"مهرجان ريتروفاتو الـ37": احتفالٌ بأفلام مُرمّمة وللعرب حضورٌ

28 يونيو 2023
آنا مانياني: تكريم لها بمناسبة مرور 50 عاماً على وفاتها (Getty)
+ الخط -

 

برنامج ضخم تحفل به الدورة الـ37 (24 يونيو/حزيران ـ 2 يوليو/تموز 2023) لـ"مهرجان السينما ريتروفاتو" (il Cinema Ritrovato)، الخاص بترميم الأفلام وإعادة اكتشافها، الذي ـ بجهود منظّميه ـ جعل "سينماتيك بولونيا" مشهورة في العالم. برنامج يعرض 470 فيلماً، في 7 صالات، وأخرى في الهواء الطلق، في "ساحة ماجوري"، في المدينة التاريخية الساحرة الإيطالية "بولونيا" (شمالي إيطاليا)، المعروفة بـ"المدينة الحمراء"، ذات الـ12 باباً. والمدينة، إحدى أشهر المدن الايطالية، تتميّز بالهدوء، نسبياً. فيها جامعة من العصور الوسطى، أي أنّها من 10 أقدم جامعات في العالم، وإحدى أكثر الوجهات الدراسية التي يقصدها طلاب كثيرون في أوروبا، الذين يُشكّلون 58 بالمائة من سكّانها.

في هذه المدينة الثقافية، النابضة بالحيوية، يُنظّم المهرجان الذي يمنح المشاركين فيه رحلة ممتعة في سرداب الفنّ السابع، بتغطيته نحو 120 عاماً من تاريخ السينما، بدءاً من السينما الصامتة، وفيها روائع وتحف سينمائية نادرة، ونسخ 35 ملم و16 ملم. أفلامٌ كهذه تُعرض رفقة موسيقى حيّة تعزفها أوركسترا بولونيا في حفلتين في الساحة نفسها، (ماجوري) ثم في "بياتزيتا بازوليني"، حيث يعزف فرانك بوكيوس (طبل) وجون سويني (بيانو) الموسيقى في برنامج "أفضل أفلام عام 1903"، مع دخان ضوئي لتعزيز سحر العرض.

"ماذا تعني إعادة اكتشاف ومشاهدة النسخ الأصلية لأفلام مخرجين كبار؟ تعني تجديد حبّ السينما وعشقها، وقراءة شغف المؤلّف بين السطور، وتعزيز متعة أنّك مُشاهد في ظلام المشهد، من دون أي تدخل". هكذا يُحدّد منظّمو المهرجان هدفه، مع روائع فيلمية مستعادة، كانت مخفية ويُعاد اكتشافها، من آسيا والشرق الأوسط وأفريقيا والدول العربية وأوروبا والأميركيتين. بهذا، يُتيح المهرجان فرصة التعرّف على أفلامٍ استثنائية، لم تنل حظّها من الشهرة، فيعرض النسخ الأصلية لأفلام جان رينوار وميكلأنجلو أنتونيوني وإنغمار برغمان وبرناردو برتولوتشي وفرنسوا تروفو وفيم فاندرز وألفرد هيتشكوك وياسوجيرو أوزو وديفيد لينش، وغيرهم.

تسترجع الدورة الـ37 قرناً من رؤى سينمائية، بأنواعها وأشكالها، وبنظرات ومواضيع وقضايا لا تزال حاضرة بقدر مدهش، مع ضيوفٍ يُثري وجودهم الدورة، بمحاضراتهم ونقاشاتهم، فتكون فرصةً للاستمتاع بتاريخ السينما، بينهم السويدي روبن أوستلوند، الذي سيقدّم محاضرة مفتوحة للجمهور، مع عرض فيلمه "المربع" (2017). هناك 18 درساً ومحاضرة، تتناول تطوّر الشكل الفني بين عامي 1903 و1923، وأبرز سمات أكثر من قرن من "عجائب" الفنّ السابع: أصول السينما وصانعو أفلام، إخراجاً وتصويراً وتمثيلاً، منحوا العالم ملمحه المعاصر، الذي لا يُنسى. من المحاضرين: فاندرز ولوكا غوادانينو وبوبي أفاتي وجو دانتي وباربيت شرودر.

 

 

هناك أيضاً احتفاء بالمصوّرة الفوتوغرافية والناشطة الجندرية نان غولدن، إحدى أجرأ الفنّانات الرائدات من أبناء جيلها، هي المولودة عام 1953، التي أحدثت ثورة في التصوير الفوتوغرافي منذ سبعينيات القرن الـ20، بتوثيق حياتها وحياة أصدقائها. أصبحت صُورها وصُور عائلتها، الملتقطة في ثمانينيات القرن الماضي، موضوع كتابها الأول، The Ballad Of Sexual Dependency، الصادر عام 1986.

يُكرِّم المهرجان الممثلة الإيطالية آنّا مانياني (1908 ـ 1973)، بمناسبة مرور 50 عاماً على وفاتها (ولدت لأبٍ مجهول، يُقال إنّه من الإسكندرية)، وكاتبة السيناريو الإيطالية سوزو تشكي داميكو (1914 ـ 2010)، التي كتبت نحو 120 سيناريو/فيلم منذ بداية الواقعية الجديدة، منها "سارقو الدراجات" (1948) لفيتّوريو دي سيكا، و"النمر" (1963) للوكينو فيسكونتي، والمخرج الأرمني روبن ماموليان، المشهور بترميز رؤيته في الضوء والحركة، ثم في اللون، وبمساهمته في انتقال هوليوود من مرحلة الصمت إلى مرحلة الصوت، بتفكيكه قيود الكاميرا، واستخدام الحوار كمرافقٍ للموسيقى، كما اعتمد على كاميرته المحمولة. يُمكن التعرّف على أسلوبه بفضل روح الدعابة وطابعه الإيروتيكي. يُذكر أنّ أفلامه كلّها تُعرض بنسخ 35 ملم، باستثناء "دكتور جايكل ومستر هايد" (1931)، الذي يُعرض بنسخة مرمّمة رقمياً.

الدورة الجديدة هذه لـ"مهرجان السينما ريتروفاتو" تحتفل بمئوية السينما التونسية، وتُكرّم أحد أبرز روّادها، المخرج ألبير شمامة شكلي (1872 ـ 1934)، مُصدرة عنه كتاباً (336 صفحة)، يتضمّن صُوراً عائلية وشخصية، وأخرى من أفلامه، ووثائق خاصة به يُكشف عنها للمرة الأولى. كما تُعرض نسخ ٌ مُرمّمة من أُفلامٍ له، وتُنظّم حفلة، يُشارك فيها المخرج التونسي محمد شلوف.

عربياً أيضاً، يُعرض "أحلام المدينة" (1984) للسوري محمد ملص، والفيلمان اللبنانيان "نساء فلسطينيات" (1974) للراحلة جوسلين صعب (1948 ـ 2019) و"ليلى والذئب" (1984) لهَني سرور، و"المخدوعون" (1972) للمصري الراحل توفيق صالح (1926 ـ 2013).

يُذكر أخيراً أن هناك عروضاً لأفلام وثائقية عن تاريخ السينما، وأخرى للأطفال والشباب.

المساهمون