"ميتا" تخوض السباق إلى روبوتات المحادثة بحذر

11 فبراير 2023
تتخوف من التورط أكثر في قضايا التضليل والمحتوى المؤذي (رافاييل إنريكي/Getty)
+ الخط -

يشهد قطاع التكنولوجيا سباقاً محموماً بين شركات عالمية عدّة، من بينها "غوغل" و"مايكروسوفت" الأميركيتان و"بايدو" الصينية، على إنتاج روبوت المحادثة الخاص بها، وهو برنامج قادر على خوض محادثة شبيهة بالحوار بين البشر، وعلى الإجابة عن الأسئلة التي تُطرح عليه بصورة دقيقة نوعاً ما، وحتّى على كتابة روايات أو قصائد في ثوانٍ. لكن "ميتا"، التي لطالما كانت رائدة في مجال الذكاء الاصطناعي، تبدو غائبة عن هذا السباق، لكن الحقيقة أنها تفضل البقاء بعيدة عن الأضواء، فهي غير مستعدة لتحمل كلفة ما قد ينتج عن هذا القطاع من تضليل وأخبار زائفة ومحتوى مؤذ.

قبل أسبوعين من إطلاق برنامج تشات جي بي تي ChatGPT في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، كشفت "ميتا"، وهي الشركة الأم لـ"فيسبوك" و"واتساب" و"إنستغرام"، عن برنامج الدردشة الآلي الخاص بها. أطلقت على برنامجها المخصص للأبحاث العلمية اسم "غالاكتيكا" Galactica، وهو قادر على إنشاء مقالاته الخاصة، وحل مسائل الرياضيات، وتوليد كود حاسوب، والتعليق على الصور.

لكن مثل ChatGPT، يقدّم "غالاكتيكا" أيضاً معلومات فضفاضة وسريعة وغير دقيقة، إذ يلفّق البراهين الرياضية، ويخطئ في ذكر التواريخ، وأقنعه أحد المستخدمين بالحديث عن تاريخ الدببة في الفضاء، وعندما سُئل عمّن يدير وادي السيليكون، أجاب بأنه ستيف جوبز. وواجهت "ميتا" مجموعة كبيرة من الشكاوى حول حوادث "غالاكتيكا" المؤسفة، أبرزها نشر المعلومات المضللة وخطاب الكراهية، ما دفعها إلى حذف البرنامج من الإنترنت.

منذ نحو عقد من الزمان، أنفقت "ميتا" مليارات الدولارات على بناء أنواع جديدة من الذكاء الاصطناعي، وكانت هذه المسألة أولوية لها، حدّدها رئيسها التنفيذي ومؤسسها مارك زوكربيرغ. ووظّفت الشركة المئات من كبار الخبراء في الذكاء الاصطناعي، وأنفقت مئات الملايين من الدولارات على الكميات الكبيرة من الطاقة الحاسوبية اللازمة لبناء أنظمة الذكاء الاصطناعي. ومع ذلك، استُبعدت "ميتا" عن الأضواء بعد استحواذ "الذكاء الاصطناعي التوليدي" على النقاش، وهو الاسم الذي يطلق على التقنيات التي تولد النصوص والصور والوسائط الأخرى بمفردها. واحتلت "أوبن إيه آي" OpenAI التي أطلقت ChatGPT مركز الصدارة، على الرغم من أن "ميتا" وشركات عدة أخرى دشنت تقنيات مماثلة.

تكنولوجيا
التحديثات الحية

وسارع كثيرون إلى الانضمام إلى السباق. أعلنت شركة التجارة الإلكترونية الصينية العملاقة علي بابا، الخميس، أنّها تعمل على تصميم أداة محادثة خاصة بها قائمة على الذكاء الاصطناعي، سعياً إلى منافسة نظام ChatGPT الأميركي الذي حظي بإقبال شعبي واسع. وأوضحت ناطقة باسم "علي بابا" لوكالة فرانس برس أنّ أداة المحادثة التي صمّمتها المجموعة هي حالياً قيد الاختبار من قبل موظفيها، لكنّها لم تحدّد تاريخ إطلاقها أو المنصة التي ستكون متاحة عليها. كما كشفت شركة بايدو الصينية العملاقة للإنترنت، هذا الأسبوع، أنّ المرحلة التجريبية لأداتها الخاصة القائمة على الذكاء الاصطناعي، أرني بوت، تنتهي في مارس/ آذار المقبل. أما شركة مايكروسوفت الأميركية فتوصلت إلى اتفاق تبلغ قيمته مليارات الدولارات مع شركة أوبن إيه آي الناشئة، لإدراج أدوات محادثة جديدة قائمة على الذكاء الاصطناعي في محرك البحث الخاص بها، بينغ. كذلك أعلنت "غوغل"، الأربعاء، مجموعة وظائف قائمة على الذكاء الاصطناعي.

لكن "ميتا" تعثرت لأسباب بينها سمعتها كشركة عملاقة تساعد في نشر الأكاذيب. وبسبب مسؤوليتها تجاه مليارات المستخدمين، لا يمكنها ترك روبوت محادثة عبر الإنترنت يمكنه توليد معلومات خاطئة ومتحيزة. في المقابل، لا تتلقى شركات صغرى، مثل "أوبن إيه آي"، نفس الانتقادات رغم أن برامجها الآلية ترتكب الأخطاء أيضاً.

وحوّلت "ميتا" تركيزها نحو عالم ميتافيرس الذي يصر مارك زوكربيرغ على أنه مستقبل الإنترنت. وعلى المدى القصير، من غير الواضح كيف يمكن للشركة تقديم منتجات ذكاء اصطناعي توليدي مع خدماتها الحالية، وبطريقة تجذب انتباه الجمهور.

هذا لا يعني أن "ميتا" لا تحاول. خلال اجتماع مع المستثمرين، ذكر زوكربيرغ مراراً أن الذكاء الاصطناعي هو "أساس محرك الاكتشاف وأعمال الإعلانات لدينا"، وأضاف أنه "سيسمح بمنتجات جديدة عدة وتحولات إضافية داخل تطبيقاتنا". وفي وقت سابق من العام الماضي، أطلقت "ميتا" برنامجها الآلي "بلندربوت" BlenderBot، لكنها لم تتحه للعامة، لضمان عدم إنتاج محتوى مسيء.

كانت القاعدة في "ميتا" سابقاً هي: "تحرك بسرعة، وحطم الأشياء"، بحيث تطلق خدمات جديدة غير كاملة ثم تصححها مع الوقت، لكنها تعرّضت خلال السنوات الأخيرة لتدقيق شديد من المنظمين والمسؤولين والمستخدمين حول العالم، وواجهت اتهامات لاذعة بنشر التضليل، لذا تتأنى الآن في عالم البرامج الآلية.

المساهمون