مصر: بدل الصحافيين يعود لدائرة الجدل

19 اغسطس 2021
استياء لدى الصحافيين المصريين من أداء نقابتهم في التنازل عن حقوقهم المالية (Getty)
+ الخط -

استاء عدد كبير من الصحافيين المصريين من أداء نقابتهم في التنازل عن حقوقهم المالية، بعدما أدلى المحامي المصري، كرم صابر، الموكل عن الكاتب الصحافي المصري، كارم يحيى، بشهادته في الدعوى القضائية المرفوعة لمطالبة الحكومة بزيادة بدل التدريب والتكنولوجيا سنويًا، مؤكداً أن محامي نقابة الصحافيين قدم للمحكمة مذكرة تطالب برفض الدعوى باعتبار أن البدل منحة من الدولة ولها سلطة تقديرية في زيادته أو تخفيضه. واعتبر صحافيون أن ما قام به محامي نقابة الصحافيين، هو دفاع عن الحكومة ومنحها سوطًا على رقاب الصحافيين، وتنازلًا عن حق أصيل للصحافيين في الحصول على بدل التدريب والتكنولوجيا الذي جاء بعد كفاح وعناء وأحكام قضائية.

صحيح أن بدل التدريب والتكنولوجيا، هو عبارة عن مخصصات مالية، يحصل عليه أعضاء نقابة الصحافيين المصرية شهريًا، من قبل المجلس الأعلى للصحافة (جهة حكومية)، وقيمته حوالي 2520 (حوالي 160 دولارا أميركيا)؛ لكن تاريخيًا يصرف هذا البدل مقابل ما تحصل عليه الدولة من نسبة 36% من ضرائب وإعلانات الصحف التي تقدر بالمليارات؛ وتحول مع الوقت لوسيلة ضغط من جانب الحكومة على الصحافيين تهدد به في أي وقت بتوقفه.

وقررت الدائرة الثانية بمجلس الدولة، في جلستها المنعقدة في 15 أغسطس/آب 2021، تأجيل نظر الدعوى رقم 47665 لسنة 75 قضائية التي رفعها الصحافي كارم يحيى لإلزام رئيس الوزراء ووزير المالية بجعل بدل التدريب والتكنولوجيا للصحافيين بقانون يضمن زيادته سنويا بنسبة 20 في المائة ويحصنه من شبه التأثير علي انتخابات النقيب كل عامين، وذلك إلى جلسة 16 أكتوبر/تشرين الأول 2021 لرد دفاع المدعي على مذكرة النقابة وإلزام وزارة المالية بتقديم كشف بقيمة المبالغ المنصرفة من ميزانية الدولة تحت بند بدل الصحافيين منذ إقرارها في الثمانينيات حتى الآن.

وحضر محامي النقابة سيد أبو زيد مكلفًا من النقيب رئيس هيئة الاستعلامات، ضياء رشوان، وطلب رفض الدعوى قائلًا إن زيادة البدل يعتبر منحة من الحكومة ولها السلطة التقديرية في زيادته وصرفه. ورد دفاع المدعي بأنّ بدل الصحافيين وزيادته حق قانوني للصحافيين بأحكام قضائية عديدة من مجلس الدولة طالبت بضرورة تقنينه وزيادته دوريا ليواكب غلاء المعيشة وباعتباره جزءا من راتب الصحافي. وتقدم المحامي بحافظة تتضمن صورة حكم للقضاء الإداري بالإسكندرية رقم 2562 لسنة 67 قضائية يؤكد مرافعته وطلب إلزام وزارة المالية بتقديم كشف بكافة المبالغ المنصرفة تحت بند بدل الصحافيين وتواريخ صرفها منذ إقرارها في ميزانيات الدولة منذ الثمانينيات.
وكان كارم يحيى خلال ترشحه في مارس/آذار الماضي لموقع نقيب الصحافيين قد أنذر رئيس الوزراء ووزير المالية ورئيس اللجنة المشرفة على الانتخابات بهذه الطلبات.

