استمع إلى الملخص
- **تنوع الأعمال الفنية**: يتميز معرض فنون المحاصيل بتنوع موضوعاته وأسلوبه المفتوح للجميع، ويشمل أعمالاً فنية من الحبوب والبذور والفاكهة المجففة، ويعكس القضايا السياسية والاجتماعية.
- **التحديات والجهود المبذولة**: يتطلب تنفيذ الأعمال الفنية جهداً كبيراً ووقتاً طويلاً، مع تحديات مثل الحشرات والفئران، مما يستدعي استخدام مواد كيميائية عازلة لحماية الأعمال.
مهرجان ولاية مينيسوتا الأميركية هو أهم تظاهرة سنوية لعرض المنتجات المحلية في الولاية ذات الطابع الريفي. يضم المهرجان عدداً من الأنشطة الفرعية التي يقبل عليها الجمهور وينتظرها من عام لآخر. بين هذه الأنشطة المهمة، يأتي معرض فنون المحاصيل (Crop Art Competition)، وهو تقليد سنوي ينظم منذ عام 1965، ويتنافس المشاركون فيه على تقديم أعمال فنية مصنوعة من الحبوب والبذور والفاكهة المجففة.
اكتسب المعرض شهرة كبيرة مع مرور السنوات، وتزايدت أعداد المشاركين فيه، وهو اليوم أحد أهم أجنحة مهرجان مينيسوتا وأكثرها حضوراً في وسائل الإعلام، نظراً إلى طرافة محتواة. في هذا المعرض، يمكن للمشاركين تقديم أعمالهم المصنوعة من الحبوب والبذور من دون الحاجة إلى أن يكونوا ممارسين أو دارسين للفن. الشرط الوحيد للمشاركة في هذا المعرض هو أن تكون الحبوب والبذور المستخدمة قد زُرعت في مينيسوتا.
يضم المعرض وجوهاً مصنوعة من بذور البطيخ ومشاهد طبيعية صنعت بعناية فائقة من بذور اليقطين أو عباد الشمس. لا يقتصر الأمر على الرسوم فقط، فللمشارك الحرية في فعل ما يشاء، كأن يكتب عبارات وجمل ذات مغزى، أو يبتكر في صنع تماثيل ومجسمات من ثمار الفاكهة. يُتيح المعرض لزواره أيضاً الاستمتاع بتذوق المشروبات الطبيعية التي تُنتج في مزارع مينيسوتا.
ولأن معرض فنون المحاصيل مُنفتح على كل الأساليب والأفكار، فقد تحول بمرور السنوات إلى منصة للتعبير السياسي. يمكن للجمهور أن يرى هنا انعكاساً لكل ما يدور على الساحة الأميركية من سجالات سياسية واجتماعية. يضم المعرض الحالي مثلاً صوراً مرسومة بحبات الفاصوليا والعنب للمرشح الرئاسي دونالد ترامب، إلى جانب تصريحات له مثيرة للجدل كالعادة. وثمة صور أخرى لكمالا هاريس المرشحة المنافسة لترامب. أما الشخصية السياسية الأبرز هذا العام في المعرض فهو تيم واليز، حاكم ولاية مينيسوتا، الذي اختارته كمالا هاريس نائباً لها في الانتخابات المقبلة.
يظهر واليز في أحد الأعمال في معرض فنون المحاصيل وهو يرتدي سترة مُزينة بخريطة الولاية، بينما يظهر في أعمال أخرى مع مقاطع مكتوبة من تصريحاته المرحة والغريبة حول الطعام والزراعة. إلى جانب واليز، كانت هناك أيضاً صور لشخصيات بارزة أخرى، بينها رشيدة طليب، النائبة الأميركية ذات الأصول الفلسطينية. لم تكن طليب وحدها التي تذكر الحضور بفلسطين، فبين المعروضات كان علم فلسطين حاضراً في أكثر من عمل، وهي المرة الأولى التي يظهر فيها علم فلسطين في هذه التظاهرة. واحد من هذه الأعلام صنعه صاحبه من حبوب الفاصوليا الخضراء والسوداء والحمراء وعليه عبارة "الحرية لفلسطين".
ميزة معرض فنون المحاصيل أنه مفتوح للجميع، إذ تُقبل كل الأعمال المقدمة أياً كان مستواها أو فكرتها. من أجل هذا، يتميز المعرض بالتنوع في موضوعاته، التي تراوح غالباً بين الجد والهزل والارتجال. قد يستغرق تنفيذ بعض هذه الأعمال أشهراً كاملة كما تقول إحدى المُشاركات في صفحة المهرجان على منصة إكس. تضيف المشاركة أن كثيراً من الناس قد يفاجأون بذلك، لكنها الحقيقة، فعمل بورتريه واحد من البذور والحبوب ينطوي على جهد وتركيز فائق ومراحل مختلفة. يجب أولاً اختيار الموضوع المناسب، ثم مُعالجة البذور لحمايتها من التعفن، هذا بالطبع قبل انتقاء درجات اللون المناسبة للوجه أو المشهد الطبيعي الذي يجري العمل عليه. في النهاية تأتي عملية اللصق بالغراء، وهي عملية شاقة وتستغرق وقتاً ليس بالقليل، كما تحتاج إلى الصبر، إذ يجب لصق البذور بعضها إلى جوار بعض بعناية حتى لا تنفلت لاحقاً. يقول مُشارك آخر إن الناس يتحملون هذا الجهد لمجرد المشاركة والتعبير عن آرائهم الشخصية في الحياة والمجتمع والسياسة، أو أي شيء يريدون التعبير عنه: "إنها متعة كبيرة أن تفعل شيئاً بديعاً وتعرف مُسبقاً أن الناس سيرونه".
على الرغم من هذه المتعة والحماسة التي عبر عنها عشرات المشاركين الفخورين بأعمالهم، إلا أن هناك خطراً يحاول الجميع تجنبه قدر الإمكان، كما يقول رون كلسي، المُشرف السابق على معرض فنون المحاصيل. يتمثل هذا الخطر في الحشرات والفئران وغيرها من القوارض التي تتغذى على هذه البذور. لذا، يغطّي فنانو المحاصيل أعمالهم بمادة كيميائية عازلة وشفافة. يقول رون كلسي: "قد يبدو أن طلاء عمل فني مصنوع من مواد طبيعية بمادة كيميائية أمراً متناقضاً، لكنه ضروري ولا مفر منه".