مهمة غير مسبوقة: مركبة فضائية ستصطدم بكويكب لتغيير مساره

23 سبتمبر 2022
اختبار رئيسي لقدرة البشرية على منع الأجسام الكونية من تدمير الحياة (جيم واتسون/فرانس برس)
+ الخط -

ستحاول وكالة الفضاء الأميركية (ناسا)، الاثنين، القيام بإنجاز لم تشهد البشرية مثيلاً له من قبل، وهو صدم مركبة فضائية عمداً بكويكب لتحويل مساره، في اختبار رئيسي لقدرة البشرية على منع الأجسام الكونية من تدمير الحياة على الأرض.

وأطلقت المركبة الفضائية دابل أسترويد ريدايركشن تست (دارت) من كاليفورنيا في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وهي تقترب بسرعة من هدفها الذي ستضربه بسرعة 23 ألف كيلومتر في الساعة. أما حجمها فأصغر من حجم سيارة، فيما يبلغ قطرها نحو 160 متراً.

ولا داعي للهلع. فلا الكويكب ديمورفوس، ولا الكويكب الأكبر الذي يدور حوله ديديموس، يشكّلان أي تهديد، لأنّهما يدوران حول الشمس على مسافة نحو سبعة ملايين ميل من الأرض في أقرب نقطة.

لكن "ناسا" اعتبرت أنّ من المهم تنفيذ هذه المهمة قبل أن تكون الحاجة إليها فعلية. وقال المسؤول في قسم الدفاع الكوكبي في "ناسا"، ليندلي جونسون، للصحافيين في مؤتمر، الخميس: "إنها لحظة مثيرة ليس للوكالة فحسب، بل أيضاً لتاريخ الفضاء والبشرية".

وإذا سار كل شيء وفق المخطط، فمن المتوقع أن يحدث الاصطدام بين المركبة الفضائية والكويكب عند الساعة 19:14 بالتوقيت الشرقي (23:14 بتوقيت غرينتش)، ويمكن متابعته عبر البث المباشر لـ"ناسا".

ومن خلال الاصطدام بديمورفوس، تأمل "ناسا" في دفعه إلى مدار أصغر حيث توفر عشر دقائق من الوقت الذي يستغرقه للالتفاف حول ديديموس الذي يبلغ حالياً 11 ساعة و55 دقيقة، وهو تغيير سيكتشف بواسطة تلسكوبات أرضية في الأيام التالية.

وهذه التجربة ستجعل ما جُرِّب في السابق فقط في الخيال العلمي حقيقة.

من أجل ضرب هذا الهدف الصغير ستتوجه المركبة بشكل مستقل خلال الساعات الأربع الأخيرة من الرحلة، مثل صاروخ موجه ذاتياً. وستلتقط كاميرتها، المسماة "دراكو"، الصور الأولى للكويكب الذي لا يعرف شكله بعد. وبمعدل صورة في الثانية، ستكون رؤيته ممكنة مباشرة على الأرض مع تأخير نحو 45 ثانية فقط.

وبعد دقائق، سيمرّ قمر اصطناعي بحجم علبة أحذية يسمى LICIACube وانفصل عن "دارت" قبل أسبوعين، قرب الموقع، لالتقاط صور الاصطدام والمواد المقذوفة. وستُرسل صور LICIACube في الأسابيع والأشهر التالية.

كذلك، ستراقب هذا الحدث مجموعة من التلسكوبات، على الأرض وفي الفضاء، من بينها "جيمس ويب"، وقد تكون قادرة على رؤية سحابة غبار مضيئة.

وأخيراً، سيراقب مسبار هيرا الأوروبي، المقرر إطلاقه عام 2024، ديمورفوس عن كثب عام 2026، لتقييم عواقب الاصطدام وحساب كتلة الكويكب للمرة الأولى.

يُعتبر عدد قليل جداً من مليارات الكويكبات والمذنبات الموجودة في النظام الشمسي الذي تنتمي إليه الأرض خطراً على كوكب البشر، ولن يكون أي منها كذلك في السنوات المائة المقبلة. إلا أنّ كبير العلماء في "ناسا" توماس تسوربوخن قال: "أضمن لكم أنه إذا انتظرتم مدة كافية، سيكون هناك جسم ما".

ورصد حتى الآن نحو 30 ألف كويكب من كل الأحجام قرب الأرض (تطلق عليها صفة أجسام قريبة من الأرض، أي أن مدارها يتقاطع مع مدار كوكب البشر). ويعثر على نحو ثلاثة آلاف نوع جديد كل عام.

ووفقاً للعلماء، رصدت كل الكويكبات التي يبلغ طولها كيلومتراً أو أكثر بشكل شبه كامل. لكنهم يقدّرون أنهم لم يرصدوا إلا نحو 40% من الكويكبات التي يبلغ مقاسها 140 متراً أو أكثر، وهذه لديها القدرة على تدمير منطقة كاملة.

إذا أخطأت "دارت" هدفها، ستكون لدى المركبة كمية وقود كافية لمحاولة أخرى في غضون عامين. لكن إذا نجحت، ستكون خطوة أولى نحو عالم قادر على الدفاع عن نفسه من تهديد وجودي في المستقبل، كما قالت نانسي شابوت، من مختبر الفيزياء التطبيقية في جامعة جونز هوبكنز.

(فرانس برس)

المساهمون