استمع إلى الملخص
- **تحديات داخلية وصراع حول الأهداف**: تواجه الشركة تحديات داخلية وصراعاً حول هويتها وأهدافها، مع مغادرة موظفين رئيسيين وخلافات حول توجهاتها بين الإدارة والباحثين.
- **مخاوف حول الأمان والربحية**: قدم مبلّغون شكوى تتهم "أوبن إيه آي" بوضع الربح قبل السلامة، مع مخاوف من عدم الالتزام ببروتوكول الأمان، وتجدد دعوى قضائية من إيلون ماسك ضد الشركة.
تُجري شركة أوبن إيه آي الأميركية الناشئة البارزة في مجال الذكاء الاصطناعي تغييرات جوهرية على فريق إدارتها وطريقة تنظيمها، وسط سعيها لجذب الاستثمارات من بعض أغنى الشركات في العالم. على مدار الأشهر القليلة الماضية، ضمت الشركة المطورة لبرنامج "تشات جي بي تي" مجموعة من كبار المسؤولين التنفيذيين في مجال التكنولوجيا وخبراء في مجال مكافحة التضليل وباحثين متخصصين في سلامة الذكاء الاصطناعي. كما أضافت سبعة أعضاء في مجلس الإدارة، بما في ذلك جنرال كان يدير وكالة الأمن القومي الأميركية، في حين جددت الجهود لضمان عدم تسبب تقنيات الذكاء الاصطناعي الخاصة بها في أضرار جسيمة. تجري "أوبن إيه آي" أيضاً محادثات مع مستثمرين مثل "مايكروسوفت" و"آبل" و"إنفيديا" وشركة الاستثمارات ثرايف، بشأن صفقة تقدر قيمتها بمائة مليار دولار. وتدرس الشركة إجراء تغييرات على هيكلها المؤسساتي من شأنها تسهيل جذب المستثمرين. وتحاول الشركة، بعد سنوات من الصراع العلني بين الإدارة وبعض كبار الباحثين فيها، أن تبدو كأنها شركة عملية مستعدة لقيادة مسيرة صناعة التكنولوجيا نحو الذكاء الاصطناعي، كما تحاول صرف الانتباه عن المعركة البارزة التي نشبت العام الماضي حول إدارة رئيسها التنفيذي سام ألتمان.
لكن مقابلات أجرتها صحيفة نيويورك تايمز هذا الأسبوع، مع أكثر من 20 موظفاً وعضواً حاليين وسابقين في مجلس إدارة "أوبن إيه آي" تظهر أن خطط الشركة تواجه عراقيل؛ يواصل الموظفون الأوائل مغادرة الشركة، حتى مع انضمام زملاء ومديرين تنفيذيين جدد. ولم يجب النمو السريع عن سؤال أساسي حول ما يفترض أن تكون عليه شركة أوبن إيه آي: هل هي مختبر ذكاء اصطناعي متطور لصالح البشرية، أم عملاق صناعي طموح يهدف لتحقيق الأرباح؟
اليوم، تضم "أوبن إيه آي" أكثر من 1700 موظف، انضم 80% منهم بعد إطلاق برنامج المحادثة الآلي الذي يستند إلى الذكاء الاصطناعي "تشات جي بي تي" في نوفمبر/تشرين الثاني 2022. تولى ألتمان ومسؤولون آخرون عمليات التوظيف في المناصب التنفيذية، بينما أشرف الرئيس التنفيذي الجديد بريت تايلور، وهو مسؤول تنفيذي سابق في "فيسبوك"، على توسيع مجلس الإدارة. وقال تايلور في بيان أرسله عبر البريد الإلكتروني إلى صحيفة نيويورك تايمز: "بينما يجب على الشركات الناشئة أن تتطور وتتكيف مع نمو تأثيرها، فإننا ندرك أن أوبن إيه آي تبحر في هذا التحول بوتيرة غير مسبوقة". وأضاف: "يظل مجلس إدارتنا والفريق المخصص في أوبن إيه آي يركز على بناء الذكاء الاصطناعي بأمان. إنها تقنية قادرة على حل المشاكل الصعبة للجميع".
