تلقى الصحافيون المراسلون للقنوات ووسائل الإعلام الأجنبية العاملة في الجزائر خبراً غير سار، عقب إسقاط مجلس الأمة الجزائري مهلة السلطات للرد على طلبات الاعتماد.
وخلال جلسة المصادقة على مسودة القانون الجديد للإعلام، اليوم الخميس، أسقط المجلس مادة تحدد مهلة 30 يوماً أمام السلطات للرد بالقبول أو الرفض المعلل على طلبات الاعتماد.
وألغى المجلس المادة 22 من قانون الإعلام الجديد، التي تفرض على وزارة الاتصال مهلة شهر واحد لمنح الاعتماد للصحافي والمؤسسة الإعلامية التي تقدم طلباً للعمل بممثل لها أو فتح مكتب في الجزائر، بعدما كان القانون السابق والمرسوم التنفيذي المتعلق بمسألة اعتماد المؤسسات الأجنبية في الجزائر لا يحدد أجلاً لذلك، ما كان يمنح السلطات ووزارة الاتصال صلاحية تحديد الوقت الذي تراه مناسباً للرد على الطلبات من عدمها.
وجاء موقف المجلس مخالفاً لموقف الغرفة السفلى للبرلمان (المجلس الشعبي الوطني)، الذي كان قد مرّر المادة التي تحدد مهلة 30 يوماً، ما كان سيساهم في إنهاء معضلة بطء السلطات الجزائرية في تسليم الاعتمادات السنوية للصحافيين الجزائريين والأجانب العاملين لصالح القنوات والوكالات والمؤسسات الإعلامية الأجنبية العاملة في الجزائر، والتي تتأخر في الغالب أو لا تسلم أصلاً، كما حدث في سنوات سابقة.
وتسبب قرار مجلس الأمة بتجميد مؤقت لقانون الإعلام الجديد إلى حين إجراء مراجعة مشتركة مع المجلس الشعبي بشأن المادة، بخلاف بين الغرفتين.
وفي وقت سابق، حاول وزير الاتصال محمد بوسليماني إقناع نواب البرلمان بصعوبة الرد على طلبات الاعتماد في مهلة شهر، وبرّر موقفه بأن طلبات اعتماد البطولات الرياضية مثل كأس العالم تأخذ ثلاثة أشهر.
واليوم الخميس، عاد بوسليماني وأكد، في تصريح صحافي، رفضه التام لنص المادة 22، موضحاً أن "الصيغة الحالية تفرض منح الاعتماد للصحافي الأجنبي بعد وضعه للطلب بعد مدة 30 يوماً، وهذا الأمر لم يقع في أي بلد، ويدخل في السيادة الوطنية"، بحسبه.
وأشار إلى أن "هذا أمر مرفوض، والجزائر ليست جمهورية موز، ولا يمكن أن تفرض آجالاً محددة على الجزائر لمنح اعتماد للصحافة الأجنبية"، مضيفاً أن "ما هو معمول به في جميع دول العالم أن الاعتمادات تُمنح بعد دراستها وتأخذ الوقت الكافي لذلك".
وأبدى رئيس مجلس الأمة صالح قوجيل، خلال جلسة التصويت، اعتراضه على المادة محل الخلاف، وقال إنه "لأول مرة في مجلس الأمة نقوم بتجميد مادة من مواد القوانين التي تصلنا، والنظام الداخلي لعمل المجلس يسمح لنا بذلك، خاصة عندما يتعلق الأمر بالخارج، ونحدد الوقت ليكون الرد والجواب في 30 يوماً، وهو من النصوص التطبيقية (ليس محله القانون)، نحن نقوم بدورنا، وكلما قدّرنا أن هناك أشياء ليست في فائدة الجزائر فالقانون يُخول لنا مواجهتها".
ويتخوف المراسلون والصحافيون، الذين يعملون لصالح قنوات ووكالات أنباء وصحف أجنبية، من أن تنجح ضغوط السلطات والحكومة في العودة إلى الصيغة السابقة للمادة، والتي لا توجب أي مهلة أمام الحكومة للرد على طلبات الاعتماد.
