ماسك في "تويتر"... ورشة بلا نهاية

04 نوفمبر 2022
لجأ ماسك إلى أصدقائه القدامى للحصول على المشورة (تايلور هيل/ Getty)
+ الخط -

بعد جدل استمر شهوراً، بات إيلون ماسك رئيس "تويتر"، وهي إحدى الشبكات الاجتماعية الأكثر تأثيراً في العالم، وتعهد بإطلاق العنان "لإمكاناتها الهائلة". استحوذ الرجل الأكثر ثراءً رسمياً على المنصة الجمعة الماضي، مقابل 44 مليار دولار أميركي، ولم يتوقف منذ ذلك اليوم عن الإعلان عن خططه المستقبلية ومشاريعه. ما الذي سيتغيّر؟ وما الذي يمكننا توقعه بالنسبة للمنصة من الملياردير والرئيس التنفيذي لـ"تِسلا" ومؤسّس "سبيس إكس"؟

استقالات وإقالات

فور استحواذ ماسك على "تويتر"، أقال الرئيس التنفيذي باراغ أغراوال، وتبوأ هو منصبه. كما أقال المدير المالي نيد سيغال، ومديرة الشؤون القانونية فيجايا غادي. ويرغب بخفض القوة العاملة في المنصة بنسبة 75 في المائة، وفقاً لصحيفة واشنطن بوست. وأفادت وكالة بلومبيرغ بأنه قد يتخلى عن نحو نصف عدد الموظفين، البالغ عددهم 7500، بحلول نهاية الأسبوع الحالي، على أن يفرض على الباقين الالتزام بالعمل من مكاتبهم، علماً أن سياسة "تويتر" الحالية تسمح لموظفيها بالعمل من أي مكان. ووفقاً لصحيفة فايننشال تايمز، طلب ماسك، خلال نهاية الأسبوع الماضي، من بعض المديرين والمستشارين تجميع قوائم بأسماء الأشخاص الذين سيقيلهم.

في الوقت نفسه، أعلن عدد من المسؤولين في الشركة عن استقالتهم، وآخرهم كبيرة مسؤولي العملاء ومديرة الإعلانات سارة بيرسونيت. أعلنت رئيسة قسم الأفراد والتنوع، دالانا براند، الثلاثاء، في منشور على "لينكد إن" أنها استقالت الأسبوع الماضي. وأكد المدير العام للتقنيات الأساسية، نيك كالدويل، تخليه عن منصبه. وقال مصدر مطلع، لوكالة رويترز، إن كبيرة مسؤولي التسويق ليزلي بيرلاند، ورئيس المنتجات جاي سوليفان، ونائب رئيس المبيعات العالمية جان فيليب ميهو، تركوا الشركة أيضاً. ولم يتضح ما إذا كانوا قد استقالوا أم طُلبت منهم المغادرة.

القيادة

لجأ ماسك إلى أصدقائه القدامى للحصول على المشورة في الأيام القليلة الأولى بعد استحواذه على "تويتر". عقد اجتماعات منتظمة مع ديفيد ساكس، وهو صديقه وصاحب رأس مال مغامر، ومع جيسون كالاكانيس، وهو صديق ومستثمر، ومع المسؤول التنفيذي السابق في "تويتر" سريرام كريشنان. وفقاً لـ"بلومبيرغ"، يناقش هؤلاء بانتظام استراتيجية منتج "تويتر"، ولكن من غير المعروف ما إذا كان أي منهم سيحظى بوظيفة بدوام كامل في الشركة.

أحد القادة المحتملين المتفرغين هو كيفون بيكبور، الرئيس السابق لمنتج "تويتر" الذي فصل من عمله في وقت سابق من هذا العام من قبل الرئيس التنفيذي السابق. شوهد بيكبور في مكتب "تويتر" بعد إتمام الصفقة مع ماسك، وتم الاتصال به بشأن العودة، ولكن لم يؤكد قراره، وفق ما قال أشخاص مطلعون على المسألة لـ"بلومبيرغ".

