نزاع على بلوزة تراثية بين "لوي فيتون" وحِرَفيي رومانيا

14 يوليو 2024
يحتاج الرومانيون إلى نحو شهر لصنع البلوزة، 29 يونيو 2024 (دانييل ميهايليسكو/ فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- في قرية فايديني الرومانية، أثارت بلوزة من تصميم "لوي فيتون" غضب السكان المحليين لاعتبارها سرقة لتراثهم الثقافي، مما دفع وزارة الثقافة الرومانية للمطالبة بالاعتراف بالتراث.
- بعد تصاعد الجدل، اعتذرت "لوي فيتون" وسحبت البلوزة من السوق، حيث قادت جمعية "البلوزة الرومانية" حملة احتجاجية ناجحة عبر الإنترنت.
- خبراء القطاع انتقدوا "لوي فيتون" لتعاملها باستخفاف مع الموضوع، مشددين على أهمية حماية الجمالية الاستثنائية للملابس التقليدية الرومانية.

في قرية فايديني الرومانية، عند سفح جبال الكاربات، لم يكن معظم السكان قد سمعوا يوماً بعلامة "لوي فيتون" الفرنسية الفاخرة، قبل أن تظهر في تشكيلتها الشاطئية بلوزة بيضاء مطرزة بنقوش سوداء.

وثارت ثائرتهم عندما شاهدوا، في بداية يونيو/ حزيران، صورة عارضات يرتدين هذا الموديل المعروف بـie، وهو أحد ملابسهم التراثية الشهيرة. وبعبارة "لا أقبل أن يُسرق زيُّنا"، علّقت ماريا جيوانكا، وهي واحدة من آخر 20 خياطة في القرية التي يبلغ عدد سكانها 3600 نسمة، في مقابلة مع وكالة فرانس برس، خلال مهرجان شعبي أقيم أخيراً لتسليط الضوء على هذا الزي. أما إيوانا ستانيلويو (76 عاماً) فرأت في قطعة "لوي فيتون" نسخة "سيئة جداً" من الزي التقليدي، وسألت: "لماذا يجري تسخيف أزيائنا؟".

وأثارت البلوزة "البوهيمية" التي صممها المصمم نيكولا غيسكيير ردات فعل حتى على أعلى مستويات الدولة الأوروبية الشرقية. فقد طلبت وزارة الثقافة من علامة لوي فيتون التجارية، التابعة لمجموعة "إل في إم إتش" LVMH، "الاعتراف بالتراث الثقافي الروماني الذي لا يقدر بثمن"، مذكّرة بأنه شكّل "مصدر إلهام على مر العصور" للمصممين في كل أنحاء العالم. فمن "إيف سان لوران" إلى "جان بول غوتييه"، ومن "كينزو" إلى "ديور"، غالباً ما استلهمت دور الأزياء من التراث الروماني.

لكنّ شبكات التواصل الاجتماعي وفّرت صدى أوسع لردات الفعل التي باتت تتمتع بفاعلية أكبر، وفي كل أنحاء العالم، باتت أصوات مزيد من الشعوب ترتفع رفضاً لاستحواذ العلامات التجارية على جوانب من تراثها.

الصورة
نزاع على بلوزة تراثية بين "لوي فيتون" وحِرَفيي رومانيا
تتهم الدار الفرنسية بـ"انتهاك الحقوق الثقافية" للمجتمعات (إكس)

آلاف اليوروات لقاء بلوزة "لوي فيتون"

حرصاً من "لوي فيتون" على تفادي تصاعد الجدل، اعتذرت الدار للدولة الرومانية عن الخطأ وسحبت المنتَج من السوق من دون ضجة.

وقد بيع نحو 40 من النسخ الستين المتوافرة، لقاء سعر يبلغ آلاف اليوروات لكل منها، بينما يحتاج الحرفيون الرومانيون إلى نحو شهر لصنع بلوزة مطابقة للأصول الفنية، يتراوح سعرها النهائي ما بين 300 و400 يورو.

وتولّت جمعية تحمل اسم "البلوزة الرومانية" رفع الصوت احتجاجاً، وهي تطلق منذ عام 2017 حملات عبر الإنترنت تطالب فيها العلامات التجارية بأن "تنسب" لرومانيا أي ملابس مستوحاة من تراثها. وقد أثمرت جهودها أحياناً، وحققت نجاحات، إذ إن المصمم الأميركي توري بورش وافق تحت الضغط على تعديل وصف أحد معاطفه.

وفي حالة "لوي فيتون"، لقيت الرسالة المنشورة على "فيسبوك"، التي تتهم الدار الفرنسية بـ"انتهاك الحقوق الثقافية" للمجتمعات، صدى قوياً، على ما لاحظت المؤسِسَة أندريا تاناسيسكو. وصرحت لوكالة فرانس برس أنها ومواطنيها "سعداء" طبعاً بهذا الإبراز غير المتوقع لتراثهم، لكنّ "الناس تألموا لعدم ذكر المصدر". كذلك شعروا بالاستياء لأن هذه البلوزة، المقدسة في نظر الرومانيين، أُدرِجت ضمن مجموعة الشاطئ.

ورأت المرأة البالغة 49 عاماً أن تجنب المشكلة كان ممكناً لو تصرفت الدار بلباقة، و"أمضت وقتاً مع سكان المنطقة وأقامت روابط" معهم. أما الوزارة فأشارت إلى إمكان التعاون مع "لوي فيتون" من خلال المعارض والأنشطة، إذ "يمكن أن يكون الجميع رابحاً".

"لوي فيتون" والتعامل باستخفاف

أسفت أوساط خبراء القطاع أيضاً لكون دار "لوي فيتون" تعاملت مع هذا الموضوع باستخفاف. وشددت فلوريكا زاهاريا التي أقامت أول متحف للنسيج في رومانيا عام 2018 بعدما عملت نحو ثلاثة عقود في متحف متروبوليتان للفنون في نيويورك على أهمية حماية "الجمالية الاستثنائية"، مشيدة بـ"جمال" هذه الملابس وبما وصفته بـ"أناقتها المتكتمة".

وليست البلوزة حاصلة على براءة اختراع، لكنّ هذه المهارة الحرفية الرومانية مدرجة منذ عام 2022 ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي لـ "اليونسكو".

لكن أصواتاً أخرى رأت أن مثل هذه السجالات عقيمة. ويعتقد أمين متحف الثقافة الفلاحية في بوخارست هوراسيو إيليا أنه من الأجدى "العمل على نقل المعرفة إلى الأجيال الشابة" من خلال إجراءات تدريبية ملموسة، بدلاً من "نشر الغسيل القذر جهاراً".

ورأت إليانا بالوتا (38 عاماً) التي انتقلت من التدريس إلى الخياطة أن "الحاجة ملحّة" لتخليد هذا التقليد وجذب زبائن جدد.

لكن القلق واضح لدى كبار السن. وقالت الحرفيّة إيوانا ستانيلويو إنها "خائفة من المستقبل"، إذ إن ابنتها وحفيداتها الأربع غادرن القرية، ونسين تالياً التطريز الذي تعلمنه في صغرهنّ.

(فرانس برس)

المساهمون