"نيويورك تايمز" والعنف الجنسي المزعوم في 7 أكتوبر: أين الأدلة؟

02 مارس 2024
في رفح (جهاد الشرافي/ الأناضول)
+ الخط -

تواجه صحيفة نيويورك تايمز الأميركية انتقادات حادة وأسئلة كثيرة من الوسط الصحافي حول ما زعمت أنه "تحقيق" بشأن "العنف الجنسي" في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حين نفذ مقاومو "القسام" الجناح العسكري لحركة حماس، عملية طوفان الأقصى التي أسفرت عن مقتل نحو 1200 إسرائيلي واحتجاز أكثر من 200 رهينة.

في ديسمبر/كانون الأول الماضي، نشرت الصحيفة الأميركية "تحقيقاً" عنوانه: "صرخات بلا كلمات: هكذا استخدمت حماس العنف الجنسي سلاحاً في 7 أكتوبر". "التحقيق" أجراه 3 صحافيين هم جيفري غيتلمان وأنات شوارتز وآدم سيلا الذين "قابلوا أكثر من 150 شخصاً في مختلف أنحاء إسرائيل" لكنه يفتقر لشهادات حقيقية لناجيات من العنف الجنسي المزعوم، إلى جانب بناء كل السردية على شهادات أفراد سبق أن أدلوا بمعلومات كاذبة مرتبطة بالعدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة.

كانت صحيفة نيويورك تايمز قد أدانت علناً، في وقت سابق من هذا الأسبوع، إبداء أنات شوارتز "الإعجاب" بالعديد من المنشورات المؤيدة لإسرائيل في عدوانها المتواصل على غزة، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بما في ذلك منشور على "إكس" (تويتر سابقاً) يؤيد تحويل القطاع إلى "مسلخ". ورأت الصحيفة أن ممارسات هذه الصحافية ترقى إلى مستوى "انتهاكات غير مقبولة" لسياستها، وأعلنت أنها "تقوم حالياً بمراجعة المسألة".

وأعربت مصادر إسرائيلية لصحيفة يديعوت أحرونوت عن قلقها من فتح "نيويورك تايمز" تحقيقاً بذلك، إذ اعتبرت أن خطوة كهذه "ستساعد مُنكري الحقائق على تشويه مصداقية التقارير المتعلقة بالاعتداءات الجنسية التي ترتكبها حركة حماس".

لكن المشكلات المتعلقة بهذا "التحقيق" أعمق من نشاط شوارتز على وسائل التواصل الاجتماعي. والجدير بالذكر أن افتتاحية "التحقيق" أصبحت موضع تساؤل، بما في ذلك من قبل عائلة "الضحية" المزعومة نفسها.

وفي هذا السياق، نشر موقع ذي إنترسبت الإخباري، الأربعاء، تقريراً من نحو 7 آلاف كلمة، دقق فيه الصحافيون جيريمي سكيهل وريان غريم ودانييل بوغوسلو بالمزاعم التي أوردتها "نيويورك تايمز"، وشككوا في صدقيتها.

افتتح صحافيو "نيويورك تايمز" هذا التحقيق بالحديث عن فيديو به امرأة تدعى غال عبدوش، "مستلقية على ظهرها، وفستانها ممزق، وساقاها منفرجتان، ومهبلها مكشوف". وقالوا، "استناداً إلى حد كبير إلى أدلة الفيديو"، إن "مسؤولين في الشرطة الإسرائيلية لم يذكروا أسماءهم قالوا إنهم يعتقدون" أن عبدوش تعرضت للاغتصاب. ولم تقدم الصحيفة أي دليل آخر لإثبات هذا الادعاء.

وكتب صحافيو "ذي إنترسبت" مفندين المزاعم الواردة في التحقيق: "يذكر تقرير نيويورك تايمز رسائل واتساب من عبدوش وزوجها إلى عائلتهما، لكنه لا يذكر أن بعض أفراد الأسرة يعتقدون أن هذه الرسائل المهمة جعلت ادعاءات المسؤولين الإسرائيليين غير قابلة للتصديق".

وفي تقرير لاحق نُشر بعد شهر، أشارت "نيويورك تايمز" إلى أن بعض أفراد عائلة عبدوش "أنكروا هذا الاحتمال (الاغتصاب) أو شككوا فيه، بما في ذلك صهر آخر قال إنه تحدث إلى زوج عبدوش قبل مقتله". وأكدت عائلة عبدوش في وقت لاحق، في مقابلات إعلامية، أنها لم تبلغ بتعرّض غال للاغتصاب يوم السابع من أكتوبر إلا بعد تواصل "نيويورك تايمز" معها.

وكان "ذي إنترسبت" قد بيّن سابقاً أن المخاوف من ما ذكر في "تحقيق" الصحيفة الأميركية لا يقتصر على أفراد عائلة عبدوش. ففي أواخر يناير/كانون الثاني الماضي، كشف الصحافيان ريان غريم ودانييل بوغوسلو أن "نيويورك تايمز" تراجعت عن بث حلقة بودكاست حول هذا "التحقيق"، وسط نقاش داخلي محتدم حول المصادر والقصص.

وفي بيان صادر الخميس، قال متحدث باسم "نيويورك تايمز": "نحن لا نزال واثقين من دقة تقاريرنا، ونقف إلى جانب تحقيق الفريق...". وفي رسالة بالبريد الإلكتروني إلى "ذي إنترسبت" الذي طلب توضيحات، عارضت "نيويورك تايمز" أيضاً عدداً من المعلومات التي قدمها الموقع الإخباري في تقريره المنشور يوم الأربعاء، بما في ذلك كيفية إجراء الصحيفة للتحقيق، وذكر الخدمة العسكرية لشوارتز في الجيش الإسرائيلي، والإشارة على غياب أدلة من الطب الشرعي عن حصول عنف جنسي. ونفت الصحيفة أن تكون قد امتنعت عن بث حلقة البودكاست "بسبب فشل التحقق من الوقائع".

لكن شارلوت كلاين، من مجلة فانيتي فير، كشفت الخميس أن إدارة صحيفة نيويورك تايمز تحاول وقف التسريبات منها. وذكرت كلاين أن الصحيفة اتخذت خطوة نادرة ببدء تحقيق في التسريب، واستجوبت "ما لا يقل عن عشرين موظفاً" حول "تسرب التفاصيل الداخلية بشأن عملية تحرير البودكاست".

ولم يشكك المتحدث باسم "نيويورك تايمز" في تقرير كلاين، واكتفى بالقول في بيان: "لن نعلق على الشؤون الداخلية. أستطيع أن أخبركم أن عمل غرفة التحرير لدينا يتطلب الثقة والتعاون، ونتوقع من جميع زملائنا الالتزام بهذه القيم"، وفقاً لما نقلته شبكة سي أن أن، أمس الجمعة.

المساهمون