المجلس الوطني للصحافة في المغرب: محاولة حكومية جديدة لتلافي الفراغ القانوني

10 ابريل 2023
يعيش مجلس الصحافة حالة فراغ (فاضل سنّا/فرانس برس)
+ الخط -

بعد أسبوع على انتهاء الولاية القانونية للمجلس الوطني للصحافة في المغرب من دون تنظيم انتخابات لتجديد هياكله، تتجه الحكومة إلى إحداث لجنة مؤقتة لتسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر.

وبينما ينتظر أن يتدارس المجلس الحكومي المرتقب عقده يوم الخميس المقبل، وفق بيان صادر عن رئاسة الحكومة اليوم الاثنين، مشروع قانون بإحداث لجنة مؤقتة لتسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر، يثير وضع المجلس الوطني للصحافة تساؤلات عدة حول مساره ومستقبله، بعد تجربة أولى أظهرت أعطاباً وانقسامات حادة بين مكوناته.

ويعيش المجلس منذ الرابع من إبريل/ نيسان الحالي، تاريخ انتهاء مدة تمديد انتداب أعضاء المجلس لستة أشهر التي أقرها مرسوم قانون صادقت عليه الحكومة في 29 سبتمبر/ أيلول الماضي، حالة فراغ تندر بفشل تجربة التنظيم الذاتي لقطاع الصحافة في المغرب.

وكانت الحكومة المغربية قد أقرت تمديد مدة انتداب أعضاء المجلس لستة أشهر، وذلك بهدف ضمان السير العادي في أداء المجلس للمهام المنوطة له بموجب مدونة الصحافة والنشر والنصوص المتخذة لتطبيقها، لا سيما ما يتعلق بمنح بطاقة الصحافة المهنية، طبقاً للمادة 2 من القانون المحدث للمجلس والقانون رقم 89.13 المتعلق بالنظام الأساسي للصحافيين المهنيين، علاوة على المرسوم الخاص لتحديد كيفيات منح بطاقة الصحافة المهنية وتجديدها، بالإضافة إلى باقي المهام ذات الصلة بصيانة المبادئ ،بما فيها التقيد بميثاق أخلاقيات المهنة والأنظمة المتعلقة بمزاولتها.

وفي وقت برّرت فيه الحكومة قرار التمديد لستة أشهر بالحرص على عدم بقاء المجلس في وضعية فراغ قانوني، إلا أن التمديد كشف عن عدم تنصيص القانون المحدث للمجلس على مقتضيات احترازية تفعل في حالة عدم انتخاب أعضائه في الوقت المحدد. كما أظهر التمديد حدة الخلافات بين مكونات المجلس، ممثلة في التنظيمات المهنية للصحافيين وتنظيمات الناشرين، وهي الخلافات التي تسببت في عدم تنظيم الانتخابات.

وخلال مدة التمديد الاستثنائي لولاية المجلس كان لافتاً عدم استغلال وزارة الشباب والثقافة والتواصل لما يتيحه لها القانون من الدعوة إلى  تنظيم الانتخابات، وإعداد مشروع قانون جديد يعيد النظر في طريقة تشكيل المجلس، كما تم الترويج لذلك بعد تمديد ولايته لستة أشهر في أكتوبر/ تشرين الأول.

في حين أثار مقترح قانون تقدمت به الأغلبية والمعارضة، ما عدا المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، يقضي بتعديل القانون المتعلق بالمجلس من خلال اعتماد مبدأ التعيين الملكي بدل مبدأ الانتخاب، جدلاً واسعاً قبل أن يضطر الواقفون وراءه إلى سحبه.

وبينما يطرح انتهاء مدة ولاية المجلس الوطني للصحافة عدداً من الإشكالات تهم القضايا الجارية أمامه المتعلقة بالوساطة والتحكيم وصرف أجور الموظفين والمستخدمين، ينتظر أن تثير خطوة الحكومة بإحداث لجنة مؤقتة لتسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر جدلاً جديداً بين المهنيين والناشرين وتنظيماتهم.

