محمد نصر علوش: التحصيل العلمي ضروري للفنان لأنّه يَزيد من معرفته

19 مايو 2024
محمد نصر علوش: البحث عن موضوع فيه هدف ورسالة (الملف الصحافي)
+ الخط -
اظهر الملخص
- محمد نصر علوش، خريج كلية الفنون الجميلة وماجستير من جامعة بغداد، يتميز بمسيرة غنية في الإخراج والإدارة الفنية، وله إسهامات قيمة في السينما العراقية من خلال أفلام وثائقية وقصيرة.
- يعمل علوش حاليًا على فيلم وثائقي عن النحات العراقي محمد غني حكمت وأصدر كتاب "تلفزيون الواقع.. الشكل والدلالة"، مسلطًا الضوء على الشخصيات والرموز العراقية البارزة لإبراز إنتاجهم الفني.
- يظهر التزام علوش بتطوير مهاراته وتوسيع نطاق عمله رغم التحديات، مخططًا لإنتاج سلسلة أفلام عن رموز عراقية أخرى وموفرًا مرجعًا شاملًا للمهتمين ببرامج تلفزيون الواقع.

عمل العراقي محمد نصر علوش منذ تخرّجه في "كلية الفنون الجميلة" (قسم السينما والتلفزيون)، في فضائيّات عدّة، مديراً فنياً وإدارياً. حصل على ماجستير بالاختصاص نفسه من "جامعة بغداد". له أفلام وثائقية وقصيرة، منها: "نصب الحرية" و"أمري سليم" (مصوّر الملوك والرؤساء) و"صناعة العود" و"الطريق إلى بغداد" و"الساعة الأخيرة"، وغيرها. يعمل على فيلمٍ وثائقي عن النحات العراقي محمد غني حكمت، كما صدر له أخيراً كتاب "تلفزيون الواقع.. الشكل والدلالة".
 حاورت "العربي الجديد" محمد نصر علوش عن تجربتيه السينمائية والتلفزيونية.

تعمل حالياً على فيلمٍ يتناول حياة النحات محمد غني حكمت وأعماله.

الفيلم وثائقي طويل، بعنوان "شيخ النحاتين محمد غني حكمت". بدأت العمل عليه تزامناً مع بدء معرض استعاديّ أُقيم أخيراً في The Gallery، وتزامناً أيضاً مع ذكرى ولادته. بعد التواصل مع عائلته، وُلدت فكرة الفيلم الذي أبدى ولداه ياسر وهاجر ترحيبهما الكبير به. يحكي الفيلم عن مضامين فكرية وجمالية في أبرز منجزاته الفنية، التي تزيّن مواقع عدّة في العراق. فعلياً، بدأت تصوير الأعمال المعروضة في المعرض الاستعاديّ، التي تنوّعت مواضيعها بين الحياة الشعبية والعباءة والأساطير، ومصغّرات النُّصب والوجوه والأبواب والمقابض والمطارق، من خامات عدّة: خشب وجبس ومرمر ونحاس وبرونز، فضلاً عن تخطيطات ورقية. صوّرت مصغّرات أبرز الاعمال التي نفّذها الفنان في مواقع وساحات عدّة في بغداد، منها مصغّر نُصب عشتار وشهرزاد والمتنبي، وغيرها الكثير، صُوِّرت وفق أحدث التقنيات والمعدّات الفنية، لتوثيقها في فيلمٍ عن الأعمال كلّها للفنان.

لماذا اخترت هذا الفنان تحديداً؟ هل ستكون رموزٌ عراقية كبيرة ضمن مشاريع لك ستعمل عليها؟
اخترت محمد غني حكمت لغزارة إنتاجه الفني، ولبصمته التي وثّقت إرث بلاد الرافدين وحضارتها. أعماله تغطّي معظم ساحات بغداد ومدن عراقية أخرى، كما في دول عربية، والعالم. حرصي على إعادة إنتاج تلك التجربة التي جمعتني وإياه، مطلع عام 2000، وإنتاج أول فيلم لي الأول، "نصب الحرية"، الذي كان محمد غني عنصراً رئيسياً فيه، لكونه حينها مساعداً للفنان جواد سليم. بعد أنْ نال الفيلم رضاه وإعجابه، كان "محمد غني" (2001)، الذي نُفِّذ بناءً على طلبه، وبإنتاجه. واستثماراً للمعرض الاستعادي، أرى أنّ الفرصة تسنح مُجدّداً لإنتاج فيلمٍ بأحدث التقنيات، لتحقيق ما حرص عليه الفنان نفسه في فيلمه السابق: أنْ تُوثَّق كلّ أعماله في فيلم واحد. مستقبلاً، أنوي إنتاج سلسلة أفلامٍ عن رموز عراقية: زها حديد وفائق حسن ومنير بشير ومحمد شكري جميل، وآخرين.