لعب عدد من المديرين التنفيذيين الجدد أدواراً بارزة في شركات تقنية أخرى. كانت المديرة المالية الجديدة في "أوبن إيه آي" سارة فراير الرئيسة التنفيذية لشركة نكست دوور. وكان كيفن ويل، كبير مسؤولي المنتجات الجديد في "أوبن إيه آي"، نائب الرئيس الأول للمنتجات في "تويتر". قاد بن نيمو معركة "فيسبوك" ضد الحملات الاحتيالية على الموقع. وأشرف واكين كانديلا على جهود "فيسبوك" للحد من أخطار الذكاء الاصطناعي. الآن، يشغل الرجلان أدواراً مماثلة في "أوبن إيه آي". والجمعة الماضي، أبلغت "أوبن إيه آي" موظفيها بانضمام كريس ليهان إليها هذا العام، وهو من قدامى المحاربين في البيت الأبيض في عهد كلينتون وكان صاحب منصب في شركة Airbnb، إذ سيكون رئيساً للسياسة العالمية في الشركة. ولكن من بين 13 شخصاً ساعدوا في تأسيس "أوبن إيه آي" أواخر عام 2015 بمهمة إنشاء ذكاء عام اصطناعي، لم يتبق سوى ثلاثة منهم، أحدهم غريغ بروكمان، رئيس الشركة الذي يقضي إجازة حتى نهاية العام، وفقاً لـ"نيويورك تايمز".
صراع حول أهداف "أوبن إيه آي"
منذ أيامها الأولى مختبراً بحثياً غير ربحي، واجهت "أوبن إيه آي" خلافات مع الحجج حول أهدافها. عام 2018، غادرها إيلون ماسك، الداعم الرئيسي لها، بعد نزاع مع مؤسسيها الآخرين. في أوائل عام 2022، قررت مجموعة من الباحثين الرئيسيين القلقين من طرح تقنيات الشركة في السوق قبل اختبارها أمنياً بالشكل الكافي تركها لتأسيس شركة منافسة في مجال الذكاء الاصطناعي هي "أنثروبيك". وبسبب مخاوف مماثلة، طرد مجلس إدارة "أوبن إيه آي" ألتمان فجأة أواخر العام الماضي. وأعيد تعيينه بعد خمسة أيام. فصلت شركة أوبن إيه آي العديد من الموظفين الذين شككوا بسياسات ألتمان وآخرين.
وعلى هذا المنوال، تتحرك "أوبن إيه آي" في مسارين غير متوافقين. فمن جهة، يحركها المال، إذ تجاوزت الإيرادات السنوية الآن 2 مليار دولار، وفقاً لما قاله شخص مطلع لصحيفة نيويورك تايمز. لدى "تشات جي بي تي" أكثر من 200 مليون مستخدم كل أسبوع، وهو ضعف عدد المستخدمين قبل تسعة أشهر. من غير الواضح مقدار ما تنفقه الشركة كل عام، على الرغم من أن أحد التقديرات تحدد الإنفاق بسبعة مليارات دولار. وقد خصصت لها شركة مايكروسوفت، التي تعد بالفعل أكبر مستثمر فيها، 13 مليار دولار.
لكن "أوبن إيه آي" تفكر في إجراء تغييرات كبيرة على هيكلها بينما تبحث عن المزيد من الاستثمارات. وتدرس التغييرات التي من شأنها أن تجعل هيكلها أكثر جاذبية للمستثمرين، وفقاً لثلاثة أشخاص مطلعين على المفاوضات. لكنها لم تستقر بعد على هيكل جديد.
الربح على حساب الأمان؟
في الوقت نفسه، قدّم المبلّغون عن المخالفات في شركة الذكاء الاصطناعي أوبن إيه آي شكوى إلى لجنة الأوراق المالية والبورصة الأميركية في يوليو/تموز الماضي، واتهموها بمنع موظفيها على نحو غير قانوني من تحذير المنظمين بشأن المخاطر الجسيمة التي قد تشكلها تقنياتها على البشرية، ودعوا إلى إجراء تحقيق.
