يسأل الناس عادة في الثلث الأخير من كل شهر: كيف يمكن أن نصل إلى نهاية الشهر المقبل، من دون أن نشعر بالإحباط المالي؟
وكلما أمعن المرء في التفكير أبعد من الشهر، أي إلى خطط مستقبلية لسنوات مقبلة، يتّضح أكثر أن توفير المال يحتاج إلى تغيير سلوكي جذري.
قد يشمئز البعض من نصائح يسديها أصحاب الملايين، لدى حديثهم عن التوفير، وربما يوصفون بالتقتير، الذي جعلهم يجمعون الملايين.
لكن هذا ليس دائماً صحيحاً. فقد تحمل بعض النصائح خبرة تلزمنا في تعديل أنماط السلوك، وفي جزء أساسي منها عدم الفشل في إدارة مالنا، أو تثميره، ما يودي بنا إلى العيش في مكابدة نفسية، وخوف مزمن.
هذه جملة من النصائح في هذا السياق، توردها مجلة "ريدرز دايجست" الأسترالية:
ضع بطاقة الائتمان جانباً
يمكن لبطاقات الائتمان أن تخرب حياة حتى أفضل المدخرين، وفقاً للملياردير مارك كوبان مالك نادي "دالاس مافريكس" لكرة السلة في تكساس، مضيفاً: "بطاقات الائتمان تخدعك لإنفاق المزيد من الأموال".
وفي دراسة نُشرت في مجلة Marketing Letters، وجد باحثو معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا أن المتسوقين ينفقون ما يصل إلى 100 في المائة أكثر عند الدفع ببطاقة ائتمان، وكانوا على استعداد لدفع ضعف ما دفعوه نقداً.
مواصلة التقدم
عند توفير المال، يمكنك تعزيز تقدمك، سواء كنت تستخدم تطبيقاً للميزانية أو قائمة ورقية بسيطة، فإن تتبع مدخراتك يمكن أن يقربك كثيراً من الهدف المنشود.
فهذا هو مؤسس شركة مايكروسوفت، بيل غيتس، شارك بهذه النصيحة في رسالته السنوية لعام 2013 لمؤسسة بيل وميليندا غيتس قائلاً: "في العام الماضي صُدمت مراراً وتكراراً بمدى أهمية القياس في تحسين حالة الإنسان"، مضيفاً: "يمكنك تحقيق تقدم مذهل إذا حددت هدفاً واضحاً، ووجدت مقياساً يدفع التقدم نحو هذا الهدف".
عش ببساطة
الشخص الذي صاغ عبارة "فلس واحد تم توفيره هو قرش مكتسب" ربما تكون لديه الفكرة الصحيحة.
يعد وارن بافيت أحد أغنى الناس في العالم لعقود، ولديه ثروة صافية تقدر بـ 88 مليار دولار، إلا أنه لا يزال يستخدم الهاتف القابل للطي، ويعيش في المنزل الذي اشتراه عام 1957 مقابل 31500 دولار.
وبالمثل، فإن قطب النفط تي بون بيكنز يضع في خزانة ملابسه الأساسيات فقط. يقول: "يفاجأ الناس دائماً بأن ليست لدي خزانة مليئة بالبدلات".. أشتري ثلاث بدلات كل خمس سنوات أو نحو ذلك، ولا أملك سوى عشر بدلات. هذا كل ما أحتاج إليه".
استثمر في نفسك أولاً
ليس هناك شك في أن استثمار أموالك هو مفتاح تجميع الثروة بسرعة. لكن وفقاً لتاكر هيوز، الذي أصبح مليونيراً في سن الـ22، فإن أول استثمار (والأهم) يجب أن تقوم به هو في نفسك. كتب في إحدى المدونات: "اقرأ ما لا يقل عن 30 دقيقة يومياً. استهلك المعرفة مثل الهواء، وضعْ سعيَك للتعلم فوق كل شيء آخر".
إن القيام بذلك سيضمن عائداً كبيراً على استثمارك، بغض النظر عن الاتجاه الذي تسير فيه سوق الأسهم، كما يقول هيوز.
تغييرات صغيرة
يكشف المليونير العصامي كريس راينينغ السر وراء توفيره أول مليون دولار، بالقول إنه "التخلص من عمليات الشراء الصغيرة غير الضرورية".
ويضيف: "أعلم أن هناك بعض الأشخاص الذين يقولون إنه يجب ألا تقلق بشأن قهوة لاتيه بقيمة 5 دولارات، ولكن كلما فكرتُ في الأمر، كان الاستغناء عن اللاتيه بقيمة 5 دولارات أمراً جيداً للبدء". وفي النهاية، يقول: "التغييرات الصغيرة ستقودك لتكون قادراً على إجراء التغييرات الكبيرة".
