مسلسل "الوسم"... البطل "حيوان" لا يُهزم

05 مارس 2022
الممثل السوري أصاب هذه المرة (قصي خولي/فيسبوك)
+ الخط -

لا يمكن فصل تحدي الممثل قصي خولي في مسلسل "الوسم" (فكرة قصي خولي، وكتابة بسيم الريّس) عن دوره الذي يسجل تفوقاً غير عادي. يمكن القول إن خولي يستعجل دائماً، أو يتورط في سيناريوهات على عجلة من أمر تنفيذها، لكنه في دور "نورس"، يخلع ثوب تنفيذ طلبات شركات الإنتاج أو المخرجين، ويحاول الإصغاء جيداً إلى نفسه، ويخرج منها ما وجده الكاتب أقرب إلى ثورة تحوله شبيهاً بالحيوان المدافع عن نفسه، بحسب تعريف عنوان المسلسل وتصريح كاتبه بأن "الوسم" لدى الإنسان يسمى "الوشم"، بينما للحيوان فهو "الوسم"، وهنا تكمن بداية القصة وعمودها الفقري.

يحاكي "الوسم"، وهو من الإنتاجات الأصلية لمنصة "شاهد" واقع اللجوء والتهجير والسجون السوريّة، وحالات الفساد داخل هذه السجون المتصلة بمافيا عالميّة تتخذ عملاء لها في أكثر من دولة كسلوفينيا ومصر واليونان. يحاول سيف الدين سبيعي تسليط الضوء على المهاجرين بطريقة تبتعد هذه المرة عن الصور الإنسانية، إذ يفرض واقع اللاجئ الباحث عن مكاسب جديدة تقيه من شر العوز واللجوء، بعدما ضاقت السبل في سورية بعد الحرب.

تعاني اليونان من أزمة اقتصادية حادة، هكذا يبدأ المسلسل كنوع من التعريف بقرار تتخذه السلطات اليونانية بالإفراج عن كل المعتقلين الذين وصلوا عبر التهريب في البحر، لتبدأ حكاية "نورس" السوري من أم مصرية، مع مافيا ليس هدفها إلا القتل، من اليونان مروراً بدمشق، وسط تخاذل واضح بين أعضائها، ومحاولة كسب بطولة وشجاعة "نورس" وتوظيفه لصالح هذه المافيات الموزعة في العالم.

تؤخذ على المسلسل بعض النقاط التي تسقط من يد المخرج، وتحمل المشاهد إلى حال من التشتت، بانتظار بلوغ الأحداث ذروتها، ومعرفة ماذا تريد المافيات وهدفها من متابعة سجين لقتله، فضلاً عن توظيفها مجموعة لا بأس بها من العملاء في كل مكان. في أحد السجون السورية يجتمع الأفرقاء المتنازعون. صورة السجن السوداء تختزل تورط كبار الضباط المسؤولين عنه مع المافيا، وتصل إلى الحراس عبر الرشاوى التي تفرض سيطرة "نورس" على الحكاية داخل السجن.

تسكن عائلة "نورس" في القاهرة، أمه مصرية لديها ثلاثة أبناء، ربما تهجرت العائلة بعد هروب "نورس" بحراً، وانكشاف أمره، الأمر الذي لن تسمح به الأم، ولن تسامحه. وهي تتخذ من مهنتها في الخياطة مصدراً لرزقها فيما تعمل ابنتها نادلة في مطعم وسط القاهرة.

يحصر سبيعي الضوء بقصي خولي، ويحاول أن يجعل منه بطلاً أوحد يغطي على كل فريق الممثلين، لكن ذلك لا يقلل من مقدرة زميله جوان الخضر في الحلقتين الأولى والثانية على أداء دوره بحرفية عالية تضعه على سكة ممثلي الصف الأول. ولا يمكن إغفال مقدرة زميلهما إسماعيل تامر، صديق "نورس" المهاجر هو أيضاً، والذي ينقذ صديقه في اللحظات الأخيرة.

المشهد في "الوسم" يخرج عن التقليدية، خصوصاً في الأسئلة الكثيرة التي تفرض نفسها على المتفرج حول السبب وراء كل هذا السعي للقتل المتعمد، ربما تأتي الإجابة في الحلقات المقبلة التي يخرج فيها "نورس" من السجن، ويبدأ بمطاردة المافيا بين الدول التي تتخذ منها مقراً لها.

حسناً فعل قصي خولي باختياره فكرة أصر على تنفيذها وحولها إلى مسلسل يبتعد عن المآخذ الكثيرة التي تعانيها نصوص ومسلسلات قصيرة تتناول عالم الجريمة فقط. بل يمكن القول إن قصي خولي أصاب هذه المرة بعدما حقق تقدماً خجولاً في "بارانويا" الذي عُرض قبل شهر، كتابة وإخراج أسامة عبيد الناصر، وإنتاج "سيدرز آرت برودكشن" (الصبّاح).

المساهمون