نور الدين محمد: منع "أغاني المهرجانات" إرهاب

29 نوفمبر 2021
محمد: على هاني شاكر قوننة وجود مغني المهرجانات (فيسبوك)
+ الخط -

يبحر الشاعر الغنائي المصري نور الدين محمد بآرائه إلى منطقة مختلفة ثالثة، في خضم الجدل الدائر هذه الأيام في الساحة الفنية حول قرار نقيب الموسيقيين المصريين، المطرب هاني شاكر، بمنع "مغني المهرجانات" من إحياء الحفلات الغنائية ورفض منحهم تصاريح للغناء في المهرجانات والحفلات وأماكن السهر. 

وانقسمت آراء الشارع الفني المصري ما بين مؤيد ومعارض لخطوة نقيب الموسيقيين الذي يدعم قراراته وفق مبدأ الحفاظ على الذوق العام وبدعم من مجلس نقابة الموسيقيين، وتلقى دعماً جديداً من نقيب المهن التمثيلية الفنان أشرف زكي، الذي وعد بعدم منح أي عضو عامل في نقابة الموسيقيين تصريحاً بممارسة مهنة التمثيل إلا بعد الرجوع إلى نقابة الموسيقيين.

ويرتكز نور الدين محمد في رأيه على أنّ منع "مغني المهرجانات" سيدفع الجمهور أكثر للبحث عنهم، موضحاً أن "مغني المهرجانات حققوا، وما زالوا، نجومية كبيرة بأعمالهم، ولهم جمهورهم الكبير الذي يتابعهم في مختلف أنحاء العالم العربي، ورسالتي لهاني شاكر أن عليه قوننة وجودهم على الساحة الفنية بدلاً من منعهم، فكل ممنوع مرغوب، وبدلاً من منعهم لماذا لا تؤسس شعبة في نقابة الموسيقيين لمغني المهرجانات تقوّمهم وترشدهم إلى القواعد الأساسية للغناء بدلاً من محاربتهم؟". 

ويؤشر محمد إلى ضرورة عدم تطبيق الشروط ذاتها المفروضة على المغنين العاديين عند إعطاء "مغني المهرجانات" تصاريح الغناء، شارحاً أن "مغني المهرجانات ليس مطرباً يؤدي موالاً أو أغنية طربية، بل هو مؤد عادي ناجح في لونه الغنائي المحبوب لدى شريحة واسعة من الجمهور، وهؤلاء لا يصفون أنفسهم بأصحاب الأصوات العملاقة، فهم بحاجة إلى أن يتم استيعابهم وتنظيم عملهم، فلا يعقل أن تتم محاربتهم فقط لأنهم خارج إطار النقابة". ويؤكد محمد أن العالم يتطور في مختلف المجالات ومنها الموسيقى، وبالضرورة يجب على النقابة أن تتطوَّر لاحتواء كافة الأشكال والأنواع التي تخرج في عالم الموسيقى الحديثة.

ويتساءل محمد عن الفائدة المرجوة من وراء وقف "مغني المهرجانات" عن العمل، مضيفاً: "ماذا ستستفيد النقابة؟ فهؤلاء سيبقون يطرحون أغانيهم على منصة (يوتيوب)، التي هي خارج صلاحيات وسلطات نقابة الموسيقيين المصريين، كما سيبقون يحيون حفلاتهم خارج مصر، وبذلك إذا أوقفت النقابة مسرباً أمامهم فجميع المسارب الأخرى مفتوحة، وأرى أن على النقابة إذا رأت في ما يقدمه هؤلاء من فن يضر بالذوق العام، فمن خلال الشعبة التي ينتمون إليها، يتم إرشادهم إلى تقديم أعمال ترفع من شأن الفن ولا تحطه، فالأصل في النقابة أن تدعم الفن الجيد، وألا تحارب التجارب الأخرى لمجرد أنها مختلفة، فالفكر يحارب بالفكر، وأرى أن محاربة الفكر بالمنع هو نوع من الإرهاب". ويجد محمد أن مغني المهرجانات يعبرون عن أنفسهم بالطريقة التي يرون الفن بها، ويقول: "لماذا تمارس العنصرية والتمييز ضدهم؟ ومن أعطى النقابة الحق بتحديد نوع الجمهور الذي يستمع إليهم؟".

