نقابات ومنظمات حقوقية تدعو إلى حماية حرية التعبير والإعلام في تونس

27 يوليو 2021
تشديد على ضرورة حماية حرية الصحافة والمسار الديمقراطي (ياسين محجوب/فرانس برس)
+ الخط -

تلقي الأحداث التونسية بعد قرارات الرئيس قيس سعيد الانقلابية بثقلها على وسائل الإعلام وعمل الصحافيين في البلاد، وسط تغطيات تدور حولها علامات استفهام، إثر سكوت عدد من وسائل الإعلام وإحجامها عن تغطية الأحداث، في ظلّ محاولات لإسكات وسائل إعلام أخرى، بينها قناة "الجزيرة" التي اقتحم الأمن التونسي أمس مكتبها وأغلقه، إضافة إلى التلفزيون "العربي" الذي حاصر مكتبه عناصر أمن في العاصمة التونسية أمس. هذا فيما تعرّض صحافيون لاعتداءات خلال قيامهم بعملهم من قبل محتجين في الشوارع التونسية.

وتتوالى ردود الفعل في تونس وحول العالم، التي تطالب بأغلبها باحترام حرية التعبير وحماية أبرز مكتسب للثورة التونسية، ألا وهو حرية الصحافة. 

وقالت نقابة الصحافيين التونسيين في بيان لها إنّه سبق إغلاق مكتب الجزيرة شنّ صفحات مؤيدة لقرارات قيس سعيد  حملة تحريض على قناة "الجزيرة".

وأشارت النقابة إلى انتهاكات أخرى، بينها الاعتداء بالعنف اللفظي ومضايقة مراسل قناة "العربية" وليد عبد الله من قبل أنصار حركة النهضة بعد حملة تحريض طاولته.

وأعلنت أنّ قوات الأمن في منطقة باردو عمدت إلى إتلاف الهواتف الجوالة الخاصة بالصحافيين العاملين في المؤسسات الإعلامية الأجنبية ومنعهم من العمل.

وأدانت النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين بشدة سابقة اقتحام مقرّ قناة الجزيرة، وإجبار العاملين فيها على مغادرة مقرّ عملهم وتعطيل حرية العمل الصحافي، في خرق واضح للقوانين الوطنية والدولية. ونددت بإتلاف الهواتف الجوالة لمراسلي القنوات الأجنبية ومنعهم من العمل. 

ودعت النقابة رئيس الجمهورية قيس سعيد إلى التدخل العاجل والفوري لضمان حرية العمل الصحافي والتصدي لكل الإجراءات غير القانونية، وفقاً لما ينص عليه الدستور. وعبّرت النقابة عن خشيتها من أعمال انتقامية في حق المؤسسات الإعلامية من قبل أنصار الأطراف المؤيدة والمعارضة للقرارات الأخيرة لرئيس الجمهورية قيس سعيد، على خلفية خط المؤسسات الإعلامية التحريري. ودعت النقابة الأطراف كافة إلى احترام طبيعة العمل الصحافي، ودعوة أنصارها إلى ضبط النفس في تعاملهم مع الصحافيين الميدانيين ومع المؤسسات التونسية والأجنبية العاملة في تونس.

واعتبرت شبكة "الجزيرة" في بيان لها أنّ تصرف السلطات التونسية تصعيد يدعو للقلق، ونخشى أن يمثل عائقاً أمام تغطية مهنية وموضوعية، داعيةً السلطات التونسية إلى السماح لصحافييها بالعمل دون عوائق وممارسة مهنتهم دون ترهيب.

من جانبه، اعتبر رئيس اتحاد الصحافيين العرب إغلاق مكتب الجزيرة في تونس "أمراً مستهجناً ولا نسمح به". ودعا في حديث للجزيرة الرئيس التونسي إلى دعم الإعلام وعدم تكميم الأفواه.

وحضّت منظمة العفو الدولية الرئيس التونسي على "التعهّد علناً باحترام حقوق الإنسان وحمايتها، بما في ذلك الحق في حرية التعبير والتجمّع السلمي". وأدانت المنظّمة الاثنين الإغلاق القسري لمكاتب قناة الجزيرة، واصفة الأمر بأنه "شائن". واعتبرت أن الإغلاق "سابقة مقلقة للغاية تظهر أن حقوق الإنسان بخطر".

كذلك، أدانت منظمة "مراسلون بلا حدود" إغلاق قوات الأمن التونسية مكاتب "الجزيرة". وجاء في بيان أصدرته: "نطالب بإعادة فتح المكاتب فوراً من دون تأخير، وبعودة الصحافيين إلى العمل في ظروف طبيعية".

وعبّرت الخارجية الأميركية عن انزعاجها على وجه خاص بشأن التقارير عن إغلاق مكاتب إعلامية في البلاد.

واعتبر منسق برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في لجنة حماية الصحافيين، شريف منصور، أنّ ما حصل مع قناة الجزيرة تصعيد خطير على صعيد حرية الصحافة في تونس لم نرَه على مدى 10 سنوات، وهو يؤدي في الأساس إلى تأميم العمل الصحافي.

