مواقع التواصل في المغرب: ملاذ الحالمين بـ"الفردوس" الأوروبي

15 سبتمبر 2024
مهاجرون يعبرون حدود المغرب مع إسبانيا في سبتة، 30 أغسطس 2019 (أنتونيو سيمبيري/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **تنامي استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في الهجرة غير الشرعية بالمغرب**: شهدت المغرب زيادة في استخدام منصات مثل فيسبوك وتيك توك لتحريض الأفراد على الهجرة غير الشرعية، مما أدى إلى استنفار أمني وعمليات مكثفة بين 9 و11 سبتمبر، أسفرت عن توقيف 60 شخصاً.

- **تحقيقات وتوقيفات واسعة النطاق**: تمكنت الأبحاث التقنية من تحديد هويات 13 شخصاً متورطين في نشر محتويات تحريضية، وتم توقيفهم في مدن متعددة، بالإضافة إلى توقيف 47 مشتبهاً في طنجة.

- **دور وسائل التواصل الاجتماعي في الهجرة غير الشرعية**: أشار خبراء إلى أن شبكات التواصل الاجتماعي أصبحت أداة رئيسية لتبادل المعلومات بين المهاجرين غير النظاميين، مما يستدعي فرض رقابة متوازنة لضمان عدم استخدامها في التحريض.

 

بعد تنامي توظيف مواقع التواصل الاجتماعي في موجة الهجرة غير الشرعية المتزايدة في المغرب أخيراً، ظهرت تساؤلات كثيرة حول طبيعة ما يحصل، مع دعوات إلى فرض الرقابة على محتويات المنصات.

إذ تحوّل موقع فيسبوك وتطبيق تيك توك خلال الأيام الماضية في المغرب إلى أداة لتحريض الحالمين بالوصول إلى "الفردوس الأوروبي" على التسلل إلى مدينة سبتة، اليوم الأحد، سباحةً وعبر اقتحام السياج الحدودي بشكل جماعي، وتنظيم هجمات مفاجئة على الحدود بين مدينة الناظور، شمال شرقي المغرب، ومليلية المحتلة. وأدى تداول تلك المنشورات والفيديوهات إلى حالة استنفار أمني قصوى في منطقتي الفنيدق، شمالي البلاد، وبنيونش، وبالقرب من معبر مليلية المحتلة. في حين أدّت العمليات الأمنية التي باشرتها مصالح الشرطة في مدينتي طنجة وتطوان لمكافحة المحتويات الرقمية التي تحرض على تنظيم الهجرة غير الشرعية، بين 9 و11 سبتمبر/أيلول الحالي، إلى توقيف 60 شخصاً، من بينهم قاصرون، وذلك للاشتباه في تورطهم في فبركة ونشر أخبار زائفة على شبكات التواصل الاجتماعي تحرض على تنظيم عمليات جماعية للهجرة غير المشروعة.

ومكّنت الأبحاث التقنية والتحريات الميدانية المنجزة، وفق بيان المديرية العامة للأمن الوطني، من تحديد هويات 13 شخصاً متورطين في نشر وتقاسم هذه المحتويات الرقمية، وذلك بناء على معطيات دقيقة وفّرتها مصالح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، قبل أن توقفهم الشرطة القضائية في مدينة تطوان خلال عمليات أمنية نفذت في مدن الدار البيضاء وتطوان والعرائش ووزان والرباط وميسور ووجدة وفاس والمحمدية وويسلان. كذلك، أسفرت عملية أمنية مماثلة نُفّذت في مدينة طنجة عن توقيف 47 مشتبهاً فيه مباشرةً بعد وصولهم إلى المدينة عبر محطة القطار والمحطة الطرقية، وذلك في محاولة منهم للاستجابة لشرائط الفيديو والمحتويات الرقمية التحريضية لتنفيذ عملية جماعية للهجرة غير المشروعة.

وفي السياق، رأى رئيس مرصد الشمال لحقوق الإنسان بالمغرب، محمد بن عيسى، أن عمليات نشر أخبار زائفة على مواقع التواصل في المغرب حول وجود "هجمة" متوقعة يوم 15 سبتمبر الحالي من طرف مهاجرين غير نظاميين مغاربة وأجانب على حدود سبتة ومليلية المحتلتين أعادت النقاش حول علاقة الهجرة غير النظامية بشبكات التواصل الاجتماعي. وأوضح محمد بن عيسى في تصريح لـ"العربي الجديد" أن بوادر هذه الظاهرة ليست وليدة اليوم، بل تطوّرت خلال السنوات الماضية، خاصةً بعد أن بدأت شبكات الاتجار في البشر بتوظيف وسائل التواصل الاجتماعي لعرض خدماتها، والتي تتضمن المسارات الممكنة ووسائل الهجرة المختلفة، مقابل عمولات مالية تتفاوت بحسب المسار والطريقة.

ولفت محمد بن عيسى إلى أن التحول الذي وقع أخيراً كان أن المهاجرين غير النظاميين أنفسهم باتوا يوظفون تلك الشبكات لأهداف متعددة، مجملاً إياها في خلق مجتمع افتراضي بين المهاجرين غير النظاميين متضامن وقوي، مما أفرز مخيالاً ووعياً جمعياً، وإبداع صور ذهنية حول "الحلم الأوروبي"، ونقل تجارب نجاح حية لمهاجرين غير نظاميين. وذهب إلى أن هذه الظاهرة أفرزت كذلك نشأة مجال عام افتراضي للتعبير، يفرّ مما هو رسمي، وبعيدٌ عن مقص الرقابة، وهو ما يبرز من خلال منشورات "الحكرة"، والسخط على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، إلى جانب كونها مصدراً غنياً بالمعلومات، عن الصعوبات والعوائق المتعلقة بمسارات الهجرة، مما يسهم في خفض التكاليف والمخاطر التي تنطوي عليها الهجرة وضمان النجاح. وأوضح أن المهاجرين غير النظاميين يوظفون وسائل التواصل الاجتماعي كذلك من أجل التمويه والتخفي في مواجهة رقابة السلطات المغربية والإسبانية.

من جهته، قال الخبير المغربي في شؤون الهجرة ورئيس جمعية الريف لحقوق الإنسان، شكيب الخياري، في حديث مع "العربي الجديد"، إن الرقابة على محتويات وسائل التواصل الاجتماعي تمثل ضرورة في سياق مكافحة الهجرة غير النظامية، وأكد على ضرورة أن تخضع تلك المحتويات للرقابة لضمان عدم استخدامها في نشر تحريض يشجع على الهجرة غير القانونية، مما يمكن أن يؤدي إلى مزيد من التدفق غير المنظم. وتابع: "من الضروري أن تتم هذه الرقابة بشكل متوازن، بحيث لا تنتهك حرية التعبير وتظل ضمن حدود القوانين الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان. كما يجب أن توجه بشكل يضمن سلامة وأمن المجتمعات مع الحفاظ على حقوق الأفراد الأساسية".

المساهمون