وقد اعتبر رئيس المنتدى المغربي للصحافيين الشباب، سامي المودني، أن لجوء الحكومة لاتخاذ قرارات تدبيرية واستثنائية تضمن استمرار المجلس الوطني للصحافة في القيام بمهامه يمس باستقلاليته، وهو وضع كان يمكن الاستعاضة عنه اليوم لو فتح نقاش عمومي جاد مبكراً. ورأى، في حديث مع "العربي الجديد "، أنه للخروج من هذا الوضع يتعين فتح حوار جاد ومسؤول وشفاف يكلل بمراجعة شاملة للقانون المنظم للمجلس تضمن أولاً تجويده وتطويره حتى يكون ملائماً لمضامين الدستور وأساساً وفق ما تنص عليه أحكام المادة 28 منه، وللمواثيق الدولية لحقوق الإنسان ذات الصلة بحُرّية الرأي والتعبير، وللممارسات الفضلى في مجال هيئات التنظيم الذاتي لمهنة الصحافة على المستوى الدولي، وكذلك عدم التراجع عن اعتماد المبدأ الديمقراطي المتمثل في الانتخابات، وهو ما سينعكس بشكل إيجابي على صورة المجلس على الصعيد الدولي.

من جهته، قال رئيس منظمة حريات الإعلام والتعبير، محمد العوني، إن المجلس انطلق منذ ميلاده وأعطابه واضحة، إذ لم تكن تركيبته متوازنة بين الصحافيين والناشرين في وقت كان يفترض فيه أن يعكس ضرورة التدبير الديمقراطي لمؤسسات الإعلام وتغليب هيئات التحرير والإدارة الإعلامية على الإدارة والتدبير الماليين.

ولفت، في تصريح لـ"العربي الجديد "، إلى أن الأعطاب تشمل كذلك عدم تمكين المجلس من آليات لتفعيل الحريات، وغياب من يعكس انشغالات المتلقين والجمهور الذي يعد أكبر طرف في العملية الإعلامية، معتبراً أن المسؤولية الأولى فيما يخص ما آل إليه وضع المجلس في نسخته الأولى تتحملها مؤسسات الدولة التي تعاملت معه على أنه حامٍ لمؤسسات الدولة والسلطة بمختلف أنواعها إزاء حرية الإعلام والصحافة.

وأضاف أن "المسؤولية الثانية يتحملها من تفاوض بشكل مباشر والذين قبلوا بعض الجوانب، وإن كنا نتفهم أنهم كانوا يريدون أولاً إرساء التجربة للانطلاق نحو مستقبل قابل للتطوير، لكن ها نحن نجد أنفسنا أمام مشاكل في التطوير".

إعلام وحريات
التحديثات الحية

ويعتقد العوني أن السيناريو الأفضل هو الشروع في إعدادٍ جيدٍ لمراجعة شاملة وجذرية لقانون المجلس الوطني للصحافة، بالموازاة مع مراجعة قوانين مدونة الصحافة والنشر ومختلف قوانين الإعلام والاتصال.

وقال: "في منظمة حريات الإعلام والتعبير نطالب بمراجعة شاملة لكافة قوانين الإعلام والاتصال حتى يتضح السياق العام لقانون المجلس. وأخال أنه لا يمكن أن يكون لدينا قانون فعال للمجلس ويبني الديمقراطية ويعطي الأولوية لحرية الإعلام والتعددية والمهنية والخدمة العمومية من دون الإطار العام الذي ينبغي أن يحدد المشترك بين مؤسسات الدولة ومؤسسات المجتمع والمؤسسات الإعلامية والإعلاميين في بلورة القانون".

وأضاف: "الواقع أن هناك نضجاً في المجتمع وحاجة إلى حرية الإعلام والتعبير ولتطوير مهن الإعلام. وهذا ما يتعين أن يكون موجهاً للمراجعة الشاملة للقانون وليس الهواجس الأمنية لدى بعض المؤسسات".

المجلس الوطني للصحافة الذي تشكل في 2018 هيئة يعهد إليها بالحرص على صيانة المبادئ التي يقوم عليها شرف المهنة، وعلى التقيد بميثاق أخلاقيات المهنة والقوانين والأنظمة المتعلقة بمزاولتها والسهر بوجه خاص على ضمان وحماية حق المواطن في إعلام متعدد وحر وصادق ومسؤول ومهني.

ويتألف المجلس من 21 عضواً موزعين على النحو التالي: 7 أعضاء ينتخبهم الصحافيون المهنيون من بينهم مع مراعاة تمثيلية مختلف أصناف الصحافة والإعلام، و7 ينتخبهم ناشرو الصحف من بينهم، و7 أعضاء هم: ممثل عن المجلس الأعلى للسلطة القضائية، وممثل عن المجلس الوطني لحقوق الانسان، وممثل عن المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، وممثل عن جمعية هيئات المحامين في المغرب، وممثل عن اتحاد كتاب المغرب، وناشر سابق تعينه هيئة الناشرين الأكثر تمثيلية، وصحافي شرفي تعينه نقابة الصحافيين الأكثر تمثيلية.

المساهمون