لا يمانع محمد، الذي غنّت من كلماته أصالة نصري في "خانات الذكريات" وأنغام في "ولا ذبلت" ومحمد منير في "أنا رايق" وحسين الجسمي في "لما بقينا في الحرم" وأحمد جمال في "أضحكي"، من كتابة أغاني المهرجانات، ويقول: "هناك أغاني مهرجانات عظيمة وأحبها جداً، كما أن هناك مواضيع جميلة، ولا يخلو الأمر من وجود أغان لا تليق بالفن ولا بالجمهور، فلا يوجد إجماع على فن معين، فالقضية ليست أبيض أو أسود، وهناك كثير من الأعمال الفنية من موسيقى ودراما وسينما تعجب البعض ولا تعجب البعض الآخر، فعلى الفنان أن يعرض إنتاجه الذي قد يعجب الجمهور فيتقبله أو يعرض عنه، فالجمهور صاحب القرار". ويكشف محمد عن شروعه بكتابة عدة أغاني مهرجانات، مشيراً إلى محاذير تخصه عند كتابة كلمات أغنيات هذا النوع من الغناء، وهي ألا يجرح أحد بلفظ خارج عن الحياء، وألا توحي كلماته بألفاظ أو خيالات معينة، أو يكون موضوع الأغنية ذا فكرة وليس عبارة عن صف كلام بالوزن والقافية نفسيهما.

يجد محمد في الفكرة أكبر دافع ومحفز لكتابة نص غنائي، ويضيف: "عندما تطرأ في خيالي فكرة أبحث معها عن كلمات تصفها بطريقة لافته وجديدة أعمل على تناولها بشكل مختلف عن الدارج عند الناس، والكلام هو الذي يحفزني لعمل توليفة جديدة من الكلمات والألفاظ والأوزان والقوافي، وهذا أمر ممتع لأي شاعر في الدنيا، ولأي مبدع عندما يبتكر شيئاً لم يسبقه إليه أحد غيره وأجده أمراً عظيماً. فأنا أركز دائماً في الأغاني التي أكتبها على أن يكون لدي شيء مميز ولم يذكر من قبل، وينسب لي بأن أكون أول من قدمه، وهذا الحافز الأهم لأن أكون متميزاً". وينفي محمد أنَّ جيل الشباب من الشعراء الجدد سحب البساط من تحت أقدام الأسماء الشعرية المكرسة في الساحة الفنية، ويؤكد أن "جيل الشعراء الجدد نجح في ظل وجود الأسماء الكبيرة، ونحن لدينا أسماء مثل أيمن بهجت قمر، الذي أعتبره صاحب مدرسة خرجت شعراء كثيرين أتشرف بأن أكون واحداً منهم، وهناك تامر حسين وأمير طعيمة وبهاء الدين محمد ونادر عبد الله وخالد تاج الدين، وهؤلاء ظهروا وانتشروا قبل ثورة مواقع التواصل الاجتماعي وما زالوا يقدمون أعمالهم الناجحة حتى اليوم".

لا يخفي محمد سعادته من اقتراب أغنية "خانات الذكريات" من الوصول إلى 100 مليون مشاهدة على الصفحة الرسمية للفنانة أصالة، ويضيف: "خانات الذكريات محطة مهمة وأعتبرها محطة انطلاق كبيرة لي، لأنها تجربة مع فنانة بحجم أصالة وتاريخ أصالة بأن تخاطر بالغناء لشاعر جديد وموزع جديد وتؤدي أغنية تحقق نجاحاً كبيراً وتبقى مستمرة مع الناس في ظل موجة عاتية من التطور في الشكل الموسيقي، هو نجاح كبير يُحسب لي وأجد أن هذه الأغنية فتحت الباب لجيل جديد من الشعراء الشباب لأن يكسبوا ثقة النجوم الكبار، وهو الأمر الذي تكرر مع الشاعر أحمد المالكي في تعاونه مع عمرو دياب، وأعتقد أننا كشعراء شباب استطعنا تحقيق معادلة صعبة قليلاً".
 

المساهمون