قضت محكمة القضاء الإداري الدائرة الثانية/أفراد في 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2021 بعدم اختصاصها، وإحالة القضية إلى محكمة جنوب القاهرة، في دعوى إلغاء القرار السلبي بالامتناع عن إصدار قرار بزيادة بدل التدريب والتكنولوجيا للصحافيين المصريين سنوياً بنسبة 20 في المائة، وللحيلولة دون تأثيره على انتخابات نقيب الصحافيين كل عامين.
الدعوى القضائية رفعها المحامي الحقوقي والعمالي كرم صابر نيابة عن الصحافي المصري والمرشح الخاسر على منصب نقيب الصحافيين، كارم يحيى. وبدل التدريب والتكنولوجيا هو عبارة عن مخصصات مالية، يحصل عليه أعضاء نقابة الصحافيين المصريين شهرياً، من قبل "المجلس الأعلى للصحافة" (جهة حكومية)، وقيمته نحو 2100 جنيه مصري (نحو 135 دولاراً أميركياً)، وبالزيادة الأخيرة تصبح قيمته 2520 جنيه مصري (نحو 160 دولاراً أميركياً).
ومن قرار عدم اختصاص المحكمة، استنتج يحيى توجُه مجلس الدولة للتخلي عن نظر الدعاوى ذات الأبعاد الاجتماعية، وتلك التي تتعلق بشبهات الفساد على خلاف تراثه المديد. فحتى دعاوى بدل الصحافيين العديدة، لطالما أصدرت محاكم القضاء الإداري فيها أحكاماً مهمة، من بينها حكم تاريخي من مجلس الدولة في الإسكندرية عام 2013.
وبنظرة أشمل وأوسع، افترض يحيى أن مجلس الدولة، بعد ردود فعل السلطة السياسية على أحكام مصرية تيران وصنافير، يمر بمرحلة انسحاب ربما لم يشهدها تاريخه منذ تأسيسه عام 1946 من مجالات طالما أبلى فيها بلاءً حسناً لصالح المواطن والشعب، في مواجهة تغول السلطة وانحرافها، وأحكامه التاريخية مسجلة في عودة شركات القطاع العام وإدانة فساد الخصخصة ورفع الحد الأدنى للأجور، وكذا الحق في الإضراب وإلغاء الحرس الجامعي والتعددية النقابية، وغيرها الكثير.
وتوصل يحيى إلى أنه "لو أنّ أياً من هذه القضايا تم نظرها اليوم أمام مجلس الدولة لتعلل بعدم الاختصاص، وأحالها إلى القضاء العمالي والمدني حيث تتضاءل فرص التوازن بين المجتمع والمواطن من جهة وبين سلطة الدولة وتجبرها من جهة أخرى".
ورجح يحيى، بالنسبة لهذه الدعوى تحديداً، وبناءً على رأي المحامين، أن هناك خيارين؛ إما الطعن على هذا الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا، أو متابعة القضية خارج القضاء الإداري. وعبّر عن ميله الشخصي إلى الخيار الأول وإن كان صعباً.
ونشر يحيى نص المذكرة التي تقدم بها إلى المحكمة في جلسة 24 أكتوبر/تشرين الثاني الماضي التي نصت على "إنذار رئيس الوزراء ووزير المالية المصريين بإصدار قرارهما بزيادة بدل التدريب والتكنولوجيا بشكل دوري وسنوي لجموع الصحافيين بنسبة 20 في المائة من قيمة البدل المقرر ونشره في الجريدة الرسمية تطبيقا لأحكام القانون ونصوص الدستور، ورغم إنذارهما فإنهما لم يقوما باتخاذ أي إجراء إيجابي لتنفيذ ما جاء في الإنذار، مما يعتبر سلوكهما بمثابة قرار إداري سلبي مخالف للقانون".
وقالت الدعوى القضائية إن تقنين بدل التدريب والتكنولوجيا وزيادته يستند إلى العرف الإداري، باعتباره أهم مصادر القانون الإداري، على أن تقوم الدولة بصرف البدل لجموع الصحافيين منذ نحو أربعين عاماً (منذ أوائل عقد الثمانينيات من القرن العشرين) بغض النظر عن الصحيفة التي يعملون فيها، سواء كانت قومية، أو مستقلة، أو حزبية، أو وكالات أنباء، وسواء كانت ورقية أو إلكترونية أو غيرها، كما أن تقنين بدل التدريب والتكنولوجيا وزيادته يضمن تطوير مهنة الصحافة، ويحمي حقوق الصحافيين، ويدعم حقوق المواطنين في المعرفة، ويوقف استخدامه لصالح بعض المرشحين في انتخابات نقيب الصحافيين.
تاريخياً، يصرف هذا البدل مقابل ما تحصل عليه الدولة من نسبة 36 في المائة من ضرائب وإعلانات الصحف التي تقدر بالمليارات؛ لكنه مع الوقت تحول لوسيلة ضغط من جانب الحكومة على الصحافيين تهدد في أي وقت بتوقفه، وتدعم من خلاله مرشحها الذي يعد بزيادته حال فوزه. وهذا بالضبط ما فعلته الدولة لصالح ضياء رشوان الذي ينفي أنه مرشح النظام.
وعلى مدار العقود الماضية، شهد البدل زيادات اقترنت بانتخابات النقابة، إذ تضاعف إلى 20 جنيهاً في عهد النقيب الراحل إبراهيم نافع، ثم 100 جنيه في أوائل التسعينيات في عهد مكرم محمد أحمد، وتوالت الزيادات حتى وصل إلى 290 جنيهاً عام 2003، ثم 330 جنيهاً، وعام 2007 وصل إلى 530 جنيهاً، ثم 610، ثم 760، وأخيراً 900 جنيه عام 2011، بعدها ارتفع إلى 1200 جنيه عام 2013، وأصبح 1380 جنيهاً، ثم 1680 جنيهاً، ثم 2100. وفي مارس/آذار الماضي، قرر مجلس الوزراء زيادته 20 في المائة بقيمة 420 جنيهاً، ليصبح 2520 جنيهاً في يوليو/تموز الماضي.