تنويع مصادر الدخل
اكتشفت دراسة على مدار خمس سنوات لأصحاب الملايين العصاميين أن معظمهم لديهم مصادر متعددة للدخل، تتراوح من إيجارات العقارات إلى استثمارات سوق الأسهم إلى الأعمال الجانبية.
65 في المائة من أصحاب الملايين لديهم ثلاثة مصادر، و45 في المائة لديهم أربعة، و29 في المائة لديهم خمسة مصادر أو أكثر.
وذكرت الدراسة: "كلما زاد الدخل الذي يمكنك تحقيقه في الحياة، كان بيتك المالي أكثر أماناً".
الادخار
يقول ريان ستيومان، المليونير ومؤلف أحد أكثر الكتب مبيعاً Elevator to the Top، إن خدعته الأولى في التوفير تمثلت في سحب الأموال تلقائياً من راتبه ووضعها في حساب توفير. حتى أنك لن تلاحظ اختفاء الأموال، ومع نمو مدخراتك يمكنك استخدامها للاستثمار في الأسهم أو سداد دفعة إضافية على قرض عقاري أو قروض أخرى، على حد تعبيره.
قاعدة 50-30-20
قد يتلخص سر الادخار الكبير في ثلاثة أرقام بسيطة. فقد حصد الرئيس التنفيذي لموقع "ذي باني هوردر"، كايل تايلور، الملايين في غضون أعوام بفضل قاعدة "50%-30%-20%".
باستخدام هذه الصيغة، خصص 50% من الأموال التي حصل عليها للادخار، والمصاريف الأساسية مثل الإيجار وشراء التموين الأساسي للبيت، و30 في المائة لمشتريات كمالية مثل الملابس الجديدة، و20 في المائة للأنشطة الترفيهية مثل الحفلات الموسيقية أو تناول الطعام بالخارج.
هوس الإنفاق
ينصح خبير تكوين الثروة توم كورلي، بتجنب العبودية للرغبات. ووفقاً له فهناك لدى البعض استسلام للإرضاء الفوري، وتخلٍّ عن المدخرات من أجل شراء الأشياء التي يريدونها الآن، سواء كانت أجهزة تلفزيون 60 بوصة، أو سيارات باهظة الثمن، أو أحذية فاخرة، أو تمضية عطلات جميلة. إنهم مستعدون لأن يرزحوا تحت الديون من أجل تمويل مستوى معيشتهم.
لا تقرض الأصدقاء والأقارب
ينبغي ألا يقاس حبّك لعائلتك وأصدقائك بكرمك، ولكن في بعض الأحيان يكون هذا هو بالضبط ما نفعله. إذا لم تفعل ذلك، فقد يكون هناك توتر، وإذا قمت بذلك، فقد لا تستعيد الأموال أبداً وتجد نفسك مستاء من ذلك.
إذا كان عليك إقراض المال لشخص قريب منك وعزيز عليك، فتأكد من أن القرض ليس مفتوحاً.
كن منفقاً ذكياً
تعمق كورلي في فكرة الإنفاق الذكي في دراسته، ومما جاء فيها تفضيله الشراء بكميات كبيرة. يقول: "إذا تم القيام به بشكل صحيح وباستخدام العناصر المناسبة، فإن الشراء بالجملة يمكن أن يوفر نقود أسرتك ويقلل من الهدر".
ورق التواليت، والصابون، ومنظفات الغسيل، والمناشف الورقية، والشامبو هي عناصر ثبت أنها أرخص بكثير عند شرائها بأحجام أكبر.
إعطاء الأولوية للمواد الغذائية مثل عصير التفاح أو السلع المعلبة أو الزبادي، والتي يمكن تقسيمها إلى عبوات زجاجية وحفظها للاستخدام في المستقبل.
تقليل تكاليف الطاقة عبر استخدام مصابيح اقتصادية، بغية خفض فاتورة الكهرباء.
ويخلص كورلي إلى أنه "بمجرد أن تنفق أموالك، تختفي. عندما تصطدم بعثرة في الطريق، مثل فقدان الوظيفة، تضطر حينها إلى بيع أغراضك. إذا انخفضت قيمة الأشياء التي اشتريتها، فستحصل على سنتات بدل كل دولار دفعته.
كن مقتصداً، لكن لا تشترِ الرخيص
في دراسة كورلي، وجد أن 66 في المائة من الفقراء اعترفوا بأنهم يلجأون إلى البضائع والخدمات الأرخص. ويوضح قائلاً: "التكلفة الرخيصة بالنسبة لهم تعني إنفاق أموالهم على أرخص منتج أو خدمة متوفرة". لكن المنتجات الرخيصة تتدهور بمعدل أسرع بكثير من المنتجات عالية الجودة.
ويشير أيضاً إلى أنه عند البحث عن الخدمات، فإن أولئك الذين يقدمون خدمات رخيصة عادة ما يكونون عديمي الخبرة أو ليسوا جيدين في ما يفعلونه. لو كانوا جيدين، لكانوا قادرين على فرض أسعار أعلى.