"ملتقى السفير"... إلى أن يدير حنظلة وجهه نحونا

29 نوفمبر 2023
جحر الديك في وسط غزة (محمد عبد/ فرانس برس)
+ الخط -

في أكتوبر/تشرين الأول، أطلق "ملتقى السفير" في بيروت سلسلة أنشطة بعنوان "فلسطين بلادنا". نظّم الملتقى بدايةً ورشة حول الحملة الإسرائيلية والغربية لتزوير وقائع الإبادة التي ترتكبها قوات الاحتلال الصهيوني في غزة، وجرائم الاحتلال ومستوطنيه في فلسطين عموماً. شكّلت تلك الورشة، التي حضرها عدد من الصحافيين والإعلاميين، نقطة انطلاق لسلسلة مفتوحة من النشاطات والفعاليات المتنوّعة، ما بين ورشات عمل، ولقاءات، وحفلات موسيقية، ومحاضرات، ومعارض فنية وغيرها، جميعها تصبّ في إطار العمل على مواجهة حرب الإبادة والتهجير في فلسطين.
تتمحور الفعاليات، أيضاً، حول صون ذاكرة الشعب الفلسطيني تراثاً وثقافةً وهويةً غير مجتزأة من هوية المشرق العربي، التي تهددها الحركة الصهيونية منذ عام النكبة. يقول مدير الأنشطة في "ملتقى السفير" يوسف نعيم: "نطمح من خلال ثيمة "فلسطين بلادنا" لتعزيز جهود المجموعات والأفراد المهتمين بالمساهمة في دعم الشعب الفلسطيني في نكبته المستمرّة، وذلك عبر إعداد محتويات فكرية وثقافية وصحافية ضمن ذلك الإطار. ونسعى لخلق محتوى بتوثيق الفعاليات التي يستضيفها الملتقى متطلّعين إلى أن يوظّف المحتوى هذا لخدمة مشاريعهم المستقبلية".
من النشاطات الأولى في هذا السياق، كانت أمسية موسيقية من الموروث الشعبي الفلسطيني، ونقاش حول الموروث الشعبي في فلسطين وسائر المشرق (كلاهما بتنظيم من "مِعزَف"). وعرض فيلم "استعادة" للمخرج رشيد مشهراوي، إضافة إلى حفل إطلاق كتاب "سرديّة الجرح الفلسطيني"، وهو مؤلّف للطبيب الفلسطيني غسان أبو ستة، والكاتب اللبناني ميشال نوفل (دار 180 بوست). "ملتقى السفير" لا يقتصر فضاؤه فقط على مساحة للفعاليات الثقافية، بل يشمل مقهى صغيراً مفتوحاً طوال العام لزوّار يختارون الهروب من زحام شارع الحمرا في بيروت، للتلاقي في مساحة حميمة. فالملتقى يشغل جزءا من الطابق الأرضي من مبنى "السفير"؛ الصحيفة اللبنانية التي أسسها الراحل طلال سلمان في بيروت عام 1974، وتوقّفت رسميّاً عن الصدور بُعيد عامها الثاني والأربعين، بسبب هيمنة الصحافة الإلكترونية. يشمل الملتقى استوديوهات صغيرة في المبنى ذاته، تحوّلت هويتها من مكاتب عمل لموظّفي الصحيفة إلى قاعات لتعليم الموسيقى والغناء وغيرها من الفنون الأدائية.
حول "فلسطين بلادنا"، يقول مدير العام لمؤسسة السفير أحمد طلال سلمان: "فلسطين في صميم وتركيبة جريدة السفير، فهي جريدة القضية ولم تكن يوما مشروعا إعلاميا فحسب. الجريدة توقفت عن الصدور منذ سبع سنوات، ولكن هويتها باقية من خلال ما تبقى منها كمؤسسة، إن كان بمبناها أو بأرشيفها المتاح بشكل مجاني لجميع من يهتم بما يخص فلسطين والمحاكم الدولية وأوسلو وكل ما يتعلّق بالقضية".
حول ملتقى السفير، يقول سلمان: "منذ عامين، بدأنا نسعى إلى أن تكون لدى جريدة السفير قاعة مفتوحة بشكل فعّال ودائم لإقامة نشاطات متنوعة ثقافية وسياسية. البداية كانت مع مؤتمر بمناسبة الذكرى الخمسين لاغتيال غسان كنفاني، تلاه معرض لأعماله الفنية، فنشاط لذكرى مجزرة صبرا وشاتيلا، محطة لمعرض "مهرجان بيروت للصورة" وفعاليات أخرى. ومن منطلق تحسين الخدمة للزوار، افتتحنا ركناً في القاعة لتقديم المشروبات والأطعمة الخفيفة، ولكن لم تكن الفكرة إقامة مقهى ينافس المقاهي التجارية في المدينة". ويضيف سلمان: "مع الوقت، تحوّل المكان إلى ملتقى يجمع من كان في السابق حاضراً في الجريدة ورقياً، من الكاتب والمكتوب عنه، صاحب القصة، المصوّر... إلخ، إذ عادوا للتلاقي والتفاعل في هذا المكان".

تجدر الإشارة إلى أن عنوان "فلسطين بلادنا" مستوحى من رسومات الفنّان الفلسطيني ناجي العلي، الذي عمل لسنوات في صحيفة السفير، وزيّنت رسوماته جدران مكاتبها بعد استشهاده عام 1987. وكما أدار"حنظلة" ناجي العلي ظهره للعالم معطياً وجهه أبداً لفلسطين، تستمر فعاليات "فلسطين بلادنا" من دون إطار زمني محدّد، بانتظار يوم يدير فيه حنظلة وجهه إلى القارئ.

المساهمون