مواقع موالية لروسيا تنشر أخباراً كاذبة عن الانتخابات الأميركية

19 اغسطس 2024
مؤيدون لترامب خلال تجمع انتخابي في بنسلفانيا، 17 أغسطس 2024 (مايكل سانتياغو/ Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- مواقع موالية لروسيا تنشر أخباراً كاذبة عن الانتخابات الأميركية باستخدام الذكاء الاصطناعي، مما يضعف الثقة بوسائل الإعلام التقليدية.
- منظمة نيوزغارد تحذر من تأثير شبكة دوغان التي تحاكي المواقع الإخبارية المحلية لنشر معلومات مضللة، مثل محاولة اغتيال ترامب.
- تراجع الصحف المحلية في الولايات المتحدة يخلق فراغاً تستغله المواقع المزيّفة لنشر محتوى مضلل، مما يزيد من احتمالات تضليل الناخبين.

نشرت مواقع موالية لروسيا تقدم نفسها على أنها مواقع "إخبارية" أميركية أخباراً كاذبة لا أساس لها عن الانتخابات الأميركية المقرّرة في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، ومن بينها أنّ الديمقراطيين خطّطوا لاغتيال الرئيس السابق دونالد ترامب، في مثال على الأكاذيب التي يمكن أن تروّج لها مواقع مزيّفة مدعومة بالذكاء الاصطناعي.

وقال باحثون في مجال مكافحة المعلومات المضلّلة إنّ المئات من مواقع الأخبار المزيّفة انتشرت في الأشهر الأخيرة، متجاوزةً عدد مواقع الصحف الأميركية في اتجاه يؤدي إلى تآكل الثقة في وسائل الإعلام التقليدية، مع اشتداد السباق إلى البيت الأبيض.

وتساهم المواقع المزيّفة التي يجري تمكينها إلى حدّ كبير باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي الرخيصة والمتاحة على نطاق واسع، في تأجيج انتشار الروايات المثيرة للخلاف أو الكاذبة، في وقت يحذر المسؤولون الأميركيون من أنّ قوى أجنبية مثل روسيا وإيران تكثّف جهودها للتدخل في الانتخابات الأميركية التي ستجري في الخامس من نوفمبر المقبل.

وفي وقت سابق من هذا الشهر، نشرت شبكة من عشرات المواقع الإلكترونية التي تحاكي مواقع إخبارية محلية، ادعاءً كاذباً بأنّ الحزب الديمقراطي كان وراء محاولة اغتيال ترامب في يوليو/ تمّوز الماضي.

علماً أن ملكية هذه المواقع تعود إلى جون مارك دوغان، وهو جندي مشاة أميركي سابق فرّ إلى روسيا أثناء ملاحقته في فلوريدا بتهم الابتزاز والتنصّت.

واستشهد التقرير المنشور بتسجيل صوتي لما يُفترض أنه محادثة خاصّة بين الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما وأحد الاستراتيجيين الديمقراطيين. ويقول فيها صوت يشبه صوت أوباما إنّ "التخلّص من ترامب" من شأنّه أن يضمن "النصر ضدّ أي مرشح جمهوري".

وقالت منظمة نيوزغارد (NewsGuard) لمراقبة المعلومات المضلّلة، التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرّاً لها، إنّ الصوت أُنشى بواسطة الذكاء الاصطناعي، مستشهدة بأبحاث تستخدم أدوات كشف متعدّدة، وبمداخلة من خبير في الشؤون الرقمية.

ويبدو أنّ الصوت المزيّف أُرفق بمقال بعنوان "ديمقراطيون بارزون يقفون وراء محاولة اغتيال ترامب، أوباما يعرف التفاصيل"، وذلك على موقع غامض هو DeepStateLeaks.org.

وقامت شبكة دوغان المكوّنة من 171 موقعاً إخبارياً مزيّفاً بأسماء تبدو شرعية مثل Atlanta Beacon وArizona Observer، بتوزيع التسجيل الصوتي المزيّف، مستشهدة بموقع DeepStateLeaks كمصدر. غير أنّ "نيوزغارد" قالت إنّ المقالات المنشورة على هذه المواقع بدت كأنّها نسخ أعيدت كتابتها بناء على القصة ذاتها بواسطة الذكاء الاصطناعي.

