمصلحة الوطنية".
وقدرت المنظمة أن هذه الملاحقات والمحاكمات ذات دوافع سياسية، على غرار إدانة رئيس جمعية "تجمع عمل شبيبة "عبد الوهاب فرساوي في السادس من إبريل بالسجن لمدة عام بسب المشاركة في احتجاجات الحراك. وانتقاد الطريقة التي تعاملت بها السلطات مع حركة الاحتجاج في العديد من مواقع التواصل الاجتماعي، وإدانة استعراضية للناشط البارز في الحراك كريم طابو، وهو رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي الاجتماعي قيد التأسيس بالسجن لمدة عام بتهمة "المساس بسلامة وحدة الوطن"، ورفض القضاء إفادة الناشطين سمير بلعربي وسليمان حميطوش بالإفراج المؤقت بعد اعتقالهما منذ السابع من مارس الماضي بتهم مماثلة.
ولاحظت المنظمة عودة التضييق على وسائل الإعلام، إذ اعتقلت الشرطة الصحافي البارز خالد درارني عندما كان يقوم بتغطية الحراك الشعبي وأودع السجن في 27 مارس/آذار الماضي، ويواجه تهم "التحريض على التجمهر غير المسلح"، و"المساس بسلامة وحدة الوطن" التي قد تؤدي إلى السجن مدة 10 سنوات، كما يواجه الصحافيون بحسبها "مضايقات من قبل السلطات بسبب ما أجروه من مقابلات، أو ما كتبوا من مقالات، أو ما قاموا به من تغطية إعلامية حول الاحتجاجات"، إذ أقرت السلطات بحجب عدد من المواقع الإخبارية وملاحقة ثلاثة صحافيين من صحيفة يومية بسبب مقالات صحافية.
لكن السلطات الجزائرية ترفض في المقابل مثل هذه الانتقادات، سواء في ما يتعلق بالناشطين أو الصحافيين، وقال المتحدث الرسمي باسم الرئاسة في مؤتمر صحافي عقده الثلاثاء الماضي إنه لا يوجد في الجزائر معتقلو رأي، وإن الموقوفين أو الملاحقين ارتكبوا مخالفات يعاقب عليها القانون، ويوجدون بين يدي القضاء الذي سيتحرى في صحة الاتهامات الموجهة لهم، كما رفض وزير الاتصال، المتحدث باسم الحكومة، وجود مضايقات ضد الصحافة والصحافيين، وقال في بيان أصدره السبت الماضي إن الجزائر تدعم حرية الصحافة، وإن "هناك مبالغة متعمدة في إعطاء صورة سوداوية لوضع الصحافة في الجزائر".