مسلسل شوغون... كلّ هذا الضجيج وهذه الجوائز

16 سبتمبر 2024
فاز هيريويكي سانادا وآنا ساواي بجائزتَي "إيمي" لأفضل ممثل وممثلة (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **جوائز إيمي**: فاز مسلسل "شوغون" بجائزة إيمي لأفضل مسلسل تلفزيوني و17 جائزة أخرى، ليصبح أول عمل غير ناطق بالإنكليزية يفوز بجائزة أفضل مسلسل درامي.
- **قصة المسلسل**: تدور أحداث "شوغون" في اليابان في القرن السابع عشر، مستنداً إلى رواية جيمس كلافيل، ويروي قصة البحار الإنكليزي جون بلاكثورن وتحدياته الثقافية والسياسية.
- **إنتاج ضخم**: كلف إنتاج "شوغون" أكثر من 250 مليون دولار، مع دقة تاريخية وثقافية عالية، وأداء متميز للممثلين مثل كوزمو غارفيس وآنا ساواي.

كما كان متوقعاً، فاز مسلسل "شوغون" بجائزة إيمي عن أفضل مسلسل تلفزيوني، في حفل توزيع جوائز إيمي، مساء الأحد، إلى جانب 17 جائزة أخرى، ليصبح أول عمل غير ناطق بالإنكليزية يفوز بجائزة أفضل مسلسل درامي، علماً أن الرقم القياسي السابق لأي مسلسل كان 13 جائزة.
ولم يكن فوز Shōgun مفاجئاً لا للنقاد ولا للجمهور، إذ إنه أحد أكثر المسلسلات شعبية هذا العام. وقد حصل على 25 ترشيحاً لجوائز إيمي. فمن أين يأتي هذا الضجيج؟
في البداية، كل شيء مبالغ فيه. من المحتمل أن يشعر أي شخص يشاهد الحلقة الأولى منه بالذهول. فهناك عدد لا يحصى من الشخصيات والمواقع، وهناك الكثير من الصراخ والقليل من التفسير. يُعذّب الناس وتُقطع رؤوسهم ويُلقون في الماء المغلي. لكن الأمر يستحق الاستمرار في المشاهدة.
تدور أحداث مسلسل "شوغون" في اليابان في بداية القرن السابع عشر. إذا كان عنوان المسلسل يبدو مألوفاً للبعض، فقد يتذكّرون رواية عام 1975 التي تحمل الاسم ذاته لجيمس كلافيل، التي يستند إليها المسلسل. أو ربما أول مسلسل مقتبس عن الرواية عُرض على شاشة التلفزيون في الثمانينيات. القصة تروي أحداثاً تاريخية بشكل فضفاض: يصل البحار الإنكليزي والبروتستانتي جون بلاكثورن إلى ساحل اليابان بطاقم منهَك وسفينة متعفّنة. هناك يلتقي بالكاثوليك البرتغاليين الذين كانوا يستفيدون من التجارة في اليابان الإقطاعية لعقودٍ من الزمان وينشرون الكاثوليكية في البلاد.
كان بإمكان كاتبي السيناريو الأميركيين لـ"شوغون" ريتشيل كوندو وجاستن ماركس أن يسهّلا الأمر على نفسيهما. فالرجل الإنكليزي التائه الذي يتعيّن عليه شقّ طريقه في عالمٍ غريب عنه ليس إلا قصة بطل كلاسيكية، وهذا وصفة مضمونة النجاح. قبل 40 عاماً، سلك الاقتباس التلفزيوني الأول هذا الطريق وروى كل شيء من وجهة نظر الإنكليزي. اليابانيون مجرد شخصيات ثانوية في مغامرات بلاكثورن. العبارات اليابانية لا تُترجم حتى.
المسلسل الجديد، الذي رُشّح لـ25 جائزة إيمي وفاز بـ18 منها، أكثر جرأة وطموحاً. إذ يمنح الشخصيات اليابانية والثقافة اليابانية مسرحاً. يظهر أيضاً الرجل الإنكليزي التائه بلاكثورن، بالطبع. ولكن في البداية لا يكون سوى عامل تخريبي في بلدٍ يخشى فوضى عارمة. تلوح حرب أهلية في اليابان. توفّي التايكو، حاكم البلاد. وريثه لا يزال طفلاً وصغيراً جداً للحكم. يندلع صراع مثير ومعقّد على العرش.


