Dance Dance Danseur: راقص باليه ضد بحيرة البجع
لم يحظ أنمي Dance Dance Danseur بشعبية عالية، أو حتى انتباه كافٍ، بوجوده الخجول في موسم ربيع 2022 الذي تفوقت فيه الأعمال الكوميدية، مثل Spy x Family في الصدارة، والموسم الثالث من Kaguya Sama، والثاني من Komi Can't Communicate؛ فالقصة الترويجية لا تبدو مثيرة للاهتمام كثيراً، والرسم ليس مبهراً. يمكن اعتباره واحداً من الأعمال التي تنتظر فئة معينة من المشاهدين فقط.
اقتباساً عن مانغا تحمل الاسم نفسه (Dance Dance Danseur)، من تأليف جورج أساكورا، يقدم استوديو MAPPA بإخراج مونيشسا ساكاي، حكاية جونبي الذي ينبهر في طفولته براقص باليه، ويقرر أن يكون مثله. لكنه يكتشف أن الأمر ليس بهذه السهولة للذكور، فالباليه للفتيات، وأي صبي يدخل إليه سيوصم. ينجرف جونبي مع الذكورية السامة ليتحول إلى "رجل حقيقي"، كما ينبغي له أن يكون. يلعب كرة القدم في المدرسة، ورياضة جيت كون دو، ليحذو حذو والده كمنسق مجازفات.
مع ذلك، يجيد جونبي بعض حركات الباليه التي لا يمكن لأحد تمييزها على أنها باليه سوى عين خبيرة. وهذه العين الخبيرة تلتقطه في مدرسته الثانوية مصادفة، لتجبره على الاشتراك في دروس باليه استعداداً لعرض بحاجة إلى شاب.
في الحلقات الأولى، يصارع جونبي الذكورية السامة التي حرمته حلمه، فبعد وصوله إلى مرحلة لجأ فيها إلى خيارات تظهره رجولياً في المجتمع، لم يكن راضياً تماماً، لكن التخلي عمّا اختاره لصناعة شخصيته المثالية، كشاب قوي ورجولي، ليس خياراً، خصوصاً في المجتمع الذي يحول أي شيء إلى فضيحة، وطلاب المدارس الذين يؤذون أي شخص يبدو ضعيفاً ومختلفاً. مثل الحكاية الترويجية، تظهر الحلقات الأولى، أن العمل يدور حول الذكورية السامة، لكن هذه كانت الطبقة الأولى فقط، أو القشرة.
في منتصف العمل، ينتهي هذا الصراع. فبمجرد أن يعترف البطل بتلقيه دروس باليه، ينتقل إلى العالم الآخر، عالم الفن الأكثر سمية. اللحظة الفارقة، أو الذروة التي تنقلنا إلى القسم الثاني، كانت العرض الذي قدمه استوديو الباليه أخيراً ضمن مسابقة. فصل من "بحيرة البجع". كان جونبي يرى أن قصة "بحيرة البجع" مملة أصلاً، ومع معايشة الدور، أضاف بارتجاله تشويقاً نال إعجاب الجمهور. لكن، في فن كهذا، إعجاب جمهور غير خبير ليس شيئاً جيداً.
يحاول جونبي استكشاف ماهية الباليه، ليلتقي في مدرسة راقية بعدة شبان يدرسون الباليه، ويتنافسون على منحة لصف النخبة. لم يكن أحد من هؤلاء الشبان يختلف عن أي شاب آخر، ولم تعد لفكرة أن الباليه فن أنثوي أي معنى هنا. مع اختلاف المحيط يتغير الصراع، ليتحول إلى تنافسية شديدة بين عدّة شبّان. تتخذ المنافسة منحىً مؤذياً يتضمن المؤامرات لتحطيم المنافسين، فاحتراف الباليه ليس خياراً سهلاً للطبقة المتوسطة، والمنحة هي الحل الوحيد.
الجسد المناسب
هذا ليس أنمي شونين رياضيا، لا يمكن للبطل أن يتدرب ببساطة ويصبح اللاعب الأفضل بالإرادة والطموح، فالباليه يتطلب معايير أكثر تعقيداً. لحل هذه المعضلة، خلق المؤلف المصادفات المناسبة للبطل، ليكون بطل الأنمي المعتاد الذي يتبع حلمه.
