نوبل للطب تكرّم مكتشفي "الحمض النووي الريبي الدقيق"

10 أكتوبر 2024
طفرات في جينات دودة "الربداء الرشيقة" تسبب اضطرابات في نموّها
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- مُنحت جائزة نوبل في الطب لعام 2024 للعالمين فيكتور أمبروس وغاري روفكون لاكتشافهما الحمض النووي الريبي الدقيق (microRNA) ودوره في تنظيم الجينات، حيث بدأ الاكتشاف من دراسة دودة "الربداء الرشيقة" (C. elegans).

- اكتشف العالمان أن جزيئات RNA الصغيرة تتحكم في عمل الجينات دون إنتاج بروتينات، مما غيّر فهم العلماء لكيفية عمل الجينات، ووجدت هذه الجزيئات في معظم الكائنات الحية، بما فيها البشر.

- يفتح هذا الاكتشاف آفاقًا جديدة لفهم الأمراض وتطوير علاجات جديدة، ويبرز أهمية البحث العلمي الأساسي في الكائنات البسيطة لفهم صحة الإنسان.

مُنحت جائزة نوبل في الطب لعام 2024 للعالمين فيكتور أمبروس وغاري روفكون لاكتشافهما الحمض النووي الريبي الدقيق (microRNA) أو الميكروي، ودوره الحاسم في تنظيم الجينات بعد عملية النسخ.
وبدأت قصة هذا الاكتشاف المهم مع نتائج بحوثهم حول دودة صغيرة جداً اسمها "الربداء الرشيقة" (C. elegans). هذه الدودة التي لا يتجاوز طولها ملليمتر واحداً كانت بطلة جائزة نوبل مرتين! ففي عام 2002، ساعدت في فهم كيفية تطور الأعضاء وموت الخلايا المبرمج. واليوم، في 2024، تعود لتساعد في فهم دور الحمض النووي الريبي الدقيق في تنظيم عمل الجينات.
وبدأ العالمان أمبروس وروفكون دراستهما على هذه الدودة في الثمانينيات. في ذلك الوقت، كان العلماء يعرفون الخطوط العريضة لكيفية إنتاج البروتينات في الخلايا، لكنهم لم يفهموا لماذا تنتج الخلايا المختلفة (مثل الخلايا العصبية وخلايا الدم الحمراء) بروتينات مختلفة رغم أنها تحتوي على الحمض النووي (DNA) نفسه.
وخلال دراستهما، لاحظ العالمان أن بعض الطفرات في جينات الدودة تسبب اضطرابات في نموها. وعند التحقيق أكثر، اكتشفا أن هذه الطفرات تنتج جزيئات RNA صغيرة جداً لا تنتج بروتينات، بل تتحكم في عمل جينات أخرى. وجاء هذا الاكتشاف مفاجئاً للغاية، إذ كان يُعتقد سابقاً أن جميع جزيئات RNA تنتج بروتينات.
في البداية، كان العلماء مترددين في تصديق هذا الاكتشاف. لكن بعد فترة قصيرة، وجد روفكون نوعاً آخر من هذه الجزيئات الصغيرة في الدودة، وتبين أنه موجود أيضاً في معظم الكائنات الحية، بما فيها البشر. ويعني هذا الاكتشاف أنه جرى الحفاظ على هذه الجزيئات عبر ملايين السنين من التطور، ما يدل على أهميتها الكبيرة.
ومنذ ذلك الحين، اكتشف العلماء أكثر من 1000 نوع من هذه الجزيئات الصغيرة في جسم الإنسان. وكل واحد منها يتحكم في عمل العديد من الجينات، وهي ضرورية للتحكم الدقيق في نشاط الجينات في الجسم. وقد غير هذا الاكتشاف فهم كيفية عمل الجينات بشكل جذري.

ولا تقتصر أهمية هذا الاكتشاف على فهم آليات عمل الخلايا فحسب، بل تمتد إلى فهم أسباب بعض الأمراض. فعندما يحدث خلل في عمل هذه الجزيئات الصغيرة، قد تنشأ مشاكل صحية خطيرة مثل السرطان. كذلك قد تسبب التغييرات في الجينات المسؤولة عن إنتاج هذه الجزيئات مشاكل خلقية تؤثر في السمع أو البصر أو العظام.
وفتح هذا الاكتشاف مجالاً جديداً للبحث العلمي، وقد يؤدي في المستقبل إلى تطوير علاجات جديدة للعديد من الأمراض. كذلك فإنه يسلط الضوء على أهمية البحث الأساسي في الكائنات البسيطة، حيث يمكن لدراسة دودة صغيرة أن تقود إلى فهم أعمق لصحة الإنسان وأمراضه.
ويبرز هذا الاكتشاف أهمية البحث العلمي الأساسي والفضول العلمي. فمن كان يتخيل أن دراسة دودة صغيرة جداً ستفتح المجال لاكتشافات علمية مهمة كهذه؟ هذا الاكتشاف مثال رائع على أنّ البحث العلمي في أبسط الكائنات قد يقود إلى ثورة في فهم حياة الإنسان وصحته.

المساهمون