إحياء "فاين"

كشفت تقارير إخبارية أميركية أن ماسك يفكر في إحياء تطبيق فاين الذي استحوذت عليه "تويتر" عام 2012. حقق "فاين" شهرة ملحوظة قبل خروجه عن الخدمة عام 2016، خاصة أنه الأول الذي أطلق موجة الفيديوهات القصيرة التي يهيمن عليها الآن تطبيق تيك توك المملوك لشركة بايتدانس الصينية. ووفقاً للتقارير، يتطوع عدد من الموظفين داخلياً للعمل في مشروع "فاين"، على أمل أن يساعدهم الانضمام إلى حماس ماسك في الحفاظ على وظائفهم.

العلامة الزرقاء

أعلن إيلون ماسك في تغريدة، الثلاثاء، عن رسم شهري مقداره 8 دولارات للمستخدمين الذين يرغبون في توثيق حساباتهم على المنصة. وكتب ماسك في تغريدة: "القوة للناس! أَزرق مقابل 8 دولارات شهرياً"، في إشارة إلى علامة التوثيق الزرقاء التي تظهر قرب الحسابات الموثقة، موضحاً أن الخطة الجديدة ستقلب "نظام اللوردات والفلاحين الحالي"، وتخلق مصدراً جديداً لإيرادات المنصة. وأضاف أن أصحاب هذه الحسابات سيتمتّعون بقدرات فيديو موسّعة مع عدد أقل من الإعلانات. وغرّد ماسك: "سيعطي هذا أيضاً تويتر مصدر دخل لمكافأة صانعي المحتوى".

وبالإضافة إلى امتيازات التوثيق، سيتولى البرنامج الجديد الأدوات المتاحة حالياً مقابل 5 دولارات شهرياً التي، على سبيل المثال، تسمح للمستخدمين بتعديل تغريداتهم. في الوقت الراهن، يمكن لحسابات معينة فقط طلب التوثيق، من بينها الحكومات والشركات ووسائل الإعلام والشخصيات السياسية والثقافية والرياضية. يمكن أن تفقد هذه الحسابات شارتها الزرقاء إذا لم تحترم قواعد المنصة.

ومنذ الجمعة، طلب ماسك من المهندسين العمل بلا كلل على هذا الإصلاح الشامل للنظام. وقال إن المشتركين سيحصلون على مزايا أخرى، إذ ستعطى الأولية لتغريداتهم، وسيكونون قادرين على نشر مقاطع فيديو ورسائل صوتية أطول، كما سيكونون أقل عرضة "بالنصف" للإعلانات. وسيعدَّل الرسم الشهري بحسب البلد.

لكن خطة ماسك لفرض رسوم شهرية مقابل علامة التحقق الزرقاء تثير قلق الخبراء. في الوقت الحالي، تساعد علامات التحقق المستخدمين على معرفة الفرق بين الحسابات الزائفة وتلك التي يديرها أفراد حقيقيون، وفقاً لما ذكره أستاذ العلوم السياسية وعلوم الكمبيوتر والمعلومات في جامعة نورث إيسترن، ديفيد لازر، في حديثه لصحيفة نيويورك تايمز. وقال لازر إنه إذا كانت إضافة الميزة أو الاحتفاظ بها ستكلف أموالاً فجأة، وقرر المشاهير وغيرهم عدم الدفع، فقد يصبح الأمر محيراً. وأضاف: "سيكون لديك المزيد من الحسابات المزيفة، ولن يكون لدى المستخدم العادي طريقة للتمييز" بين هذه الحسابات والحسابات الحقيقية.

الإشراف على المحتوى

قال ماسك الذي يصف نفسه بأنه مناصر "لحرية التعبير المطلقة"، الخميس الماضي، إنه يسعى لتحويل "تويتر" إلى منصة "ودية وترحّب بالجميع" لا "جحيماً مجانياً للجميع". وانتقد ما يرى أنه إشراف مبالغ فيه على المحتوى، وهو ما يعتبر أنه يؤدي إلى رقابة على الأصوات اليمينية واليمينية المتشددة. وأعلن، الجمعة الماضي، أن شركة التواصل الاجتماعي ستشكل مجلساً جديداً لمراقبة المحتوى، من دون أن يقدم الكثير من التفاصيل، إذ غرّد: "تويتر سيشكل مجلساً للإشراف على المحتوى له وجهات نظر متنوعة على نطاق واسع". وأضاف أنه لن يتم اتخاذ قرارات مهمة بشأن المحتوى، ولن تعاد الحسابات المحظورة قبل اجتماع المجلس.

