يتواصل توقيف الصحافي والمدون عقيل العواودة، لدى الأمن الفلسطيني، لليوم الثالث على التوالي، وسط مطالبات بالإفراج الفوري عنه وعن عشرات المعتقلين السياسيين.
وشارك العشرات من الفلسطينيين، مساء اليوم السبت، في وقفة منددةٍ بالاعتقال السياسي، على دوار المنارة، وسط مدينة رام الله.
ورفع المتظاهرون لافتات كتب عليها "كفى يا سلطة"، إلى جانب صور للصحافي عقيل العواودة، الذي اعتقل الخميس، بعد ساعات من انتقاده في منشورات على "فيسبوك" نفي السلطة الفلسطينية وجود معتقلين سياسيين بسجونها.
كما هتف المشاركون بشعارات تطالب بالإفراج الفوري عن الصحافي ومعتقلين آخرين، لا سيما طلبة جامعة بيرزيت، واعتبروا الاعتقال السياسي "خنجراً مسموماً في نسيجنا الوطني" وطالبوا بإنهائه.
وجاءت الوقفة تزامناً مع ارتفاع وتيرة الاعتقالات التي تشنها الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية المحتلة، والتي تطاول طلبة الجامعات والنشطاء والحقوقيين والصحافيين، لا سيما ثلاثة من طلبة جامعة بيرزيت، بينهم رئيس مجلس الطلبة، عبد المجيد حسن.
في السياق، طالب عمر عساف، منسق المؤتمر الشعبي الفلسطيني- 14 مليون، باسم زملائه كما قال؛ من جميع "القوى والفصائل المدعوة إلى اجتماع الأمناء العامين للفصائل في القاهرة بعدم الذهاب ما دام هناك معتقل سياسي واحد".
وقال في كلمة قصيرة له: "ما لم توقف الملاحقات، فإن ذهابهم يعتبر أقل من الواجب بكثير".
عساف شدد في حديث لـ"العربي الجديد"، على ضرورة "عدم ذهاب الفصائل الفلسطينية إلى اجتماع القاهرة في حال استمرت الاعتقالات السياسية".
وقال إنه من "العار أن تذهب الفصائل وهناك معتقلون بذريعة مخالفة القانون أو تحت ذريعة إثارة نعرات وهذا معروف أنه كذب، وحتى في حال إنهاء ملف الاعتقال ينبغي قبل ذهابها أن يكون التنسيق الأمني مع الاحتلال قد أوقف".
ورأي عساف أن "اعتقال العواودة وآخرين من المدافعين عن حرية الرأي، والمقاومين، يعكس أزمة تعيشها السلطة الفلسطينية، وعزلة عن الشعب والمجتمع وقضاياه وهمومه".
وفيما أشار إلى أن "الاعتقالات تأتي على أبواب لقاء القاهرة"، تساءل عن الذي "سيناقش في القاهرة إن كان هناك معتقلون سياسيون محسوبين على تلك الفصائل المشاركة".
من جهته، أكد رئيس لجنة الحريات في الضفة الغربية وأمين عام المبادرة الوطنية الفلسطينية، مصطفى البرغوثي، لـ"العربي الجديد"، أن "الإفراج عن المعتقلين السياسيين هو المؤشر الحقيقي لمدى نجاح اجتماع الأمناء العامين للفصائل".
وطالب في الوقت ذاته بصفته رئيساً للجنة الحريات بالإفراج عن الصحافي العواودة، قائلاً "لا يجوز بأي حال من الأحوال أن يعتقل أحد لحرمانه من حقه في حرية الرأي والتعبير".
وتعليقاً على اعتقال العواودة، على خلفية انتقاده تصريحات الناطق باسم الأجهزة الأمنية الفلسطينية اللواء طلال دويكات بعدم وجود معتقلين سياسيين لدى الأمن الفلسطيني، قال البرغوثي: "إن الادعاء بأنه لا يوجد اعتقال سياسي في غير مكانه وغير صحيح وغير مقبول".
