"ندراً عليّا" لبهاء سلطان... خيارٌ سهل لمواكبة الرائج

15 ديسمبر 2022
كأن الفنان يحاول الاستفادة من خلافه القديم مع نصر محروس (فيسبوك)
+ الخط -

مع عودة بهاء سلطان إلى تقديم الأغاني الجديدة منذ عام تقريباً، إثر تسوية وضعه القانوني مع المنتج نصر محروس والمصالحة بينهما، عرف جيداً كيف يفرض اسمه مجدداً كواحد من أبرز مغني البوب المصريين. في أغنيته "ندراً عليا"، وهي ثاني أغاني ألبومه الجديد مع شركة روتانا، بعد "دلوقتي عجبناكو" (كلمات منة القيعي وألحان عزيز الشافعي)، يؤكد حقيقة أنه صاحب أحد أفضل الأصوات العربية، ويرسّخ طريق خروجه من سيطرة نصر محروس على إنتاجه.

لكن عودة سلطان إلى الساحة الغنائية طرحت إشكالية جديدة، وهي المقارنة التلقائية بين ما قدّمه خلال سنوات تعاونه مع محروس (سنواته الذهبية)، وما يقدّمه الآن، وبينهما سنوات بقي فيها صاحب "تعالى أدلعك" غائباً عن الساحة، وممنوعاً من العمل نتيجة عقد الاحتكار مع شركة فري ميوزيك التي يملكها محروس.

هذه المقارنة تحولت تلقائياً إلى عبء على سلطان وما يقدمه من أغان جديدة، خصوصاً أن نجاحه الأكبر كان قبل ثماني سنوات، في وقت كان فيه المشهد الموسيقي المصري والعربي مختلفاً. من هنا نعود إلى أغنية "ندراً عليا" (كلمات أيمن بهجت قمر وألحان محمد يحيى) التي أداها سلطان بشكل المونولوغ الفكاهي، مع استخدام كلمات إنكليزية، لإضافة أجواء المرح ومواكبة ما هو رائج على مواقع التواصل الاجتماعي. لكن هذا القالب لا يناسب خامة صوت بهاء النادرة في الوسط الفني، إذ يملك صوتاً جميلاً ويجيد الغناء والطرب بلا صعوبات ولا افتعال.

لكن هذه المقومات الفنية لم تعد ضرورية لصناعة النجاح اللحظي والـ"ترند"، وهو المحرك الرئيسي لصناعة الموسيقى في الوقت الحالي عربياً. انطلاقاً من هذا الواقع، فإن فرصة تقديم أغان تراوح بين البوب والطرب بات مستحيلاً، وهو ما صعّب مهمة بهاء سلطان الذي بنى شهرته كلها على هذا النوع الموسيقي. لذا، ذهب نحو خيارات سهلة، وأغان بسيطة بكلمات معلبة ومستهلكة. فكل مغنٍّ بإمكانه تأدية "ندراً عليا" التي تتشابه مع كل الأغاني الموجودة على الساحة، من دون أي بصمة خاصة، كما كانت الحال مع أغاني سلطان السابقة، أو حتى مع أغنية عودته إلى الساحة في مطلع هذا العام "تعالى أدلعك".

يقودنا هذا إلى مجموعة من علامات الاستفهام حول مستقبل بهاء سلطان الفني، وحول خياراته التي قد تغرقه وسط عشرات الأسماء التي تقدّم ما يقدمه بالضبط، من دون أي مقومات فنية إضافية أو استثنائية.

لنقرأ معاً كلمات أغنية "ندراً عليا": "وسين ولام وألف وميم وسلام سلام من أربع حروف... كل اللي عدى سموه ظروف... كان ضعف لحظة أو قولوا خوف... ندرا عليا لأدبح خروف... مانا اتدبست مانا اتدبست". بعيداً عن ركاكة الكلمات والاستسهال في القافية والصورة الغنائية، إلى حد خلق مفارقة مضحكة ما لم نقل ساذجة، يتضح أن بهاء سلطان ما زال يحمل غضباً داخلياً تجاه المنتج نصر محروس، أو لنقل إنه يحاول الاستفادة من خلافهما الماضي، في تقديم أغان تثير التساؤلات وتخلق "ترند" خاصاً بها. لكن، في الحالتين، النتيجة سيئة على المستوى الفني.

وإن كانت الكلمات ضعيفة، فإن اللحن (محمد يحيى) والتوزيع (وسام عبد المنعم) جاءا متناسقين مع الكلام، مع محاولة لإعطاء مساحة لصوت سلطان، بهدف إضافة ولو جزء بسيط من إمكانياته الصوتية في المقطع الثاني.

المساهمون