ترامب لن يعود قبل الانتخابات

أكد ماسك، الأربعاء، أن الحظر المفروض على بعض الحسابات لن يرفع قبل أسابيع على الأقل، في وقت يترقب فيه المستخدمون الإجراءات التي سيقدم عليها وما إذا كان سيعيد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إلى التغريد. حساب ترامب على "تويتر" محظور منذ الهجوم الدامي الذي شنه أنصاره على مبنى الكابيتول، في يناير/كانون الثاني 2021.

وغرّد ماسك: "لن تسمح تويتر بعودة أي شخص حظر منها لانتهاكه سياساتها قبل أن نرسو على عملية لكيفية فعل ذلك، وهذا الأمر سيستغرق أسابيع على الأقل". وهذا يعني أن إعادة حساب ترامب لن تتم قبل الانتخابات النصفية الأميركية.

سوشيال ميديا
التحديثات الحية

كان ترامب قد رحب، الأسبوع الماضي، باستحواذ ماسك على منصة تويتر، قائلاً إنها الآن "في أيادٍ أمينة". إلا أنه أوضح أنه أكثر ارتياحاً باستخدام منصته "تروث سوشال". لكن "تروث سوشال" تواجه مشاكل مالية عدة، ويرى استراتيجيون سياسيون أن ترامب لن يقدر على مقاومة إغراء مخاطبة الجمهور العريض في حال استعاد حسابه على "تويتر".

وقال ماسك هذا الأسبوع إنه تواصل مع زعماء المجتمع المدني بشأن كيفية تصدي المنصة للمضايقات وخطاب الكراهية وفرض سياساتها المتعلقة بنزاهة الانتخابات النصفية المرتقبة في الولايات المتحدة بعد أيام.

هروب المشاهير

منذ استحواذ إيلون ماسك على "تويتر"، يرتفع عدد المشاهير والممثلين والفنانين الذين يعلنون عن هجرة منصة التواصل الاجتماعي، خوفاً من قراراته وأسلوبه في القيادة. هؤلاء المستخدمون يقولون إنهم لن ينتظروا لمعرفة نوع التغييرات التي سيجريها ماسك.

حتى قبل أن يكمل الملياردير الأميركي عملية الاستحواذ البالغة قيمتها 44 مليار دولار الأسبوع الماضي، قال إنه يفكر في إجراء تغييرات مثل تخفيف القواعد التي تحكم حرية التعبير والسماح للمستخدمين المحظورين بالعودة إلى "تويتر". يقول مستخدمون إن هذه التحولات قد تسمح بانتشار خطاب الكراهية بشكل أكثر يسراً وعلى نطاق أوسع.

وعلينا الانتظار لنرى ما إذا كان هؤلاء المشاهير سيلتزمون بالوعود التي أطلقوها. لدى "تويتر" أكثر من 237 مليون مستخدم. هذه الهجرة من "تويتر" بدأت في وقت سابق من العام الحالي، وتحديداً على يد عازف الروك نيل يونغ والمغنية جوني ميتشل اللذين سحبا أعمالهما من منصة سبوتيفاي، اعتراضاً على انتشار معلومات مضللة حول جائحة كوفيد-19.

من بين المشاهير الذين يهددون بمغادرة "تويتر" الآن: المغنية سارة باريلّيس التي قالت الأسبوع الماضي إنها ستنزح نحو منصات أخرى، ومغني موسيقى آر أند بي توني براكستون الذي غرّد: "أفزعتني (حرية التعبير) التي شهدتها على هذه المنصة منذ إتمام عملية الاستحواذ (...) أختار البقاء بعيداً من تويتر لأنها لم تعد مساحة آمنة". والممثلة تيا ليوني التي كتبت أن "الغبار كشف عن الكثير من الكراهية"، في إشارة إلى انتشار التعليقات البغيضة منذ إتمام الصفقة.

المساهمون