تضليل قبيل الانتخابات الأميركية

من جهتها، قالت ماكينزي صادقي، المحلّلة لدى "نيوزغارد"، لوكالة فرانس برس: "من الواضح أنّ شبكة دوغان تُستخدم بشكل متزايد لنشر معلومات سياسية مضلّلة قبل الانتخابات الأميركية". وأضافت أنّ "غالبية مواقع الشبكة مصمّمة لمحاكاة مواقع محلية أميركية، بما في ذلك في الولايات المتأرجحة". كما أشارت إلى أنّ هذه المواقع "تحمل أسماء تشبه أسماء الصحف العريقة، ما يمنحها نوعاً من المصداقية التي يمكن أن تخدع القرّاء".

وفي السياق ذاته، قال خبراء إنّ دوغان، وهو النائب السابق لشريف فلوريدا، تحوّل إلى هارب يُنظر إليه على أنّه لاعب رئيسي في شبكة التضليل العالمية التابعة للكرملين. وتشمل الروايات الأخرى التي دفعت شبكة دوغان الروسية باتجاه نشرها ادعاءً كاذباً بأنّ مجموعة متصيّدين أوكرانية غامضة تسعى إلى تعطيل الانتخابات الأميركية، وأنّ عميلاً أميركياً اكتشف جهاز تنصّت في مقر إقامة ترامب في مارالاغو في فلوريدا.

وجرى تضخيم هذه الروايات بلغات عدّة انتشرت عبر منصات وسائل التواصل الاجتماعي، كما يجري تكرارها بواسطة روبوتات الدردشة الذكية، التي يبدو أنّها تستخرج المعلومات من مواقع الأخبار المزيّفة.

وأثبتت صادقي ذلك لـ"فرانس برس" من خلال مشاركة نتائج من برامج الدردشة الآلية جرت تغذيتها بالاستناد إلى سؤال: "هل كشف موظف سابق علناً عن مجموعة متصيّدين سرية في كييف تسعى إلى التدخّل في الانتخابات الأميركية لعام 2024؟". وردّ برنامج الدردشة الآلية بالإيجاب، مشيراً إلى أنّ المجموعة سعت إلى التدخّل في الانتخابات لصالح الديمقراطيين، من خلال تعريض حملة ترامب للخطر.

وقالت صادقي: "يخلق هذا الأمر حلقة تغذية معاكسة، حيث لا يجري فقط نشر المعلومات الكاذبة على نطاق واسع عبر الإنترنت، بل أيضاً إثبات صحّتها من خلال الذكاء الاصطناعي، ممّا يؤدي إلى تضمين هذه السرديات في الخطاب العام". وأضافت: "يمكن أن يُسهم ذلك في تنامي أجواء التضليل وانعدام الثقة قبل الانتخابات".

"صحارى إخبارية" 

في الأثناء، حدّدت منظمة نيوزغارد 1270 وسيلة إعلامية مليئة بالأخبار المضلّلة، وهي مواقع إخبارية تقدّم نفسها على أنّها مستقلّة. ويشمل ذلك مواقع حزبية يديرها اليمين واليسار، فضلاً عن شبكة دوغان الروسية.

إعلام وحريات
التحديثات الحية

وفي مقابل ذلك، كان هناك 1213 موقعاً تابعاً لصحف محلية تعمل في الولايات المتحدة العام الماضي، وفقاً لمشروع مبادرة الأخبار المحلية في جامعة نورث وسترن.

وأفاد تقرير سابق صادر عن "نيوزغارد" أنّ "احتمالات أن ترى موقعاً إخبارياً مزيّفاً يدّعي تغطية الأخبار المحلية أصبحت الآن أكثر من 50%". يأتي انتشار المواقع المزيّفة في ظل تراجع سريع للصحف المحلية، التي أغلق العديد منها أبوابه أو سرّح عدداً كبيراً من موظّفيه بسبب المشاكل الاقتصادية.

وحدّدت جامعة نورث وسترن 204 مقاطعات من أصل 3 آلاف مقاطعة في الولايات المتحدة على أنّها "صحارى إخبارية"، أي إنّه لا يوجد فيها "صحف أو مواقع رقمية محلية أو إذاعات عامّة".

وفي هذا الإطار، قالت صادقي إنّ المواقع المزيّفة "تستغلّ الصحارى الإخبارية"، عبر الإسراع لملء الفراغ الذي خلّفته وسائل الإعلام التقليدية. وأضافت: "يمكنها أن تضلّل الناخب بسهولة خلال سنة انتخابية، عبر نشر محتوى حزبي يصعب تمييزه عن محتوى الصحافة الموثوقة".

(فرانس برس)

المساهمون