استمع إلى الملخص
- **فوائد صحية ومناخية**: تقليل استهلاك اللحوم في البلدان الغنية يمكن أن يحقق فوائد صحية ومناخية كبيرة، ويمكن تحقيق ذلك من خلال حوافز مثل تسعير الكربون والعلامات البيئية.
- **تحديات وتوصيات**: البلدان ذات الدخل المنخفض تواجه تحديات في الوصول إلى أنظمة غذائية صحية، ويوصى بزيادة الكفاءة الزراعية وتحسين واردات الأغذية والحد من سياسات التجارة التقييدية.
يمكن أن يساهم تغيير عاداتنا الغذائية في التخفيف من حدة مشكلة تغير المناخ وتأثيراته الكارثية على الحياة على الأرض، إذ إن نظاماً غذائياً يعتمد على النباتات أكثر من اللحوم يلعب دوراً في خفض نسبة معتبرة من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري المرتبطة بسلاسل إمدادات الغذاء، بحسب دراسة جديدة.
تشير النتائج التي نشرت في 13 أغسطس/ آب في مجلة Nature Climate Change إلى أن الانبعاثات العالمية الناجمة عن الأنظمة الغذائية يمكن أن تنخفض بنسبة 17% إذا غير الناس خياراتهم الغذائية نحو أنظمة غذائية أكثر اخضراراً. يعتقد الباحثون أن 56.9% من سكان العالم الذين يستهلكون الطعام بإفراط حالياً، سيوفرون (وحدهم) 32.4% من الانبعاثات الغذائية العالمية عن طريق تغيير نظامهم الغذائي إلى النظام الغذائي الصحي الكوكبي الذي اقترحته لجنة EAT-Lancet.
يوضح المؤلف المشارك في الدراسة يولي شان، الأستاذ المساعد في كلية الجغرافيا وعلوم البيئة في جامعة برمنغهام البريطانية، أنه مقارنة بالمنتجات الحيوانية، تظهر المنتجات النباتية إمكانات أكبر للحد من الانبعاثات. ويضيف في تصريح لـ"العربي الجديد": "يجب أن نسعى إلى الحد من الإفراط في استهلاك المنتجات كثيفة الانبعاثات في البلدان الغنية، مثل لحوم البقر في أستراليا والولايات المتحدة، وخاصة بالنسبة لمجموعات المستهلكين الأثرياء الذين يفرطون في الاستهلاك، ما سيساعد في تحقيق فوائد صحية ومناخية كبيرة". يقول شان إن تقديم بعض الحوافز، مثل تسعير الكربون، والعلامات البيئية، وتوسيع نطاق توافر المنتجات الأقل كثافة في الانبعاثات مثل الأطعمة النباتية يمكن أن يشجع المستهلكين على إجراء تغييرات غذائية.
حلل الباحثون البيانات المتعلقة بعادات استهلاك الغذاء من 139 دولة كوسيلة لمقارنة انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري بسبب إنتاج الغذاء بين هذه البلدان. ولجعل المهمة أكثر قابلية للدراسة، ضيقوا نطاق المنتجات الغذائية إلى 140 منتجاً فقط. كجزء من تحليلهم، وجدوا أن 56.9% من سكان العالم يشاركون في ما وصفوه بالإفراط في الاستهلاك، إذ تشكّل اللحوم ومنتجات الألبان جزءاً كبيراً من نظامهم الغذائي، وأشاروا إلى أنه إذا تحول كل هؤلاء المستهلكين المفرطين إلى نظام EAT-Lancet الصحي الكوكبي، فيمكن تقليل انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري المرتبطة بإنتاج الغذاء بنسبة 32.4%.
نظام EAT-Lancet الصحي الكوكبي هو نظام غذائي طورته لجنة EAT-Lancet عام 2019. صُمّم هذا النظام بهدف وضع نموذج عالمي يمكن فيه لإنتاج الغذاء تلبية متطلبات عشر مليارات شخص بحلول عام 2050 للحد من الوفيات بسبب الجوع وسوء التغذية ومنع انهيار العالم الطبيعي. يشبه EAT-Lancet النظام الغذائي النباتي، لكنه يسمح بكميات قليلة من منتجات الألبان والبروتين الحيواني مثل الأسماك والبيض واللحوم.
أظهرت الأبحاث السابقة أنّ الأنظمة الغذائية الغنية بالدهون الحيوانية والدهون المتحولة يمكن أن تؤدي إلى مشكلات صحية مثل أمراض القلب، وأن تربية الحيوانات تنتج غازات دفيئة أكثر من زراعة الخضروات. لذلك، نصح الباحثون والمدافعون عن البيئة البالغين باستهلاك كميات أقل من اللحوم والمزيد من الخضروات.
في الدراسة الجديدة، قاس الباحثون الفوائد التي قد يتلقاها الكوكب إذا استمع الجميع إلى هذه النصيحة، كما نظروا إلى التفاوت الموجود بين عادات الاستهلاك بين البلدان وما يمكن القيام به لتحسين توقعات الانبعاثات الغذائية العالمية. "تواجه البلدان ذات الدخل المنخفض تحديات أكبر في الوصول إلى أنظمة غذائية أكثر صحة، فلا يستطيع أكثر من 1.5 مليار نسمة من ذوي الدخل المنخفض في جميع أنحاء العالم تحمل كلفة النظام الغذائي الصحي الكوكبي"، يقول المؤلف المشارك في الدراسة. ويضيف أن التحولات الغذائية تحتاج إلى زيادة استهلاك الغذاء، لكن أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وكذلك جنوب وجنوب شرق آسيا، شهدت ركوداً في كفاءة الإنتاج الزراعي لعقود من الزمن، ولا يمكنها إنتاج أو تحمل تكاليف استيراد الغذاء المطلوب.
لذلك، يرى شان أن من الضروري زيادة الكفاءة الزراعية من خلال تدابير مختلفة، مثل تقنيات إدارة المحاصيل والتربة وإدخال أصناف المحاصيل عالية الغلة. كما تجب زيادة نسب المنتجات الغنية بالمغذيات في واردات الأغذية، جنباً إلى جنب مع الحد من سياسات التجارة التقييدية التي تميل إلى رفع أسعار المواد الغذائية.