"هل هالشي طبيعي؟": السؤال اللبناني المُلِحّ

07 مايو 2024
العمل من بطولة طلال الجردي (يميناً) وزياد عيتاني (يساراً) (التلفزيون العربي)
+ الخط -
اظهر الملخص
- عرض مسرحي بعنوان "هل هالشي طبيعي؟" ينطلق في بيروت، بطولة طلال الجردي وزياد عيتاني، يسلط الضوء على الواقع اللبناني بأسلوب ساخر، في محاولة لعكس معاناة الشعب اللبناني وتأقلمه مع الفساد والأحزاب.
- العمل يجمع بين الفكاهة والنقد الاجتماعي، مع تركيز على العلاقة بين مواطن فقد والده في الحرب وطبيب نفسي، تتحول جلساتهما العلاجية إلى صداقة تناقش تحديات الحياة في لبنان.
- يتناول النص موضوعات مثل الفساد، الثورة، والتغيير بطريقة تجمع بين الجدية والسخرية، محاولاً إثارة التساؤل حول ما إذا كان الوضع الراهن في لبنان "طبيعيًا"، في عرض يمزج بين الأداء المتقن والحوار البعيد عن الابتذال.

قبل أيام، بدأت في بيروت عروض مسرحية "هل هالشي طبيعي؟"، من بطولة طلال الجردي وزياد عيتاني، وكتابة خالد صبيح، وإخراج رياض الشيرازي. محاولة أخرى من الثنائي صبيح/عيتاني لتقديم وجبة عن الواقع اللبناني، بعرض لا يخلو من السخرية.

وتأتي الاستعانة، هذه المرة، بالممثل طلال الجردي، كمحاولة لم شمل لركائز العرض، إذ يتمتع الجردي بنجومية الممثل المتقاطعة بين التلفزيون والمسرح، يُضاف إلى ذلك رصيد عيتاني اللافت في الأعمال المسرحية الشعبية السابقة، التي وضعت له حجر الأساس في فن المسرح.
محاولة ليست جديدة في نقل واقع المعاناة في لبنان إلى المسرح، وذلك عن طريق مواطن يدعى زياد (عيتاني) فقد والده في الحرب اللبنانية، ما جعله يعمل على ترتيب مصالحه الخاصة على قاعدة التأقلم مع قوى الأحزاب والفساد في لبنان، بتوجيه من عمّه، واعترافه نهاية أمام الطبيب النفسي، طلال (الجردي)، في جلسة علاجية واحدة، تمتد لاحقاً إلى جلسات، يتناول فيها المريض تاريخ معاناة اللبنانيين، والشارع المنقسم بين من يريد الثورة على كل ما يحصل، وبين من قرّر مجاراة هذا الواقع، ليبقى وضعه هادئاً، تخوّفاً من أي تغيير قد يحدث.

هل هالشي طبيعي؟... قليل من الوعظ

يتجه خالد صبيح في نصه إلى بعض الجمل الإنشائية أو تلك الكليشيهات في الحوار بين البطلين في العيادة والمقهى، وحتى أثناء وقوع الزلزال. وكان بإمكان صبيح التقليل من بعض الحوارات المُتسمة بطابع وعظي، وقد سئم منها الجمهور، خصوصاً أنها ظهرت بكثرة في العقدين الأخيرين من خلال خطابات ونقاشات نراها على الشاشات التلفزيونية. لكن، في المقابل، يسجل لصبيح الإحاطة بكل ما هو متداول في لبنان اليوم، خصوصاً في وسائل الإعلام، ومبارزات مقدمات ومقدمي البرامج على اللحاق بالترندات، مهما كان حجم الحدث ودرجة تأثيره في الشارع اللبناني.
في الأداء، يتمكن طلال الجردي من السيطرة على دوره وتقديمه بإتقان، فيما يحقق زياد عيتاني ترحيباً لدى الجمهور الذي يحب لهجة الممثل البيروتية، وحركاته التي تؤجج حماس الحاضرين وتفاعلهم مع العرض بطريقة تبدو مدروسة وبعيدة عن الابتذال.

قرابة تسعين دقيقة من العرض الذي يخاطب الجمهور بسلاسة، ولو في باقة من الخطاب الممزوج بالفكاهة، والنكتة البسيطة، التي تجبر الناس على الضحك أمام نص جيد ولغة تعبير مقبولة، تتناول الواقع اللبناني بكثير من السخرية، في ظل انعدام الإصلاح، والتمركز وراء الفساد والمحسوبيات والعلاقات العامة، أو التنظير من الطبقة المثقفة، كالطبيب والمحامي، اللذين يريدان ثورة "نظيفة" بعيداً عن القتل والعنف، في سبيل إرساء فكرة التغيير، لكن من دون جدوى.
جلسات العلاج بين الطبيب النفسي والمواطن تتحول إلى صداقة وحوارات طويلة مؤلمة في جزء منها؛ إذ نستمع إلى نقاشات واتفاقات وخلافات بين الطرفين، كلها تتمحور حول الواقع اللبناني، وسؤال يطرحه عنوان العمل المسرحي، والشارع أيضاً: "هل هالشي طبيعي؟". سؤال يطرحه أيضاً الشارع العربي حول مرارة واقعه، محاولاً إيجاد إجابةً، لم يحصل عليها بعد.

المساهمون