هل تساهم انتخابات الصحافيين الأردنيين في حل أزماتهم؟

03 أكتوبر 2021
تراجع أداء نقابة الصحافيين في السنوات الأخيرة (محمد صلاح الدين/الأناضول)
+ الخط -

يفتتح يوم الثلاثاء 5 أكتوبر/ تشرين الأول المقبل باب الترشح لمجلس نقابة الصحافيين الأردنيين، فيما يغلق باب الترشح مع نهاية يوم الاثنين 11 من الشهر ذاته. مجلس نقابة الصحافيين الأردنيين دعا الهيئة العامة للنقابة للانعقاد في اجتماع عادي مؤجل بسبب جائحة كورونا، يوم الجمعة 15 تشرين الأول/أكتوبر المقبل، عملاً بأحكام المادة 20 من قانون النقابة والبلاغ الحكومي رقم 43 لسنة 2021 الصادر استناداً لأحكام أوامر الدفاع، وفي حال عدم توافر النصاب القانوني، يؤجل الاجتماع إلى يوم الجمعة 22 تشرين الأول /أكتوبر.

وقبل الإعلان الرسمي عن أسماء المرشحين، كشف نقيبان سابقان، وهما طارق المومني الذي تولى الموقع لدورتين متتاليتين (دورة 2011 ودورة 2014) وراكان السعايدة (دورة 2017 الحالية واستقال من منصبه قبل نحو ستة أشهر)، إضافة إلى الصحافية فلحة بريزات نيتهم الترشح لموقع النقيب. هذا فيما يتوقع أن يتنافس أربعة أعضاء على موقع نائب النقيب، وما لا يقل عن 26 صحافياً سيتنافسون على عضوية المجلس الذي يتشكل بحسب قانون النقابة من نقيب ونائب نقيب وتسعة أعضاء. وللمرة الأولى في تاريخ انتخابات نقابة الصحافيين، يعلن عن تشكيل قائمة انتخابية برئاسة راكان السعايدة باسم "كتلة الهيئة العامة".
ولا يوجد أي دور للتيارات السياسية في انتخابات نقابة الصحافيين، فالعلاقات الشخصية في العادة تحدد خيارات الأعضاء، بالنسبة لشخص النقيب، أو أعضاء مجلس النقابة، ونادرًا ما تلعب برامج المرشحين، أو تعهداتهم، دورًا في الاختيار، خاصة أنّ عدد أعضاء نقابة الصحافيين قليل، والذين يحق لهم الانتخاب هم 1131 صحافياً. وعلى المجلس أن يتعامل مع أزمات تواجهها الصحافة اليوم، ومن أبرز تلك الأزمات: أزمة المؤسسات الصحافية الورقية ومشاكلها المالية والمهنية، وأزمة الحريات، والوضع الناشئ عن تطور وسائل الإعلام المرئية والسمعية والإلكترونية والمهنية والتدريب. 
حول الانتخابات المقبلة، يقول رئيس لجنة مركز التدريب في نقابة الصحافيين الأردنيين زياد الرباعي لـ"العربي الجديد" إن انتخابات نقابة الصحافيين في الأردن تعتمد على العلاقات الشخصية سواء النقيب أو أعضاء المجلس، ولا اعتبار حقيقيا للبرامج أو الخلفية السياسية للأشخاص. وحول تشكيل كتل من أجل خوض الانتخابات المقبلة، يرى أن "هذه التكتلات والتي تحدث للمرة اللأولى في انتخابات النقابة، لا تعتمد على برامج سياسية أو خلفية فكرية موحدة، وهي عبارة عن تجمع لأشخاص من أجل خلق كتلة واحدة، لكن في الحقيقة فإنّ الانتماء للمؤسسات الإعلامية يؤثر بشكل كبير في الانتخابات، حيث يميل الأعضاء لانتخاب المترشحين من مؤسساتهم الإعلامية، وهذه التكتلات تسعى للاعتماد على انتماء المرشحين هؤلاء للمؤسسات الصحافية". ويتابع: "أداء نقابة الصحافيين في السنوات الأخيرة تراجع جدًا، بسبب الأزمات المالية ونوعية الإدارة التي تناوبت عليها، خاصة في ظل وجود ملفات إعلامية شائكة بين النقابة والمؤسسات الصحافية بسبب المستحقات المالية للنقابة من ريع الإعلان". ويلفت الرباعي إلى تراجع دور النقابة في حماية أعضائها، والحفاظ على الأمان الوظيفي، مشيرًا إلى تسريح العديد منهم من اعمالهم، أو إحالتهم إلى التقاعد كما في بعض الصحف، ونقل آخرين من أعمالهم كما في مؤسستي الإذاعة والتلفزيون. ويقول إنّ "مؤشرات حرية الإعلام في الأردن تتراجع، والنقابة ساكنة، حيث تعمل الحكومة على محاصرة الحريات، ومنها  على سبيل المثال مقترحات تعديل القوانين الناظمة للإعلام والتي تمس الحريات، لكن النقابة ليست صاحبة قرار، لها رأيها في الموضوع، لكن لا يوجد لها القدرة التأثيرية على صاحب القرار، إذ ينفذ بدون الاهتمام برأي نقابة الصحافيين". 