إحدى الشخصيات الرئيسية في القصة هو الأمير يوشي توراناغا. في صراعه على العرش، يحاول التخلّص من منافسيه بالدهاء والمكر. تتابع الحلقات لعبة شطرنجه السياسية بفتنة. يستغرق الأمر بعض الوقت قبل أن تفهم مَن يثق بمَن ومَن لديه بالفعل أي مصالح. ثم تبدأ في الشعور بالإثارة والتورّط.
وماذا عن بلاكثورن؟ عُيّن من قِبل توراناغا لتعليم جيشه تكتيكات الحرب الأوروبية. هكذا سيلتقي بالبطلة السرّية للمسلسل: تودا ماريكو المتعلّمة تعليماً عالياً، التي أصبحت مترجمته. قدّمتْ بلاكثورن إلى العادات والتقاليد اليابانية. إنه أمر محرج ومؤثر. بلاكثورن الفظّ والصاخب لا يتناسب مع الثقافة اليابانية العالية على الإطلاق. يتجوّل في حدائق أوساكا المُعتنى بها، وعندما يأكل بالكاد يستطيع أن يمسك بالأطباق اليابانية الفاخرة. يشرب ويصارع ويصرخ.
يقدّم المسلسل بذكاء ثقافتين مختلفتين للغاية. من ناحية، هناك اليابانيون المخلصون الذين يؤمنون بـShukumei، أي القدر، بحقيقة أن كل شيء في حياة الإنسان محدّد مسبقاً. من ناحية أخرى، يفقد الإنكليزي، الذي يزعج اليابانيين بفرديته، أعصابه في النهاية بسبب العادات والطقوس والحكمة اليابانية: "الحياة لا تعني لكم شيئاً".
أُعلن عن المسلسل المكون من عشرة أجزاء منذ سنوات وهو مشروع عملاق. وفقاً للتقارير، كلّف الإنتاج شركة "إف إكس" أكثر من 250 مليون دولار أميركي، وهي كلفة إنتاج ربما لم تكن ممكنة إلا منذ النجاح الهائل لسلسلة الفانتازيا الأميركية "صراع العروش".
عمل صنّاع "شوغون" مع المؤرخين للتأكّد من التقاط أكبر قدر ممكن من تفاصيل اليابان الإقطاعية. لتجنّب أخطاء الإنتاجات القديمة في هوليوود، استعان المنتجون بفريق إنتاج ياباني إلى جانب الفريق الأميركي. وبسبب هذا التصوير الدقيق على وجه التحديد، يبدو المسلسل أحياناً أشبه بالمسرح. الأزياء، الفيلات اليابانية، الطبيعة. كل شيء منظم بشكل مثالي.
اختير الممثلون بذكاء. يبدو الأميركي كوزمو غارفيس، الذي يلعب دور البحار بلاكثورن، سمكة خارج مائها بشكلٍ رائع في هذا المشهد بأكمله. أيضاً لأن غارفيس يلعب الدور بانضباط. في الوقت نفسه، كانت الممثلة اليابانية آنا ساواي رائعة في دور المترجمة تودا ماريكو. بجدّتها وغوايتها وماضيها المؤرّق. ورغم أن الرجال فقط هم من يتقاتلون من أجل العرش في اليابان، إلا أنها البطلة الحقيقية للمسلسل.
إذا كنت تبحث عن مشاهد معارك ملحمية ودموية، فهذا المسلسل ليس لك. "شوغون" يفعل الأشياء بشكل مختلف عن إنتاجات مثل "صراع العروش". وهذه بالتحديد القوة العظيمة لهذا المسلسل. كما يروي لحظات الحرب الهادئة، وهو ذكي وحسّاس وحتى مرح في بعض الأحيان. على سبيل المثال، عندما سُئل الأمير توراناغا عن سبب عدم قتله لذلك الإنكليزي الملعون منذ فترة طويلة، أجاب توراناغا إنه "يجعله يضحك".

المساهمون