وأشار البرغوثي في معرض حديثه، إلى أن "بعض الاعتقالات لها طابع يتعلق بحرية الرأي والتعبير، لأناس اعتقلوا على منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي"، مشدداً على أن "مبدأ الاعتقال السياسي مرفوض".
في حين، وجه طلعت علوي، مدير إذاعة الرقيب التي يعمل بها الصحافي العواودة، رسالة إلى من اعتقله عبر "العربي الجديد"، قائلاً "رسالتي لمن اعتقله: إن هذا الصحافي شجاع، مناضل، صاحب كلمة حرة، وأن دوام الحال على هذا الحال من المحال".
وأردف علوي: "سواء كان اعتقاله لعمل إذاعي أو لرأي خاص متعلق بتصريح حول المعتقلين السياسيين، فكنت أتمنى على المسؤول أن يواجهه بمسؤولية، وأن يطلع ويكاشف شعبه بكل بساطة، لأن حبل الكذب قصير، والأمور لا تكون بهذا الشكل، ونحن شعب واعٍ ومثقف".
ورأى أنه لا يعتقد "أن تصريحات العواودة أو تعليقاته والتي كانت خارج إطار الإذاعة، قد حملت إساءة لأي مسؤول أو إنسان، بل بالعكس كان يحاول أن يكون بقمة المهنية، لكنه يتحدث بصراحة وجرأة وهذه عقيدة الصحافي، فهو إن فقد عقيدته وصراحته وجرأته ومهنيته، ما عاد صحافياً".
وحول زيارة فريق مجموعة "محامون من أجل العدالة" و"الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان"، أمس، للعواودة، قال مدير المجموعة المحامي مهند كراجة، لـ"العربي الجديد"، إن الزيارة اقتصرت على أخذ توقيعه على التوكيل، لكن الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان تمكّنت من الحديث معه بسلاسة، واصفاً معنويات العواودة بالعالية، لكنها ليست في أحسن الأحوال لأنه معتقل.
وأكد كراجة أن العواودة استهجن التهمة التي وجهت إليه من وكيل النيابة، خلال جلسة سبقت حضور المحامي، وهي تهمة إثارة النعرات الطائفية، استناداً إلى قرار بقانون الجرائم الإلكترونية.
وبحسب كراجة فإن قانون الجرائم الإلكترونية أصبح يستهدف كل نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي والصحافيين.
وأشار إلى أن الأمن يواصل توقيف عدد من المعتقلين السياسيين، من بينهم اثنين من المطاردين للاحتلال، وقد كانا أبلغا المجموعة في زيارة سابقة بنيتهما الإضراب عن الطعام، في حال عدم الإفراج عنهما، لكن المجموعة لم تتمكن من زيارتهما لاحقاً والتأكد من دخولهما في الإضراب، إضافة إلى ثلاثة معتقلين من طلبة جامعة بيرزيت، ومعتقلين في مدن مختلفة.
من جهة ثانية، أكدت ندى الجيوسي، والدة المعتقل عبد المجيد حسن، رئيس مجلس طلبة جامعة بيرزيت لـ"العربي الجديد"، أن العائلة لا تستطيع زيارته سوى خلال جلسات المحكمة المخصصة لتمديد توقيفه.
وقالت إنها "تخرج في كل مرة وقلبها مقبوض تشعر بحزن شديد وقهر مما تراه، حيث يكون مكبل اليدين".
واعتبرت الجيوسي أن ما يحصل معه من محاكمة بمثابة مسرحية، حيث تطلب النيابة في كل مرة بالتمديد لجمع بيانات تدين نجلها، لكنها تأتي خلال الجلسة التي تليها دون تلك البيانات.
ورأت أن "الاعتقال ما هو إلا نكاية بالديمقراطية التي جرت في جامعة بيرزيت، والتفاف على الانتخابات".