أثارت خطوة إدارة محافظة البصرة، أقصى جنوبي العراق، بهدم جامع السراجي بدعوى توسعة الشارع المجاور له، موجة انتقادات شعبية وحكومية، رفضاً لاستهداف المعالم التراثية في البلاد، فيما تواصل حكومة البصرة المحلية عملية الهدم.
وشرعت آليات المحافظة بعملية الهدم بإشراف مباشر من المحافظ أسعد العيداني، فضلاً عن كوادر هندسية من إدارة المحافظة. ودافع العيداني عن قرار الهدم، مؤكداً في تصريحات صحافية أن الخطوة "تأتي خدمة للمواطنين، من أجل توسعة شارع أبي الخصيب المجاور للمسجد، الذي يتسبب بزحام واختناقات مرورية كبيرة"، مبيناً أنه "سيجرى لاحقاً بناء المسجد بما يليق مع التطور العمراني في المحافظة".
#شاهد عملية هدم #جامع_السراجي في قضاء #ابي_الخصيب باشراف مباشر من #محافظ_البصرة #اسعد_العيداني وبالتنسيق مع #الوقف_السني#بصرة_مونيتر #بصرة #basra pic.twitter.com/osbwumYNVY
— 𝗕𝗔𝗦𝗥𝗔 𝗠𝗢𝗡𝗜𝗧𝗢𝗥 بصرة مونيتر (@basramonitor) July 14, 2023
عملية الهدم قوبلت برفض من قبل وزارة الثقافة والسياحة والآثار، إذ قال الوزير أحمد فكاك البدراني في بيان: "نرفض ونمنع ونحول دون المَساس بأي بناء يحمل سمةً تراثية أو أثرية، سواء كانت دينية أو مدنية، إذ إنها لا تُعد ملكاً لديوان أوقاف أو وزارة أو هيئة أو محافظة، وإنما ملك التأريخ الحضاري والتراثي للعراق"، مؤكداً أن "الوزارة ستتخذ الإجراءات القانونية لحماية الإرث الحضاري الكبير ضد أي تجاوز إداري أو شخصي يشجّع ويعمل على إلحاق الضرر بشكل مقصود أو عفوي، خصوصاً حادثة هدم منارة جامع السراجي، رغم تقديم الهيئة العامة للآثار والتراث عدة مقترحات للحفاظ عليها وتجزئتها ونقلها إلى داخل باحة المسجد".
كما رفضت لجنة الأوقاف والعشائر البرلمانية المساس بأي أبنية تراثية وآثارية، ووصفت قرار الهدم بأنه "تصرف فردي وغير مسؤول".
وعلى صفحات التواصل الاجتماعي، انتقد سياسيون ومدونون إهمال الآثار العراقية والاستخفاف بها. وغرّد السياسي العراقي خميس الخنجر: "هدم جامع ومئذنة تاريخية بهذه الطريقة المنافية لقيمِ التعامل مع الأماكن المقدسة والأثرية يستلزم موقفاً حكومياً حازماً، ويجب إعادة بناء الجامع والمئذنة والاستعانة بشركات متخصصة في مجال نقل الآثار، وضرورة التأكيد على التعامل بمعايير محترمة ومنضبطة مع المقدسات".
وقال المدون علي الجابري: "الذين يبررون هدم منارة جامع السراجي يقولون إنها تعرقل حركة السيارات في الشارع! فكان الحل هدم منارة عمرها 300 عام، أي أنها أقدم من برج إيفل في باريس وساعة بيغ بن في لندن!". وأضاف: "هل سألتم أنفسكم مَنْ الأقدم المسجد أم الشارع؟ ألم تجدوا حلاً غير الهدم؟ كان يمكنكم بناء نفق لمرور السيارات أسفله، أو نقل المنارة بطريقة تحفظها لمكان آخر، أو على الأقل اعتبروها مشروعاً استثمارياً وأعلنوها للبيع لبلد آخر يحترم التاريخ والتراث! عقول العتاكة (الطبقة غير المثقفة) المسمومة لا تعرف سوى الهدم!".
وعلى الرغم من موجة الغضب والرفض، فإن حكومة البصرة لم توقف عملية الهدم.
جامع السراجي من المعالم التراثية في العراق، إذ بني عام 1727 في مدينة أبي الخصيب في البصرة، ويتميز بعمارته الأثرية وبمنارته التي تعد معلماً تراثياً مهماً، ويقع على مساحة 1900 متر مربع، وقد رمّم في ثمانينيات القرن الماضي.