وقال المبلِّغون، في رسالة من سبع صفحات أُرسلت في وقت سابق من هذا الشهر إلى مفوض الهيئة، إن "أوبن إيه آي" قدمت اتفاقيات توظيف مقيِّدة بشكل مفرط تصل إلى حد الفصل من الخدمة، مع شروط عدم إفصاح يمكن أن تؤدي إلى فرض عقوبات على الموظفين الذين يوصلون مخاوف بشأن "أوبن إيه آي" إلى المنظمين الفيدراليين، وفقاً لصحيفة واشنطن بوست. وجاء في الرسالة أن "أوبن إيه آي" جعلت الموظفين يوقعون اتفاقيات تطلب منهم التنازل عن حقوقهم الفيدرالية في تعويض المبلغين عن المخالفات. وتطلب هذه الاتفاقيات أيضاً من موظفي "أوبن إيه آي" الحصول على موافقة مسبقة من الشركة إذا كانوا يرغبون في الكشف عن المعلومات للسلطات الفيدرالية. وقال المبلّغون إن هذه الاتفاقيات الفضفاضة تنتهك القوانين واللوائح الفيدرالية طويلة الأمد التي تهدف إلى حماية المبلغين عن المخالفات الذين يرغبون في الكشف عن معلومات دامغة حول شركتهم من دون الكشف عن هويتهم ومن دون خوف من الانتقام.
جاءت هذه الرسالة لتزيد من المخاوف إزاء الذكاء الاصطناعي التي طغت على أخبار التكنولوجيا منذ طرح شركة أوبن إيه آي روبوت الدردشة "تشات جي بي تي"، وما تلاه من سباق عالمي لدمج الذكاء الاصطناعي التوليدي في كل أنواع التكنولوجيا تقريباً، خصوصاً أنه لم يمضِ وقت طويل على قرار الشركة التحوّل من منظمة غير ربحية إلى شركة تُتهم بوضع الربح قبل السلامة في إنشاء وتطوير وترويج تقنياتها. وذكر تقرير لـ"واشنطن بوست" أن "أوبن إيه آي" سارعت إلى إطلاق أحدث نموذج للذكاء الاصطناعي الذي يغذي "تشات جي بي تي" للوفاء بموعد الإصدار في مايو/أيار الذي حدده قادة الشركة، على الرغم من مخاوف الموظفين من أن الشركة "فشلت" في الالتزام ببروتوكول اختبار الأمان الخاص بها، الذي قالت إنه سيحافظ على الذكاء الاصطناعي آمناً من الأضرار الكارثية، مثل تعليم المستخدمين كيفية بناء أسلحة بيولوجية أو مساعدة القراصنة على تطوير أنواع جديدة من الهجمات الإلكترونية.
الخلاف مع إيلون ماسك
في أغسطس/آب الماضي، جدّد الملياردير إيلون ماسك دعوى قضائية كان قد رفعها على "أوبن إيه آي" ورئيسها التنفيذي سام ألتمان، قائلاً إن الشركة تقدم الأرباح والمصالح التجارية على المصلحة العامة. وتعدّ هذه الدعوى القضائية أحدث محاولة من جانب ماسك لمعارضة نشاط الشركة التي شارك في تأسيسها في 2015، وسبق له القول إنه بمجرد أن بدأت تقنية "أوبن إيه آي" في التحول إلى الذكاء الاصطناعي التوليدي، "غيّر ألتمان الهدف وشرع في التربح منها". وتسعى الدعوى إلى أن يحدّد القضاء أن ترخيص "أوبن إيه آي" لشركة مايكروسوفت لاستخدام نماذج الذكاء الاصطناعي الخاصة بها باطل ولاغ.
كما يقول ماسك إن نماذج "أوبن إيه آي" اللغوية تقع خارج نطاق شراكة الشركة مع "مايكروسوفت". ولدى "أوبن إيه آي" شراكة مع "مايكروسوفت"، تستثمر شركة التكنولوجيا العملاقة بموجبها مليارات الدولارات في الشركة الناشئة مقابل الحصول على حق استخدام النماذج اللغوية الكبيرة الخاصة بها في خدماتها للحوسبة.
وكان إيلون ماسك قد سحب في يونيو/حزيران الماضي دعوى قضائية سابقة على "أوبن إيه آي" وألتمان اتهمهما فيها بالتخلي عن مهمة الشركة الناشئة الأصلية لتطوير الذكاء الاصطناعي لمصلحة البشرية وليس من أجل الربح. واتهم إيلون ماسك سام ألتمان وغريغ بروكمان، اللذين شاركا معه في تأسيس "أوبن إيه آي" عام 2015، بأنهما "انتهكا" العقد التأسيسي للشركة. وكانت الأخيرة قد تأسّست على أنها غير ربحية وترمي إلى العمل من أجل خير البشرية وعلى برامج للذكاء الاصطناعي "مفتوحة المصدر".