وقال صحافي يعمل لصالح مؤسسة أجنبية في الجزائر، طلب عدم كشف هويته، لـ"العربي الجديد": "أعتقد أن وضع مهلة معقولة أمر ضروري، لأنه لا يمكن عدم الرد على الطلبات في وقت معقول، وفي المقابل القانون يعاقب الصحافي الذي يعمل بدون اعتماد".
ورأى صحافي آخر أن "الرئيس تبون يحث في كل خطاباته الإدارات الحكومية والمؤسسات على الحد من ثقل البيروقراطية والرد على المراسلات والطلبات التي تصلها من مواطن أو هيئة، وهذا الخطاب الإيجابي الذي يعبر عن نوايا حسنة يجب أن تكون كل الإدارات الرسمية معنية به. أعتقد أن العدد القليل من الصحافيين العاملين لصالح وسائل إعلام أجنبية معروفون ومؤسساتهم الإعلامية معروفة أيضاً في خطها وتوجهها بالنسبة للسلطات، ولذلك لا أرى مبرراً للثقل في معالجة ملفات اعتماد الصحافيين بالموافقة أو الرفض، كقرار سيادي للدولة، بالعكس تماماً، التنظيم أمر جيد دائماً".
وفي الغالب، تبدي السلطات الجزائرية تثاقلاً لافتاً في مسألة منح الاعتمادات السنوية للصحافيين والمؤسسات الإعلامية الأجنبية العاملة في الجزائر، إذ يضطر الصحافيون إلى العمل من دون ترخيص مكتوب أو بطاقة اعتماد لأشهر، على الرغم من أن معظمهم تجدد مؤسساتهم طلب اعتمادها لهم بشكل سنوي.
ويعاقب القانون الجزائري الصحافيين العاملين لصالح مؤسسات أجنبية في الجزائر من دون الحصول على اعتماد بغرامات مالية كبيرة تزيد عن 5500 دولار.
وهذه المرة الأولى في عهد الرئيس عبد المجيد تبون، والثامنة منذ إنشاء مجلس الأمة عام 1998 (وفقاً لدستور 1996)، التي تحدث فيها خلافات بين غرفتي البرلمان تستدعي تطبيق الآلية الدستورية.
وتنظم المادة 145 من الدستور الجزائري آلية حل الخلاف بين غرفتي البرلمان، مجلس الأمة والمجلس الشعبي الوطني، وتنص على أنه "في حال حدوث خلاف بين الغرفتين، يطلب الوزير الأول (رئيس الحكومة)، اجتماعاً للجنة متساوية الأعضاء تتكون من أعضاء من كلتا الغرفتين في أجل أقصاه خمسة أيام، لاقتراح نص يتعلق بالأحكام محل الخلاف، وتنهي اللجنة مناقشاتها في أجل أقصاه 15 يوماً"، على أن تعرض الحكومة هذا النص المتوصل إليه من قبل اللجنة المتساوية الأعضاء، على جلسة عامة للتصويت في الغرفتين للمصادقة كما ورد، من دون إدخال أي تعديل عليه إلا بموافقة الحكومة.
ويشير الدستور في السياق نفسه إلى أنه في حال استمر الخلاف بين الغرفتين ولم يتم التوصل إلى صيغة توافقية للمادة محل الخلاف، يمكن حينها للحكومة أن تطلب من الغرفة السفلى، المجلس الشعبي الوطني، الفصل نهائياً، وفي هذه الحالة يأخذ المجلس بالنص الذي أعدته اللجنة متساوية الأعضاء، أو بالنص الأخير الذي كانت قد صوتت عليه قبل الخلاف، على أن يُسحب النص نهائياً في حال استمر الخلاف بين الغرفتين ولم تخطر الحكومة المجلس الشعبي الوطني للتصويت النهائي.