وجاء في نص شهادة المحامي كرم صابر "في جلسة الأحد 15 أغسطس/آب حضرت مع الزميل كارم يحيى في قضية مرفوعة جهات حكومية ليطالبهم بتقنين البدل الدوري المستحق للصحافيين وزيادته سنويا بنسبة 20%. فوجئنا بحضور محامي النقابة وبدلًا من أن ينضم لطلبنا؛ قدم مذكرة وطلب من المحكمة رفض الدعوى لأنه يعتبر البدل منحة من الدولة ولها سلطة تقديرية في زيادته أو تخفيضه". وتابع صابر في شهادته التي تداولها عشرات الصحافيون عن منصات التواصل الاجتماعي "طبعًا صححنا مغالطاته ووضحنا للمحكمة أن البدل ليس منة ولا منحة من الدولة، وأحكام عديدة صدرت وأكدت أحقية الصحافيين في الحصول عليه واعتباراته بعض الأحكام جزءا من الراتب في ظل تدهور الأوضاع المعيشية وقدمنا للمحكمة بعض الأحكام". واختتم المحامي شهادته بـ"طبعا نتوقع أن أي شيء ممكن أن يحصل؛ لكن أن تقف نقابة وتقمع أمام المحكمة وتطلب حرمان أعضائها من حقوق أقرتها أحكام قضائية، هذه أشياء من الخيال".

وردت النقابة على ما قاله. وجاء في نص مذكرة الإدارة، أنه "بخصوص ما نشره الزميل الأستاذ كارم يحيى على صفحته الشخصية على فيسبوك بشأن القضية المرفوعة منه أمام مجلس الدولة، التي يطالب فيها بزيادة بدل التدريب والتكنولوجيا بنسبة 20% وإصدار قرار بذلك يتم نشره في الجريدة الرسمية؛ فإن الشؤون القانونية في نقابة الصحافيين تؤكد أن هذه الجلسة كان محدداً لها 15 أغسطس/آب 2021 وهي أول جلسة". وبهذه الجلسة لم تحدث أي مرافعة على الإطلاق، لأن "النقابة لم تعلن عريضة الدعوى، نظرا لأن محامي الزميل قد أعلم نقابة المحامين بدلاً من الصحافيين". وهيئة المحكمة قررت تأجيل الدعوى قبل إثبات الحضور نظرا لظروف كورونا لجلسة 24 أكتوبر/تشرين الأول، لإعلان النقابة والرد والاستعداد". وتابعت المذكرة: "كما أن ما ذكره الزميل يتنافى مع موقف الشؤون القانونية في النقابة على مدار تاريخها مع كافة الزملاء الصحافيين، الذين أقاموا دعاوى استحقاق البدل، حيث انضمت إليهم النقابة في طلباتهم وحصول العديد منهم على الأحكام".

يشار إلى أن جملة أحكام قضائية أكدت أحقية الصحافيين في الحصول على بدل التدريب والتكنولوجيا، وكان آخرهم ما قضت به المحكمة الإدارية العليا المصرية، يوم 29 مايو/أيار 2021، بأن بدل التدريب والتكنولوجيا الذي يحصل عليه الصحافيون، هو حق وليس منحة، ولا يجوز أن يخضع للضرائب، ليصبح حكمًا نهائيًا وباتًا.

وأكدت محكمة القضاء الإداري، في حكمها، مجموعة من المبادئ بصدد حق بدل التكنولوجيا للصحافيين، هي أن علة بدل التكنولوجيا إتاحة الفرصة للصحافيين للاستعانة بأدوات العصر؛ لمواجهة تحديات تطور فنون صناعة الصحافة. وأشارت المحكمة، إلى أن بدل التكنولوجيا حق لصيق للحياة المهنية للصحافي، وبدونه لا تستطيع الصحافة وضع الحقائق أمام أعين الشعب وتبصيره بما يجرى حوله من إنجازات.

وناشدت المحكمة، المشرع بتقنين بدل التكنولوجيا للصحافيين بعد أن صار لصيقا بالحياة المهنية لا ينفك عن الصحافي وإعادة تقدير قيمته، كما أن التسلح التكنولوجي يكفل للصحافة المصرية أن تكون عابرة للحدود والقارات وقادرة على مخاطبة الرأي العام العالمي، وبناء شخصية الصحافي الموسوعي في عالم التخصص القاعدة الصلبة لبناء الحصن المنيع للدفاع عن حقوق المجتمع، وبدون وسائل التكنولوجيا تتكبل حركة الصحافي ويتحول إلى مجرد موظف لا تظهر قدراته الحقيقية وإسهاماته المهنية.

المساهمون