توفي اليوم الفنان المصري سمير صبري عن 85 عاماً بعد صراع مع مرض السرطان، علماً أنه يتلقى العلاج الكيميائي منذ أكثر من عام، ما أثر سلباً على صحته، خصوصا قلبه.
خمسون عاماً قضاها سمير صبري مشغولاً بالفن، فكان ممثلاً ومغنياً وراقصاً، ولديه فرقة استعراضية، ومقدم برامج. كان أشبه بموسوعة فنية تضم في أروقتها ذكريات كثيرة سعيدة وحزينة مع أهل الفن في حقب مختلفة.
ولد محمد سمير جلال صبري في 27 ديسمبر/كانون الأول عام 1936، في مدينة الإسكندرية الساحلية، ثم انتقل إلى العاصمة القاهرة للعيش مع والده عند انفصال والديه، وسكن في المبنى نفسه الذي كان يقطنه المطرب عبد الحليم حافظ (1929 - 1977) حيث التقيا هناك لأول مرة. اشترك في برنامج "ركن الطفل" مع الفنانة لبنى عبد العزيز، وساعدته إجادة اللغات الأجنبية على تقديم برنامج "النادي الدولي" الذي انتقل نجاحه من الإذاعة إلى التلفزيون.
في أرشيفه السينمائي أكثر من 130 فيلماً، استطاع من خلالها أن يقدم توليفة فنية ما بين التراجيديا والكوميديا، وتخللت بعضها أغنيات مبهجة مثل "سكر حلوة الدنيا سكر"، و"محتار أنا ويّا البنات"، وغيرهما.
من أشهر أفلامه "حب وكبرياء" (1972) أمام نجلاء فتحي ومحمود ياسين، و"البحث عن فضيحة" (1973) مع عادل إمام وميرفت أمين، و"جحيم تحت الماء" (1989) مع عادل أدهم، و"بالوالدين إحساناً" (1976) مع فريد شوقي.
وعلى الرغم من حبه للسينما والغناء وتقديم البرامج التلفزيونية، فإن عمله في بدايته الفنية كان وراء ميكرفون الإذاعة الذي كان الأقرب إلى قلبه. كان دائماً يقول إنه بينه وبين الميكروفون الإذاعي عشق كبير لا ينتهي، حتى إنه قبل رحيله بوقت قليل كان يقدم برنامجاً إذاعياً أسبوعياً عنوانه "ذكرياتي"، وسجل آخر حلقاته مع الممثلة ليلى علوي من المستشفى.
وقدم أيضاً برامج "النادي الدولي" و"هذا المساء". وقال سابقاً إن أصعب الحوارات التي قدمها كان مع الجاسوسة الاسرائيلية انشراح موسى، لأنها شخصية مكروهة، وكان مجبراً كمذيع على احترام وجودها رغم كرهه لها، وذلك بطلب من الداخلية المصرية. كما أجرى حواراً مع الحاكم السابق لسلطنة عُمان السلطان قابوس، والسياسي الأميركي هنري كيسنجر، والرئيس العراقي الراحل صدام حسين، ومع الملكة فريدة. حواره مع الملكة فريدة لم يعرض وقتها، إذ رأى البعض أنه دعوة إلى عودة الملكية، لكنه بث بعد سنوات. حاور أيضاً عدداً كبيراً من المشاهير والأعلام، منهم الموسيقار محمد عبد الوهاب والشاعر أحمد رامي والبابا شنودة والممثلة أمينة رزق.
وإن كان سمير صبري قد قدم نحو 50 مسلسلاً، أبرزها "أم كلثوم" و"قلب الدنيا" و"حضرة المتهم أبي" و"قضية رأي عام" و"حق مشروع"، إلا أنه صرح في لقاء له بأنه لا يحب الأعمال التلفزيونية لما فيها من تطويل شديد في الجمل الحوارية تبعث على الملل. وكانت آخر مشاركات الفنان سمير صبري التلفزيونية في مسلسل "فلانتينو" مع عادل إمام عام 2020.
حياة سمير صبري الشخصية كانت مليئة بالمغامرات، إذ ارتبط عاطفياً ببعض زميلاته، وبينهن الممثلة نجلاء فتحي، ونيللي التي لم تبادله المشاعر نفسها. لكنه تزوج مرة واحدة فقط، وزوجته لا تعمل في الوسط نفسه. حين تزوج سمير صبري كان في العشرين من عمره، وذلك مباشرة بعد تخرجه من كلية الآداب، من امرأة إنكليزية تعمل مدرسة. الزواج كان من دون علم أهله، وتحديداً والده الذي كان يعمل في الجيش المصري، وكان يخشى صبري ردة فعله ومعارضته الزواج من إنكليزية. واستمر الزواج فترة قصيرة لأنها لم تحب أو تتأقلم مع حياته كفنان، حتى إنها سافرت إلى لندن، وأنجبت هناك، وانتظرها لكنها لم تأت، وطالبته بأن يسافر إليها، إلا أنه رفض متمسكاً بطموحاته الفنية في بلده مصر.
لكن الفنان الطموح لم يخف ندمه على قراراته هذه، وقال سابقاً إنه كان سيحاول التوفيق بين عائلته ومسيرته الفنية. وأفصح أن زوجته السابقة توفيت، وأن نجله يعمل طبيباً في العاصمة البريطانية لندن ولديه ثلاثة أبناء. وقد أصدر قبل عامين مذكراته تحت عنوان "حكايات العمر كله" عن الدار المصرية اللبنانية في القاهرة.
وكوّن فرقة استعراضية ظلت على مدى سنوات الفقرة الرئيسية في كبرى الحفلات والسهرات، وفي عام 2021، تبرع بكامل ملابس هذه الفرقة لمسرح البالون.
صبري خاض صراعاً شرسا مع المرض لسنوات، ولم يكن يعلم عنه أحد، إذ كان يخضع للعلاج الكيميائي بعدما هاجمه مرض السرطان، وكان حاضراً دوماً في الاحتفالات والتجمعات الفنية، ولم يتأخر يوماً عن مساعدة أحد. وظل يصارع المرض وحده، حتى غلبت على ملامحه علامات الألم، لكنه لم يتخل عن ابتسامته. ولكن قبل أشهر، أعلن المقربون منه أنه يعاني من أزمة صحية في القلب تستدعي تدخلاً جراحياً، ودخل بالفعل إلى المستشفى، ولكن لم ينجح الأطباء في إجراء العملية، لأن التحاليل التي أجراها لم تكن تسمح بذلك. وعاد سمير صبري إلى بيته مغادراً المستشفى، وقام بتسجيل بعض الحلقات من برنامجه الإذاعي "ذكريات"، ليختم به حياته ومشواره الفني الذي امتد أكثر من خمسين عاماً.
عقب انتشار خبر الوفاة، نعى الكثير من الفنانين والصحافيين المصريين والعرب الفنان سمير صبري عبر صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، وبينهم المغنية لطيفة التونسية والممثلة هند صبري والمغني محمد محسن والفنانة شريهان والمغنية أنغام وإليسا وأيمن بهجت قمر ودندراوي الهواري وميريام فارس والروائي إبراهيم عبد المجيد وكارول سماحة وعمرو الليثي وهاني شاكر وهيفا وهبي وبيومي فؤاد وسيمون، وغيرهم.