تجربتك في السينما تكاد تكون محدودة، قياساً بالتلفزيون، إدارياً وفنياً. ما سبب ذلك؟
لن أبرّر. لكنّ حقيقة الإنتاج السينمائي، بالمفهوم العالمي عموماً، محدودٌ في العراق، بسبب الكلفة الباهظة للأفلام، وغياب الدعم المادي. تجربة المخرج السينمائي محمد شكري جميل مثلاً فريدةٌ ووحيدة، بالمقاييس العالمية كلّها. إضافة إلى رصيد الأفلام السينمائية العراقية، الذي اعتمد على الشريط والتحميض والمونتاج السينمائي، أي "المسرّات والأوجاع"، المنتج في مشروع "بغداد عاصمة الثقافة لعام 2013". هذا دفعني، كما دفع زملاء لي، إلى إيجاد سبيل بديل عن الوسيط السينمائي باهظ الكلفة: كتابة السيناريو والإخراج والمونتاج لأفلامٍ في الوسيط التلفزيوني، بإنتاج شخصي، بدلاً من الاتكاء على شمّاعة الإنتاج. إدارتي قنوات فضائية عدّة أضافت إلي الكثير. وفي المقابل، أخذت الكثير من رصيدي الشخصي مخرجاً. رغم ذلك، حرصت في أغلب المؤسّسات التي عملت فيها على إخراج أفلامٍ، كـ"أمري سليم" و"فؤاد جهاد" و"الطريق إلى بغداد" و"إبراهيم النقاش" و"أشباح الزركة" و"ملجأ المعاقين" و"الرواف" و"الساعة الأخيرة".

حرصت على تحصيل علمي في الفن. ما مدى علاقته بعملك؟
التحصيل العلمي ضرورة لكلّ فنان، لأنّه يَزيد من رصيده الثقافي والمعرفي، ويوسّع دائرة الاطّلاع والفهم، ويصقل موهبته الفنية. ما دفعني إلى تحقيق الحلم الذي طال انتظاره، إكمالي دراستي وتحضيري الماجستير في "جامعة بغداد ـ كلية الفنون الجميلة" بتقدير امتياز، عن رسالتي "التنوّع الدلالي للشكل في خطاب تلفزيون الواقع". أمّا عن علاقة دراستي للفنون بعملي فوطيدة، إلى حدّ كبير. قبل دراستي، أنجزتُ برنامجاً تلفزيونياً بإنتاجٍ عال: "سلام شباب". إنّه أحد أشكال برامج "تلفزيون الواقع"، في فئة برامج المسابقات. هذا دفعني إلى دراسة هذا الجانب من التلفزيون.

يكاد يكون كتابك "تلفزيون الواقع: الشكل والدلالة" أول كتاب عن هذا الموضوع في المكتبة العراقية. ماذا عنه؟
إنّه أول كتاب لي أكاديمياً. إنّه خلاصة بحث علمي وتقصٍّ. اخترتُ عنوانه بعد غزارة الإنتاج، وافتقار المكتبات العلمية المتخصّصة لهذا النوع من الكتب. لم أجد فيها عنواناً صريحاً، باسم تلفزيون الواقع، يقدّم دراسة شاملة، شكلاً ومضموناً دلالياً لأشكال برامج الواقع في التلفزيون. كلّ ما عثرت عليه دراستان: الأولى محدّدة موضوعياً، والثانية محدّدة مكانياً. أمّا الدراسات العربية والأجنبية، فغزيرة في هذا المجال، لكنّها لا تدرس كلّ الأشكال والمضامين الدلالية في دراسة واحدة. هذا مُحفّز لي على أنْ يكون الكتاب مرجعاً رائداً وشاملاً للدارسين والباحثين والعاملين في مجال إنتاج برامج تلفزيون الواقع.

هل يمسح الكتاب تجارب الفضائيات العراقية، بخصوص تلفزيون الواقع؟ هل تفكر في إخراج برنامج كهذا؟
في كتابي هذا تطبيقات في نماذج لبرامج تلفزيون الواقع. كما حلّلتُ فيه أبرز التجارب العالمية والعربية والمحلية، وأوّلها عالمياً برنامج Dr Phil في فئة برامج الحوار الاستعراضي. عربياً، هناك "المسامح كريم" في الفئة نفسها، وThe Voice في فئة برامج المسابقات، ومحلياً برنامج "الصدمة (The Shock)" في فئة برامج الدراما التسجيلية. أمّا عن فئة برامج الكاميرا الخفية، فكان "رامز في الشلال". في الكتاب استعراضٌ موسّع لبدايات برامج تلفزيون الواقع في العراق، والتجارب الأولى محلياً، وصولاً إلى النتاجات الحديثة.

هل تُفكّر في إخراج فيلمٍ روائي طويل؟
أفكّر جدّياً في ذلك. أبحث حالياً عن نصٍّ جيد، يحمل هدفاً ورسالة سامية، ويعالج موضوعاً يجد صداه لدى الجمهور.

المساهمون