Seasons 72... في مطاردة الضوء

28 يونيو 2023
تحاول الفرقة استعادة بريقها الذي اعتادت عليه في أعمال أقدم (بول بيرغِن/ Getty)
+ الخط -

في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، عرفت فرقة Metallica الأميركية شهرة واسعة، بعد أن اجتاحت أعمالها الولايات المتحدة وأوروبا والعالم العربي. حققت الفرقة جوائز عديدة، من بينها 9 جوائز غرامي، إضافة إلى جوائز إم تي في الموسيقية لأفضل فيديو كليب ميتال، الأولى عن أغنية Enter Sandman عام 1992، والثانية عن أغنية Until It Sleeps عام 1996. غير أن قطار النجاحات المتتالية التي وسمت Metallica، توقف مع بداية الألفية الجديدة. ولعل السبب الرئيسي في ذلك، توجه أعضاء الفرقة إلى اصدار أعمال جديدة ذات طابع موسيقي مختلف؛ إذ بدأت تضيف إلى مشروعها الموسيقي الأساسي في موسيقى الهيفي ميتال، أنماطًا أقل صخبًا وحدة وسرعة، بما يتناسب وموجة العصر في تلك الفترة.
هكذا، شهدت إصداراتها اللاحقة تمازجًا في الخيارات الموسيقية، وتحولات صوتية وأدائية انتقلت بها من الشكل التقليدي إلى موسيقى الميتال نحو أنماط أخرى، كالروك البديل والهارد روك والبلوز. هذه التحولات الطارئة، أمام تغير المشهد الموسيقي في تلك الفترة، دفعتا بالفرقة إلى الهبوط إلى مستويات أدنى مقارنة بباقي الفرق الموسيقية التي أخذت تنتشر حينها، وتراجعت شعبيتها لدى محبي موسيقى الميتال، رغم مواظبتها على إصدار أعمال جديدة، كان آخرها ألبوم Hardwired... to Self-Destruct الذي صدر عام 2016.
تعود الفرقة من جديد بألبومها الحادي عشر 72 Seasons الذي أصدرته منذ مدة قصيرة، وذلك بعد سبع سنوات من آخر ألبوم لها. هذه العودة تحمل مضامين عدة، مكللة بتجارب طويلة استمرت لعقود. بيان التجربة يقترب من نسخة ذات طابع شخصي ونفسي، تنشد الفرقة من خلالها تاريخًا حافلًا بالإنجازات الغائبة عنها. ويبدو أن أعضاء Metallica الذين تجاوزت أعمارهم الستين عامًا، يتطلعون إلى هذه الإنجازات بنوع من الفخر، مشربين بالعزيمة والتفاني.
وإذا ما ألقينا نظرة على أغاني الإصدار المكون من 12 أغنية، سنلاحظ تلك المشاعر الخافقة بين مقاطعها. إلا أن ذلك لن يوحي بتجربة خاصة وفريدة تجدد بها الفرقة مشروعها الأخير هذا. ولن يكون لخياراتها الموسيقية والشعرية منزلةً موازية لأعمالها الأولى، بقدر ما ستكون استحضارًا لها ولبريقها الذي تبحث عنه. وهو ما يمكن ملاحظته في معظم أغاني الشريط.


سنجد مع الأغاني المفتاحية 72 Seasons وShadows Follow، تعبيرات موسيقية لافتة بصخبها وحيويتها وعشوائيتها التوزيعية. أي أن هناك فرصة كبيرة ملزمة لاستعادة هوية الفرقة وأغانيها على أنغام Thrash Metal الكلاسيكية. رغم أنها من حيث الشكل الموسيقي تقترب من نماذج قدمتها في ألبومها السابق، لكن أكثر ما يميزها هي التعقيدات المقحمة في ألية توزيع الألحان ومستوى انتقالها بين نغمة وأخرى، وهي تعقيدات مارستها الفرقة سابقًا في ألبوم Death Magnetic عام 2008. وهناك توصيف مشابه في أغنية If Darkness Had a Son، نجد من خلالها قالبًا مشابهًا، يسلط الضوء على مسارات تكوينية جذابة، كانت قد اتسمت بها الفرقة في بداياتها، وهي مستوحاة من فرق بريطانية انتشرت مع بداية عصر الميتال سبعينيات القرن الماضي، كفرقة "دياموند هيد" و"آيرون ميدن".
تقود الفرقة مشروعها الموسيقي بوتيرة أقل توقعًا. أغان ذات بصمة كئيبة ووتيرة عادية وتقليدية، تفرجها الأغنيات اللاحقة في الإصدار. وهو ما نجده في أغنيات مثل Lux Eterna وChasing Light وToo Far Gone.

هناك أنماط موسيقية مدمجة مع موسيقى الميتال، ستعيد توازن الخطاب الديناميكي الذي تريد الفرقة الحفاظ عليه. وستسمح بتناول وجبة موسيقية لذيذة تناسب محبي موسيقى الروك والهارد روك؛ إذ نجد في عدد من الأغنيات شكل التناغم الموسيقي، والتوازن اللحني والأدائي فيها، بما يسمح بتقديم إضافة جديدة تحافظ على إيقاع الألبوم بشكل عام. إلا أن ذلك لن يجعلها في منأى عن المقارنة أمام موجة التحولات الموسيقية التي اتبعتها في إصداراتها الأخيرة، والانتقادات التي طاولتها، بعد أن خرجت الفرقة عن الشكل الأساسي في موسيقى الميتال التي تتميز بالغضب والانفعال والتمرد والمشاعر الطاحنة والعنيفة.
نستمع لهذه الأنماط في عدد من الأغنيات مثل Inamorata وYou Must Burn وSleepwalk My Life a Way.

المساهمون