العلاقات الشخصية في العادة تحدد خيارات الأعضاء، بالنسبة لشخص النقيب

بدورها، تقول عضوة مجلس النقابة، هديل غبون، التي لا ترغب بالترشح للانتخابات المقبلة لـ"العربي الجديد" إنّ "هناك عدة عوامل تدفع باختيار ممثلي مجلس نقابة الصحافيين، منها ما يتعلق بالعلاقة الشخصية والزمالة في المؤسسات الصحافية، وعامل التجربة السابقة إن وجدت وبالضرورة طروحات المرشحين لمعالجة اﻹشكاليات المتعلقة بالمهنة وبالنقابة وهذه عادة ما تكون بالعموميات كتطوير المهنة والدفاع عن الحريات". وتوضح أنه "بالنسبة للعامل اﻷول لا يمكن أن يخلو بعض الاعتبارات غير الموضوعية، كأن يتم الترشح والدعم وفقا لتقسيم تمثيل المؤسسات الصحافية"، مضيفة "بالمجمل انتخابات نقابة الصحافيين في اﻷردن لم تصل للآن إلى مرحلة المأسسة المبنية على برامجية حقيقية أو حتى برامجية لتيارات فكرية".

وبشأن الإعلان عن تكتلات في الانتخابات، تشير إلى أنّ "هذه التجربة تطرح للمرة اﻷولى وهي أيضاً بشكل عشوائي غير قائمة على تقاطعات مهنية وبرامجية واضحة، ولا يوجد نظام انتخابي يحكمها، بالتالي هي تجربة شكلية في المرحلة الحالية ربما تؤسس لاحقا لشكل أكثر عمقاً من القوائم". وتلفت إلى أنّ "انتخابات الصحافيين تقوم على التصويت الفردي وهذه القوائم تبقى هلامية إن لم يكن هناك نظام يحددها"، معتبرةً أن بعض ما تم اﻹعلان عنه لا يستند إلى خلفيات مشتركة أو تحالفات سابقة، وهي تحالفات وليدة شهرين ولا يجمع مرشحيها مسار نقابي أو حقوقي مشترك إلا في حالات محدودة جدا.  
وتتابع "بحكم تجربتي كنقابية امرأة، هناك مشكلة كبيرة جدا في التعامل مع النساء للوصول إلى هذا النوع من المواقع، وتعزيز مشاركة النساء مسألة شكلية يبحث عنها المرشحون الرجال صوريًا وليس إيمانًا من حق النساء في المشاركة، وهذا معكوس على حجم التأثير في القرار داخل المجالس وهي مشكلة كل النقابات المهنية، وهناك حاجة إلى حملة لتغيير هذه الصورة النمطية، ﻷن كل التجارب النسائية كانت تقوم على جهد فردي بل وتتم محاربتها داخل المجالس".

وحول الفجوة بين آمال الناخبين وواقع العمل النقابي، ترى غبون أن "المسألة تتطلب مسارًا تشريعيًا ومسارًا متعلقًا بالممارسات على اﻷرض، وهناك حاجة إلى منظومة تشريعية جديدة متكاملة أولها قانون جديد لنقابة الصحافيين يحكم عملها على أساس تنظيم المهنة يحاكي المعايير الدولية في حقوق الإنسان، وحرية التنظيم النقابي وتوسيع هذه المظلة التي أقرت بالأساس عندما كانت فقط المؤسسات الصحافية الورقية وبعض الإعلام الرسمي، ولم يواكب القانون الثورة الرقمية سوى بقضايا ثانوية". وتضيف "هناك حاجة أيضًا لتأسيس صندوق لدعم اﻹعلام في البلاد على غرار تجارب عربية بتنظيم ذاتي للنقابة بالشراكة مع المؤسسات والناشرين، ووقف كل التدخلات الحكومية في عمل وسائل اﻹعلام الذي يعتبر تصدي النقابة له الحد اﻷدنى، وأن تتجه النقابة نحو حاضنة المجتمع المدني وليس الحكومة".

المساهمون