مهرجان الفيلم العربي في برلين... دورة لفلسطين في جو معادٍ

10 مايو 2024
تحتضن العاصمة الألمانية فعاليات المهرجان بانتظام منذ العام 2009 (فيسبوك)
+ الخط -
اظهر الملخص
- اختتمت النسخة الخامسة عشر من مهرجان الفيلم العربي في برلين بتركيز على الأفلام الفلسطينية، معرفًا الجمهور بنضال الشعب الفلسطيني وسط أجواء مضطربة في العاصمة الألمانية، مما يبرز أهميته الثقافية والتعليمية.
- رغم التحديات والتحريض ضد الفلسطينيين في ألمانيا، شجع مدير المهرجان الجمهور على التأمل والنقد، مؤكدًا على دور المهرجان في تعزيز الوعي والتضامن مع القضية الفلسطينية.
- باسكال فخري، مديرة المهرجان، أكدت على أهمية تكريس النسخة لفلسطين، مواجهة المضايقات بنجاح وعرض السردية الفلسطينية للجمهور الألماني، مع مشاركة متنوعة وعرض أفلام بارزة تعكس قدرة السينما الفلسطينية على تناول قضاياها.

اختتمت الأسبوع الماضي فعاليات النسخة 15 من مهرجان الفيلم العربي في برلين (الفيلم)، والتي كرّست لعرض ومناقشة أفلام فلسطينية أو متعلقة بالقضية الفلسطينية، منها الصادر حديثاً، ومنها أفلام أعيد عرضها لجمهور يجهل الكثير عن تطورات نضال الشعب الفلسطيني من أجل حقوقه.

وأقيم مهرجان الفيلم العربي في برلين بنسخته المكرسة لفلسطين في ظل أجواء مضطربة تشهدها العاصمة الألمانية، التي استضافته منذ عام 2009. ومع بلوغ التحريض الرسمي والإعلامي على كل ما هو فلسطيني حدّاً غير مسبوق، فقد كانت هذه الدورة استثنائية لناحية خشية المنظمين من المضايقات الممكنة، سواء من الجهات الإعلامية أو مؤسسات الدولة. فقد سعت الأولى منذ بدء حرب الإبادة على الفلسطينيين، للتشهير بكل ما هو فلسطيني في ألمانيا وتخويف الجمهور من التعاطي معه، لتنجر خلفها مؤسسات الدولة.

وزاد من هذه المخاوف أن المهرجان دعا جمهوره، كما جاء في كلمة مديره ربيع الخوري، إلى "التأمل، والتحلي بشجاعة النقد، لاكتشاف قوة صوتك وتأثيره، للإصرار على أن قصصك يجب أن تبقى مرئية"، وذلك في ظل ما يعيشه العالم العربي من "الحروب الوحشية إلى الثورات التي أشعلها المنتفضون والمنتفضات في وجه أنظمتهم الظالمة، مروراً بموجات الهجرة، بمراكب اللاجئين الغارقة، بدوائر من عنف لا ينتهي ضد الشعب الفلسطيني".

وفي حديث مع "العربي الجديد"، قالت مديرة مهرجان باسكال فخري: "تكريس هذه النسخة من المهرجان لفلسطين كان في غاية الأهمية، خصوصاً في هذه الأجواء، فقد تعرض الكثير من الفنانين العرب واليهود للإلغاء والمنع بسبب تضامنهم مع الشعب الفلسطيني، لذا صار ضرورياً أكثر من أي وقت سابق عرض السردية الفلسطينية على شاشات السينما في ألمانيا، وتقديم المنظور الفلسطيني للجمهور في ألمانيا".

وأشارت فخري إلى أنّ منظمي مهرجان الفيلم العربي في برلين توقّعوا حصول مضايقات ومنع كما حصل في مؤتمر فلسطين قبل أسبوعين، كما لفتت إلى أن الشرطة "أجرت تحقيقات حولنا في سينما سيتي في منطقة فيدينج، شرقي برلين، من دون النظر في بوسترات المهرجان، ومن دون حتى أن يعلموا أن موضوعه هو فلسطين، فقط لأنه مهرجان للفيلم العربي". أضافت: "حين أخبر مدير صالة السينما رجال الشرطة بأننا موجودون منذ 15 عاماً، ونعرض في خمس قاعات منتشرة في برلين، وأن برنامجنا موجود على الإنترنت، شعروا بالإحراج لاشتباههم المسبق، قبل أن يقوموا بعمليات البحث الأولية حتى".

وعن قدرة السينمائيين الفلسطينيين على إنتاج أفلام تتناول قضاياهم، فقد أكدت فخري على وجود أسماء مهمة في الساحة الفلسطينية، مشيرةً في الوقت نفسه إلى صعوبة التعامل مع أحداث صعبة كالتي تجري اليوم، وأنها تتطلب دائماً الكثير من الوقت والجهد لكي يتمكن الفنان من استيعابها والتفاعل معها.

وبعد أن كان من المعتاد اقتصار دعوة المشاركة في مهرجان الفيلم العربي في برلين على فنانين وأكاديميين موجودين في "الشتات العربي"، فقد ارتأت إدارة المهرجان في نسخة هذا العام فتح باب المشاركة أمام كل الناشطين العرب بغض النظر عن أماكن وجودهم ونشاطهم.

وكان من بين هؤلاء مديرة المكتبة والأرشيف في الجامعة العربية الأميركية في رام الله الأستاذة رولا شهوان، التي شاركت في ندوة بعنوان "أن نحكي عن فلسطين". إضافةً إلى تقديم فيلم رائد الموجة الفرنسية الجديدة جان لوك غودار "هنا وهناك"، الذي صوّر في الأردن ولبنان، مطلع السبعينيات، خلال زيارة المخرج لمواقع وجود الفدائيين الفلسطينيين في الأردن ولبنان، وإجرائه العديد من المقابلات معهم، أثناء مرافقتهم بكاميرته.

ولفتت رولا شهوان في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أنّه كان من المقرر عرض الفيلم في قاعة سينما أرسينال الواسعة، قبل أن يتراجع القائمون عليها عن استقبال المهرجان وعرض الفيلم، ليُضطر المنظمون للاكتفاء بعرضه في قاعة صغيرة بعيدة عن وسط المدينة، مع حرمان الكثيرين من فرصة مشاهدة الفيلم لمحدودية المقاعد في القاعة، رغم امتلاكهم التذاكر.

واستغربت شهوان أن تحصل مضايقات لمنع عرض فيلم أحد أشهر وأبرز المخرجين الفرنسيين، الذي تعد أفلامه جزءاً من المنهاج في كل الجامعات والمعاهد التي تدرِّس السينما ليس في أوروبا فقط، بل وفي أغلب دول العالم. ويبدو أن غودار لم يحد عن النمطيِّ والمكرر في أساليب السرد البصرية فحسب، بل وفي الموضوعات وأساليب الطرح، والتي لا تزال تثير حفيظة السلطات التي لا تدع مناسبة لا تكشف فيها وجهها القمعي وتوجهها العنصري.

المساهمون