وانهار رئيس الحكومة الجزائرية السابق عبد المالك سلال خلال جلسة محاكمته الأحد، وطالب القاضي باستدعاء الرئيس السابق بوتفليقة بصفته المسؤول عن كل ما حدث في حكوماته. وقال سلال، الذي كان يعد أبرز رجالات ثقة بوتفليقة، إنه "يتعين على بوتفليقة أن يحضر إلى المحكمة كشاهد، ولو كان بوتفليقة مريضاً وغائباً لما كان رئيساً، لكنه كان يتابع كل صغيرة وكبيرة عبر شقيقه الذي كان هو من يسير الأمور، فلماذا لا يُحاكم الرئيس، ولو رمزياً؟".
ونفى سلال عن نفسه تهم الفساد، وقال: "أنا لست فاسدا، أنا كنت مجرد وزير أول أسهر على تطبيق برنامج الرئيس بوتفليقة، وهو المسؤول الأول سياسيا، لأنه هو من يصادق على البرنامج، أنا لست مسيراً للمشاريع ومهمتي التنسيق وتطبيق برنامج الرئيس، ومن المفروض أن يأتي بوتفليقة كشاهد"، مضيفاً: "كان لي الشرف أن مثلت بلدي في الخارج والتقيت الرئيس أوباما في مكتبه، بينما أنا في الحقيقة مجرد وزير أول صغير لا يستطيع حتى إصدار مرسوم (قرار)".
وتأتي تصريحات سلال هذه ضد بوتفليقة على الرغم من أن الأخير كان يعد من بين أبرز الشخصيات المقربة منه ورجل الثقة الأبرز، إذ عينه مديراً لحملته الانتخابية لثلاث مرات متتالية في انتخابات 2009 و2014 ثم في الانتخابات الرئاسية التي لم تتم والتي كانت مقررة في إبريل/ نيسان 2019، كما عينه في الفترة بين 2012 حتى 2017 رئيساً للحكومة.
وتحدث سلال عن "مؤامرة" استهدفت الرئيس عبد المجيد تبون عندما كان رئيساً للحكومة لفترة قصيرة بين يونيو/ تموز وأغسطس/ آب 2017، بسبب موقفه من قضايا الفساد واعتراضه على تمدد "الكارتل" المالي في السلطة. وقال سلال للقاضي: "كان هناك مسؤول (يقصد تبون) كشف عن الفساد فقاموا بإهانته ومعاقبته عبر إدخال نجله إلى السجن"، وكان سلال يشير إلى خالد تبون، نجل الرئيس تبون، والذي تمت تبرئته يوم الثلاثاء الماضي بعد 18 شهراً من السجن قضاها على خلفية اتهامات وجهت إليه بالتوسط لبارون مخدرات لدى والده للحصول على رخص لإنجاز أبراج ومنشآت سكنية.
ومنذ الكشف عن مستويات مهولة من الفساد وسوء التسيير ونهب المال العام بشكل فاضح في الجزائر في عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، تزايدت الأصوات التي تطالب بإحالة بوتفليقة إلى المحاكمة باعتباره المسؤول الأول عن فترة حكمه وعن قضايا الفساد التي حدثت في البلاد، مع دعوات لتجاوز مسألة الوضع الصحي له.
وكان منسق مؤتمر المعارضة، وزير الاتصال السابق، عبد العزيز رحابي، قد طالب بإحالة بوتفليقة إلى المحاكمة لتحديد المسؤوليات، وقال في تصريح صحافي أخير إنه "حان أوان الانتقال إلى مرحلة أخرى في تحديد المسؤوليات في الأزمة، والتساؤلات مشروعة حول الحصانة الممنوحة لبوتفليقة منذ سنة وعدم محاكمته على مسؤوليته المباشرة في الأزمة، بفعل تفويض صلاحياته الدستورية لشقيقه المغامر، والتغطية السياسية التي وفرها للفساد والإفلات من العقاب".
وتذكر بعض التقارير أن منح حصانة لبوتفليقة كان محل اتفاق بين قائد أركان الجيش الراحل الفريق أحمد قايد صالح، وقائد الحرس الجمهوري الفريق علي بن علي، مقابل تقديم بوتفليقة لاستقالته إلى المجلس الدستوري.
لكن خبراء في القانون يعتبرون أنه يمكن استدعاء بوتفليقة للقضاء كشاهد، غير أنه لا يمكن محاكمته في الوقت الحالي بسبب وجود مانع دستوري يتعلق بنص دستوري يتيح فقط لمحكمة خاصة للدولة كان يفترض، وفقاً للدستور، أن يتم تشكيلها من قبل الرئيس بوتفليقة في فترة حكمه، وتحاكم رئيس الجمهورية على أي تهم توجه إليه بالفساد أو الخيانة العظمى، وهي محكمة لم تنشأ حتى الآن.