592 وسيلة إعلامية في مرمى هيئة الإشراف على الانتخابات في لبنان

03 اغسطس 2022
أجريت الانتخابات النيابية في مايو/أيار الماضي (حسين بيضون)
+ الخط -

أحالت هيئة الإشراف على الانتخابات في لبنان 592 وسيلة إعلامية على محاكم المطبوعات، بسبب مخالفات متعلقة بالاستحقاق النيابي لعام 2022، من "تشهير وقدح وذمّ، ومخالفات استطلاع الرأي، وخطاب كراهية (تخويف، تهويل، تخوين وغيره)، وخرق الصمت الانتخابي"، على أن تصدرَ تقريرها النهائي المفصَّل لاحقاً.

الانتخابات النيابية أجريت في لبنان في مايو/أيار الماضي، وسط أسوأ أزمة اقتصادية تشهدها البلاد.

وعلم "العربي الجديد" أن كل وسائل الإعلام المرئية وكبرى التلفزيونات في لبنان، من دون استثناء، ارتكبت مخالفات، وأحيلت على محكمة المطبوعات، إلى جانب وسائل إعلام مكتوبة ومواقع إلكترونية وغيرها، في وقتٍ تحدّثت تقارير عدّة عن تحقيق الإعلام اللبناني في فترة الانتخابات أموالاً طائلة بينما كان يعاني اقتصادياً بفعل الانهيار، والقسم الأكبر منها سُدِّد بما يُعرَف بـ"الفرش دولار" ونقداً، وقد تخطى الظهور الإعلامي قبل فترة الصمت المائة ألف دولار على كل ساعة "هواء".

يقول رئيس هيئة الإشراف على الانتخابات، نديم عبد الملك، لـ"العربي الجديد"، إن "تقريراً نهائياً سيصدر لاحقاً يذكر التفاصيل كافة وأسماء الوسائل الإعلامية المحالة على محكمة المطبوعات، لكن حرصاً على الشفافية واستناداً إلى أحكام قانون حق الوصول إلى المعلومات، أرادت الهيئة أن تظهر بعض المعطيات لديها، ولجم الاتهامات التي تطاولها بأنها منغلقة على نفسها".

ويشير عبد الملك إلى أن "المخالفات كلها تندرج أولاً في إطار مخالفات استطلاعات الرأي وخرق الصمت الانتخابي". ويضيف: "خطوتنا هذه لا تصب في دائرة نيتنا إقفال وسائل إعلام أو الوقوف بوجه حرية الرأي والتعبير، بل نحن نطبق القوانين ضمن الصلاحيات الممنوحة لنا، خصوصاً أن الأحكام عادة يجب أن تشكل رادعاً لمنع تكرار المخالفات".

كانت الهيئة أحالت، عام 2018، 45 وسيلة إعلامية على محكمة المطبوعات، وتعرضت ــ بحسب عبد الملك ــ لاتهامات بأنها تحارب حرية الرأي وتعمل على إفقار وسائل الإعلام، وقاد الحملة يومها وزير الإعلام السابق النائب الحالي ملحم الرياشي. ووجهت حينها ثلاثة كتب لطلب تجميد الإحالات، وحتى اليوم لم يصدر أي قرار.

اعتبر حينها الرياشي أن الاتهام الصادر من الهيئة بحق عدد من وسائل الإعلام بمخالفة الصمت الانتخابي لا يستند إلى دليل أو حيثية مقنعة، وهي "تساهم في التضييق المالي على المؤسسات الإعلامية، وتلغي ميزة لبنان كبلد للحريات العامة والإعلامية".

لكن عبد الملك يقول: "نحن نقوم بواجباتنا، وعلى الجهات المعنية بدورها أن تقوم بواجبها، خصوصاً أن عدم صدور أحكام بحق المؤسسات الإعلامية يشجّع على التفلّت، وهو ما شهدناه عام 2022".

ويلفت إلى أن "شراء الضمائر، والمال الانتخابي، لعبا دوراً كبيراً هذه الدورة، يفوق بكثير استحقاق عام 2018، لكن من الصعب ضبطها باعتبار أن الأموال تدفع نقداً، وهذا الجرم يدخل في نطاق الرشوة التي تكون بين شخصين، وعلى أحدهما الإبلاغ عنها عند حصولها، وإلا لا يمكن كشفها سوى في حال الجرم المشهود".

ويفيد عبد الملك بأن الهيئة أحالت 25 شكوى جزائية إلى النيابات العامة كافة في لبنان، تتضمن رشاوى وعرقلة العملية الانتخابية وغيرها من الجرائم الجزائية.

وتبعاً للقانون الانتخابي، فإن هيئة الإشراف تحيل الوسيلة الإعلامية المخالفة إلى محكمة المطبوعات المختصة التي يعود لها اتخاذ ما تراه مناسباً من التدابير، منها مثلاً فرض غرامة مالية على الوسيلة المخالفة تتراوح قيمتها بين 50 و100 مليون ليرة لبنانية (سعر الصرف الرسمي للدولار 1507 ليرات، والسعر في السوق السوداء يتخطى 30 ألف ليرة)، ووقف الوسيلة المخالفة عن العمل جزئياً مدة لا تتعدى ثلاثة أيام بما يشمل البرامج والنشرات والمقابلات والندوات السياسية والإخبارية.

كانت منظمات ومؤسسات معنية بالملف الانتخابي قد لفتت، في أكثر من تقرير، إلى أن الأحزاب التقليدية سيطرت على المشهد الإعلامي وحظيت بالحجم الأكبر من التغطيات الإخبارية والبرامج الحوارية، كما رصدت غياب التثقيف الانتخابي عن محطات التلفزيون.

يفرض القانون الانتخابي على وسائل الإعلام الالتزام بلائحة أسعار تقدمها لهيئة الإشراف، وعدم بث خطاب الكراهية، وعدم فتح هوائها لاستطلاعات الرأي إلا وفق أصول وشروط محددة، وأن تبرز بوضوح الدعايات والإطلالات مدفوعة الأجر، على أن تحترم الصمت الانتخابي الذي يبدأ قبل يوم من موعد الانتخابات، وغيرها من الإجراءات الواجب التقيد بها، والتي تخرق دائماً عند كل استحقاق حتى من قبل وسائل إعلام رسمية تمثل الدولة اللبنانية، وهي تعاني اليوم من أزمة مالية حادة ترتد سلباً على الموظفين والعاملين فيها.

المساهمون