وأشار منصور إلى أن هذا التصعيد سبقته تهديدات طاولت صحافيين ومدونين، وكانت لجنة حماية الصحافيين تحذر من الانحراف عن المسار الديمقراطي وحرية التعبير. ورأى أنّ ما يحصل هجوم على التجربة التونسية وهجوم على المطالب التي نادى بها الشعب التونسي منذ 10 سنوات بحرية التعبير والحرية بشكل عام. وجدد المطالب بالتزام الحكومة والرئيس تعهداته للدستور وضمانات حرية التعبير التي قدم التونسيون تضحيات كبيرة للحصول عليها، وأن تستمر تونس مركزاً لحرية التعبير في الشرق الأوسط ومنارةً لمن يدافع عن الديمقراطية وملاذاً لمن يطالب بأن تستمر التجربة الديمقراطية والربيع العربي داخل تونس وخارجها.

محلياً، عبّرت "الهايكا" التونسية عن خشيتها أمام حادثة اقتحام مكتب قناة الجزيرة وإغلاقه بعد إجبار العاملين فيه على إخلائه، مطالبة بكشف الخلفيات التي أدت إلى ذلك، وداعية إلى ضرورة التعاطي مع ملف القنوات الأجنبية في إطار القانون وباعتماد مبدأ الشفافية واحترام حرية العمل الصحافي. ودعت إلى ضرورة حماية الصحافيين، وخاصة خلال عملهم الميداني، وعدم استهدافهم أو التضييق عليهم.

وأكدت الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري (الهايكا) ضرورة التشبث بالحق في حرية التعبير والإعلام وعدم التفريط في هذا المكسب تحت أي ظرف كان. ودعت في بيان لها، أمس الاثنين، رئيس الجمهورية إلى ضمان هذه المبادئ الدستورية وتكريسها على أرض الواقع. هذا، وتذكّر الهيئة القنوات التلفزية والإذاعية بضرورة التشبث باستقلالية خطها التحريري والتصدي لأي محاولة للاستغلال والتوظيف.

ودعت الهيئة كل مؤسسات الإعلام السمعي البصري إلى القيام بوظيفتها في الإخبار ونقل الأحداث وتقديم المعلومة للمواطن بعد التثبت والتحري في صدقيتها. كذلك دعت الصحافيات والصحافيين إلى ضرورة القيام بدورهم بكل مسؤولية في هذا الظرف الاستثنائي من خلال التزام قواعد المهنة وأخلاقياتها والتحلي بأعلى درجات الموضوعية والنزاهة، وإلى الحرص على تقصي الخبر واستقائه من مصادره وتقديم المعلومة الدقيقة والثابتة وتوخي الحذر من الأخبار المنشورة على صفحات التواصل الاجتماعي التي قد تكون زائفة أو مضللة. وحذرت الهيئة من محاولات استغلال المنابر الإعلامية لبثّ خطابات التحريض على الكراهية والعنف.

وأكدت الهيئة أنه، وإن شاب المشهد الإعلامي بعض النقائص والإخلالات بتأثير من لوبيات المال والسياسة، فإن معالجة ذلك لن تكون إلا من خلال تأصيل حرية التعبير وتقنين مؤسساتها وتطوير الإطار المنظم لحرية الاتصال السمعي البصري وفق المعايير الدولية وإعلاء سلطة القانون. ودعت الهيئة القنوات غير القانونية إلى التوقف عن البث وتحمّلها مسؤولية ما يمكن أن ينجرّ عن الخطابات التحريضية التي تبثها.

إعلام وحريات
التحديثات الحية

من جهتها، أكدت النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين، في بيان ثانٍ أمس، مساندتها المطلقة للمطالب المشروعة التي رفعها التونسيون خلال تحركاتهم الاحتجاجية في مختلف الولايات يوم عيد الجمهورية على خلفية تردي أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية والصحية والناتجة من فشل منظومة الحكم برمته، محذرة من المساس بأي مكسب من مكاسب ثورة الحرية والكرامة. 

وعبّرت النقابة عن شديد قلقها إزاء ما يهدد حرية التعبير والصحافة والإعلام من مخاطر ومحاولات الزج بهما في الصراع السياسي. وتدعو الجميع إلى النأي بالإعلام والصحافيين عن كل هذه التجاذبات واحترام مبدأ حرية التعبير والصحافة المكفولة بالدستور. 

ودعت النقابة الصحافيين ومختلف المؤسسات الإعلامية إلى التحلي بروح المسؤولية في هذا الوضع الدقيق، والتقيد باخلاقيات المهنة والتثبت من الأخبار وعدم بث خطابات الكراهية والعنف والتحريض سواء على مواقع التواصل الاجتماعي أو في المواد الصحافية. 

وطالبت نقابة الصحافيين رئيس الجمهورية بتوضيح الرؤية في ما يتعلق بالتدابير الاستثنائية المعلنة ووضع خريطة طريق بمشاركة مختلف القوى الوطنية دون إقصاء، وتكون وفقاً لروزنامة زمنية محددة ضامنة لمدنية الدولة واستمرارية مسار الانتقال الديمقراطي. ودعت النقابة كل مكونات الساحة السياسية إلى التهدئة والتعقل وعدم الانجرار نحو مربع العنف والانقسامات بين التونسيين.

وكان نقيب الصحافيين التونسيين، محمد ياسين الجلاصي، ضمن من استقبلهم الرئيس التونسي قيس سعيد أمس الاثنين في قصر قرطاج، إضافةً إلى رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، جمال مسلم، وكاتب عام الرابطة، بشير العبيدي، ورئيس المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية عبد الرحمن الهذيلي.

المساهمون