نعى كُتّاب وصحافيون ومثقفون سوريون الشاعر والصحافي والكاتب السوري، حكم البابا، الذي توفي في دبي اليوم الأحد، عن عمر ناهز 62 عاماً بعد صراع مع المرض.
والراحل من مواليد مدينة حماة وسط سورية عام 1961، حاصل على دبلوم في التأهيل الإعلامي، وإجازة في الفنون المسرحية قسم النقد.
وعُرف البابا بمعارضته الشديدة لنظام الحكم في سورية، وكانت مواقفه مثار جدل بسبب طبيعتها الحادة ضد النظام، والتي يعتبرها البعض طائفية. وكان آخر ما كتبه على حسابه في "فيسبوك": "ربما أصبحت قديماً أو أعيش على أطلال الماضي.. لكنني أعتبر الثورة السورية أهم ما عشته في حياتي، وأنها ستنتصر إن لم تكن قد انتصرت فعلاً".
وقال الكاتب نجم الدين سمان في صفحته على "فيسبوك": "كان الضجيج يأتي مع قدوم حَكَم إلى أيّ مجلسٍ نحنُ فيه، ويرحل مع رحيله. تلك هي شخصيتُه على الدوام. أكثر مِن مُشاغب، وأقل من حكيم. شِعرُه، ومقالاته المشاغبة؛ وكتاباته الدرامية للتلفزيون ستبقى، بينما يرحل حكم البابا وفي قلبه غصّةٌ، وفي حلقه كتلة شوك من كلّ بلاءٍ لا يزال يحصد أرواح السوريين".
وكتب المعارض السوري ماهر شرف الدين: "بينما أراد النظام الديكتاتوري للصحافيين السوريين أن يكتفوا بالجلوس في المدرّجات وتشجيعه كلاعبٍ وحيد، قفز حكم البابا من على السور الفاصل بين المُدرجات وأرض الملعب ليُسجّل هدفاً".
وقال الشاعر السوري فادي جومر: "مات اليوم حكم البابا.. واحد من أوضح النخب السورية تعبيراً عن واقع الذهنية "النخبوية" اللي انتجها المجتمع السوري، وعززها النظام الأسدي".
وكتب الصحافي محمد منصور: "أنعي لكم صديقاً لم ألتقِ به منذ اثني عشر عاماً، صديقاً ربطتني به صداقة امتدت على مدى ما يقرب من عقدين من الزمن، كانت فيها لقاءاتنا شبه يومية، وكانت أحلامنا شبه متطابقة، وكانت همومنا كأنها وزعت بيننا بالتساوي. عشنا معاً على الحلوة والمرة: صحافيان متمردان في منظومة الإعلام السوري الفاسدة والمدجنة. يُمنعان من الكتابة هنا، ويُطردان من هناك، ويبحثان عن أفق جديد خارج الحدود، فيفتح أمامهما مرة. ويغلق مرات".
وأضاف: "كان حكم صحافياً عاشقاً للصحافة بكل جوارحه، كان يتنفس صحافة، كأنه خلق لهذه المهنة بالفطرة.. كان موهوباً بحق، وكاتباً درامياً شجاعاً استطاع أن يترك بصمات في الكوميديا التلفزيونية السورية".
وقال الصحافي السوري أكرم خزام: "حكم البابا رجل الاختلاف بلا منازع. يمكن له أن يصبح صديقك بلحظة، وبلحظة مماثلة يمكن له أن يغادر صداقتك. جمع بين الشعر وكتابة السيناريو والعمل الصحافي. جدلي بامتياز. شخصياً، اختلفت معه كثيراً بخصوص مواضيع عدة، لكن لم يؤد هذا الاختلاف إلى قطع العلاقة بيننا".
وكتب الشاعر حسان عزت: "حكم البابا، الشاعر المتمرد الصارخ المشاغب الواقف وحده على يسار الجميع، مع الثورة وناقدها وناقد معارضتها، والنافذ والناقد المر المعارض ضد نظام إبادة. ضد الجميع ويهاجم الجميع، ولا يستمر طويلاً في صداقة أو العلاقة مع أحد، وكل إشكالات الخلاف معه ستكون بسبب طرفه ومواقفه الشخصية وكتاباته المحكومة بالإثارة، والتطرف والاستفزاز، ليقول أنا هنا اكرهوني وأرهبوني وثوروا علي، وفي أعماق كتاباته فهي تدخل في الاختلاف ووجهات النظر المقاتلة".
ولفت عزت إلى أن تجربة البابا الشعرية لم تقرأ جيداً، وقال: "حكم بمواقفه المتطرفة المشاغبة له دور في ألّا تقرأ تجربته الشعرية بعمق ونقدية مكافئة لها وتستحقها، هو الذي عادى الجميع، ولم يترك له في الساحة إلا أصدقاء عدداً".
وقال الكاتب اللبناني يحيى جابر: "غادرنا حكم البابا الشاعر المشاكس الغاضب المتطرف الحنون الصحافي السيناريست العدو العاشق الكاره الكريم الضاحك السوري الأموي العروبي المذهبي المختلف. كان صديقي ومات اليوم".
من أبرز أعمال حكم البابا "كتاب في الخوف: شاهد عيان على الصحافة السورية"، الذي صدر في طبعتين متتاليتين في إبريل/نيسان 2005 وسبتمبر/أيلول 2005.
كما أصدر سبعة دواوين شعرية هي: "عصيان" 1982، و"مرّ من هنا" 1984، و"أكبر من جحيم، أصغر من تنور" 1985، و"عم صباحاً أيها الشقي" 1985، و"سورة ريم" 1986، و"سيرة العائلة" 1989، و"ما تبقى من كلام" 1991. كما أصدر سيناريو مسلسله التلفزيوني "أحلام أبو الهنا" في كتاب مطبوع عام 1997.
وكسيناريست له خمسة مسلسلات، أولها "عيلة خمس نجوم"، و"أحلام أبو الهنا" بالاشتراك مع سلمى كركوتلي 1996، و"عائلتي وأنا" 1999، و"قلة ذوق وكترة غلبة" 2003، و"أيام الولدنة" 2007.