في البداية، يصطدم البطل بفكرة فوات الأوان على تعلم الباليه بجدية، لأن كان عليه البدء من عمر العاشرة أو أصغر، وإلا لن يعود صالحاً للرقص. ولتجاوز ذلك، كانت ممارسة جونبي لرياضة جيت كون دو قد منحته اللياقة اللازمة. كما أنه يمتلك القدم المثالية، وشكل الساقين المثالي وكذلك طول الرقبة. وكل ما يفتقر إليه كان الطول. اكتشاف الفتاة له كان صدفة بحتة أيضاً. مع ذلك، كانت الحبكة رشيقة جداً، لتظهر لنا معاناة الشخصيات الأخرى مع هذه المعايير.
لا تؤثر هذه المعايير على الأفراد فحسب، يكتشف جونبي أن أعراقاً بأكملها قد لا تناسب معايير الباليه الأوروبي. فمهما عمل الياباني وتدرب، لا يمكنه أن يجاري الجسد الأوروبي الذي صنع هذه المعايير، ويصطدم بعالم كامل من الإحباط والأحلام المحطمة للشخصيات، وصلت بإحداهن الزواج من رجل روسي لتنجب طفلاً مثالياً للباليه، وتحقق حلمها من خلاله. مع المصادفات والشخصيات المختلفة، تعيش الشخصيات الرئيسية ما عاشه أبطال بحيرة البجع، لنرى حياتهم نفسها أثناء التدريبات على المشهد الختامي المأساوي من باليه بحيرة البجع.
تحملت الحبكة كل هذه التفاصيل ببساطة، من دون تعقيدات زائدة، وهذه الحبكة هي الميزة الأكبر للعمل.
Dance Dance Danseur ليس مجرد أنمي رقص آخر، وليس عملاً مسلياً خفيفاً. احتواؤه على الكثير من مشاهد التنمر الطويلة، وذكريات العنف، والأحلام المستحيلة لأسباب اقتصادية أو جسدية، يجعلانه عملاً قاسياً رغم الطريق السهل -نسبياً- الذي سار عليه البطل. وإن كان يمكن مقاربته لعمل آخر، فسيكون Blue Period الذي صدر هذا العام أيضاً، ويدور حول الرسم. إنه عمل عن دخول مجال الفن، وليس مجرد إبهار بصري راقص.
عيون أكبر وأجساد أصغر
تصميم الشخصيات الغريب كان عاملاً مساعداً في حبكة العمل. لا يمكن وصف الشخصيات بالجذابة التي يسهل الإعجاب بها. يمكن اعتبار خيار تصميم الشخصيات خياراً عملياً بحتاً، انطوى على مخاطرة كبيرة، لاختلافه قليلاً عن المعتاد. الأجساد النحيلة لإظهار حركات الباليه، والعيون الغريبة الكبيرة جداً، للتعبير عند الرقص، وفي الحياة.
غرابة تصميم الشخصيات، لم تكن فقط في شكل الجسد أو الحجم، فالجسد النحيل مع العيون الكبيرة كان معتاداً في أعمال كلاسيكية مثل Sailor Moon. الجديد، هنا، هو إضافة نصف دائرة باللون الأبيض داخل العين، ومن البديهي أن يكون هذا الخيار للمساعدة على التعبير. ربما ارتأى المخرج أن الدوائر البيضاء القديمة صارت مستهلكة، وقرر اختيار نمط جديد. نصف الدائرة هذا مكان للدموع التي تعلق في العين، لنلاحظ عواطف الشخصيات بسهولة.
ينطوي خيار كهذا على مخاطرة كبيرة في عالم الأنمي الذي يحتوي العديد من الشخصيات المحببة بتفاصيل غريبة لكن لا تخرج عن الألفة التي كوّنها المشاهد. استوديو MAPPA اختار مخرج العمل بذكاء، لمقاربة الرسم في المانغا الأصلية، وإظهارها بأفضل شكل ممكن بالدمج بين نمط قديم وبعض التجديد. كان المخرج مونيشسا ساكاي الذي سبق وأن عمل على Sailor Moon Crystal -نسخة حديثة من الأنمي- وعلى أحد أفلام One Piece، ذي الرسم الغريب أيضاً، خياراً مناسباً تماماً.
تابع آخر أخبار العربي الجديد عبر Google News
