مطبوعات الصناعة السينمائية: جزءٌ من المهنة غير مُتداول عربياً

22 فبراير 2023
عمّال يرفعون دبّ الـ"برليناله 73": للصناعة حضور ومطبوعات (أود أندرسن/فرانس برس)
+ الخط -

تُصدر مجلّات سينمائية عدّة، في "أزمنة" المهرجانات، أعداداً يومية، وأخرى خاصة، توزّعها مجّاناً. يغلب على تلك المطبوعات صفة الصحافة السينمائية. تميل غالبية المجلات الأميركية والإنكليزية، تحديداً، إلى الصناعة والـ"بيزنس"، ونشر المعلومات الدائرة في إطار الإنتاج، أكثر من النقد، الذي تبرع فيه مجلات فرنسية، وبعض الإنكليزية، رغم وجود مجلات في فرنسا وبريطانيا غير مختلفة، كلّياً، عن تلك الأميركية، لعلّ أبرزها "الفيلم الفرنسي" (Le Film Francais)، المعنيّة أساساً بكلّ ما له علاقة بصناعة الأفلام، تجارة وأموالاً وإنتاجات ومشاريع واختصاصات.

إصدار أعدادٍ يومية في مهرجانات سينمائية دولية، كالـ"برليناله" و"كانّ"، تقليد مهنيّ، يُتيح اطّلاعاً على أحوال الصناعة ومشاغلها وبعض خفاياها. في مهرجانات كهذه، هناك سوقٌ ومنتديات، ومساحاتٌ للقاءاتٍ بين أصحاب مشاريع ومنتجين/مموّلين. هذا جزءٌ مهمّ من الصناعة، تستفيد منه مجلات عدّة لمتابعة الحاصل، ولتقديم معلومات ومعطيات، ما يُنبّه الناقد إلى أحوال الفن السابع، في جانبه الاقتصادي/التجاري الذي، رغم أهميته، غير مُثيرٍ لمتابعة نقّاد وكتاب مقالات سينمائية، المشترك بينهم/بينهنّ كامنٌ في تحليل فيلمٍ، أو إجراء حوار، أو كتابة تحقيق صحافي في لحظة إنجاز فيلمٍ، أو بحث في مسألة أو قضية.

الجانب الاقتصادي/التجاري أساسي في صناعة السينما، لكنّه غائب في بلدان عربية، لبعضها القليل صناعة، تنفلش على إنتاج أفلام، وإنشاء صالات، وتنظيم مهرجانات، وتمويل مشاريع، وتشغيل استديوهات. هذا كلّه مرتبطٌ بالجانب المذكور، لكنّه غير حاضر في المشهد العربي، وتحديداً في مصر والمغرب، أكثر الدول العربية اشتغالاً في شؤون السينما وشجونها، خارج الفكر والتأمّل والمعالجة، وداخل الصناعة. مجلات عربية، تصدر حديثاً، غير مكترثة بهذا الجانب، بينما انشغالها بـ"النقد" تقليدي وباهت وغير مُثمر، غالباً.

 

 

مع هذا، يُمكن تبرير غياب الاهتمام بالجانب الاقتصادي/التجاري في السينما العربية، بعدم اكتراث الغالبية الساحقة من المشاهدين/المشاهدات العرب به. نقّاد وصحافيون/صحافيات سينمائيون وتلفزيونيون كثر غير مكترثين به أيضاً. لذا، تنفضّ معظم المطبوعات، المختصّة بالفن السابع، عن نشر كل ما يتعلّق بهذا الجانب الحيوي والأساسي. لكنْ، أيُمكن القول إنّ التردد في الإعلان عن المالي والإنتاجي في كلّ مشروع جديد، وعن حركة السوق وشبّاك التذاكر، سببٌ في غياب اهتمامٍ كهذا؟ علماً أنّ جهاتٍ عربية عدّة، تُقدِّم منحاً/تمويلاً، تكشف أرقام مدفوعاتها.

هذه تساؤلات، لا أكثر. حضور الدورة الـ73 (16 ـ 26 فبراير/شباط 2023) لـ"مهرجان برلين السينمائي" يُذكّر بها، أمام مطبوعات أميركية وإنكليزية تُرافق يوميات سوقها السينمائية تحديداً. مطبوعات ذات جودة فنية عالية، وموادٍ مُفيدة، ومعلومات مطلوبة.

مطبوعات كهذه توزّع في مهرجان "كانّ" أيضاً: "سكرين إنترناشونال" مثلاً، تُصدر طبعتين خاصّتين في الـ"برليناله 73"، أولى بمثابة "دليل للمنُتَج في السوق السينمائية الأوروبية"، وثانية متنوّعة المعطيات والمقالات والمعلومات. كما لها عددٌ يومي يصدر في الفترة كلّها للسوق نفسها. هذا الإصدار اليومي تفعله The Hollywood Reporter و"فارايتي" الأميركيتان أيضاً. بالإضافة إلى "سينما وفيديو إنترناشونال" الإيطالية، التي تنشر موادها باللغتين الإيطالية والإنكليزية، من دون أنْ يكون لها عددٌ خاص بالـ"برليناله"، أو عدد يومي.

المساهمون