العراقحذّرت اللجنة الشعبية لحماية الآثار والتراث في العراق من اندثار مقبرة المناذرة الأثرية في محافظة النجف جنوباً، بسبب الإهمال وقلة التخصيصات المالية، وسط دعوات موجهة للحكومة للاهتمام بحماية وتطوير القطاع.
والآثار في العراق لم تسلم من تبعات الوضع غير المستقر الذي جاء على مفاصل الحياة جميعها. وقد تعرضت المواقع الأثرية لحملات تخريبية منظمة وأعمال سرقة وتهريب ما زالت مستمرة، فضلاً عن التجاوزات المنظمة من قبل جهات متنفذة فرضت سيطرتها على مساحات تضم مواقع أثرية.
ووفقاً للمنسق العام عقيل غالب، فإن لجنته "سعت منذ عدة سنوات لإنشاء متحف النجف، وأن موافقات رسمية من الحكومة المحلية في النجف حصلت منذ العام 2020، وحدد موقعه من قبل قائممقامية وبلدية قضاء المناذرة في المحافظة، إلا أنه لم ينفذ لأسباب عدة، منها عدم توفير التمويل المالي"، مبيناً في تصريح لصحيفة الصباح المحلية الرسمية، الخميس الماضي، أن "المشروع يضم متحفاً لآثار دولة المناذرة التي تعود إلى ما قبل الإسلام، فضلاً عن الآثار الإسلامية لمدينتي النجف والكوفة".
وأكد عقيل غالب أن "إقامة المتحف في هذا الموقع يضمن حماية مقبرة المناذرة الأثرية من الاندثار، ويظهر الآثار التي تزخر بها هذه المنطقة، كما يحقق مورداً اقتصادياً من خلال إنعاش السياحة الأثرية"، مشيراً إلى أن "الموقع الأثري المذكور مهدد بالاندثار، والمقبرة مهددة أيضاً بالسرقة والتجاوز عليها من قبل السكن العشوائي، ما يتطلب إجراءات سريعة لحمايتها".
ومقبرة المناذرة أعلنت موقعا أثرياً منذ العام 1966، وتم التنقيب فيها أعوام 2001 و2002 و2007، إلا أن مساحة التنقيب لم تبلغ أكثر من 5 في المائة فقط من المساحة الكلية للمقبرة التي تتجاوز 1000 إلى 1400 دونم، وتضم قبوراً مسيحية يعود تاريخها إلى مملكة الحيرة.
الباحث في الآثار سلام الوندي انتقد استمرار الإهمال الحكومي للجانب التراثي في البلد، وقال في تصريح لـ"العربي الجديد": "يجب على الحكومة الجديدة (حكومة محمد شياع السوداني) أن تضع في حساباتها هذا القطاع الحيوي في البلد، من حيث أنه يمثل تراث وحضارة البلد، ومن حيث أنه يمثل مواقع سياحية ذات مردودات مالية، ما يتطلب وضع تخصيصات مالية للقطاع ضمن الموازنة"، وأشار إلى أن "الإهمال لا يقل خطراً عما واجهته المواقع الأثرية من أضرار على يد الجماعات المسلحة، وعلى الحكومة أن تكون على قدر المسؤولية بحماية الآثار وتطويرها".
وبعد الغزو الأميركي للعراق عام 2003 سرقت من متحف بغداد وحده نحو 15 ألف قطعة أثرية، و32 ألف قطعة من 12 ألف موقع أثري، والقطع التي سُرقت من المتاحف موثقة، وقد استعيد البعض منها، وكانت تُعرَض في الأسواق العالمية. ودمّر تنظيم داعش الإرهابي، الذي سيطر على ثلث مساحة البلاد في يونيو/ حزيران عام 2014، الكثير من المواقع الأثرية، غالبيتها شماليّ العراق. ويقول خبراء الآثار إن الجهاديين دمروا قطع الآثار الكبيرة وسرقوا القطع الصغيرة للاتجار بها.