ماثيو بيري: وفاة تفتح الباب لنقاش أوسع

21 اغسطس 2024
ماثيو بيري على خشبة مسرح كوداك، 13 يوليو 2005 (كيفن ونتر/ Getty)
+ الخط -
تسلّط وفاة نجم مسلسل "فريندز" ماثيو بيري والتوقيفات التي حصلت في إطارها الأسبوع الماضي الضوء على العلاقات السامة التي تربط بعض مشاهير هوليوود بالأطباء المسؤولين عن إدارة إدمانهم. وكان ماثيو بيري الذي أدى دور "تشاندلر" في المسلسل، كشف عن معركته الطويلة مع إدمان المخدرات، والتي انتهت بوفاته بسبب جرعة زائدة من الكيتامين في حوض جاكوزي في دارته في أكتوبر/تشرين الأول 2023.
هذه المادة المخدّرة التي يُحوَّر استخدامها أحياناً لأغراض التحفيز أو النشوة كان يأخذها ماثيو بيري تحت إشراف طبي كجزء من جلسات العلاج للاكتئاب. ولكن عندما رُفض طلبه بزيادة الجرعة، وقع الممثل في الإدمان في خريف عام 2023، وفق مكتب المدعي العام الفيدرالي، ولجأ إلى تجار وأطباء لا يلتزمون بالضوابط المعمول بها في هذا المجال.
وقالت آن ميلغرام من وكالة مكافحة المخدرات الفيدرالية إن وفاة ماثيو بيري سببها طبيبان "متفلتان من أي ضوابط". ونددت بـ"استغلال" الممثل من جانب سلفادور بلاسينسيا ومارك تشافيز اللذين "انتهكا قسم" أبقراط، وهو نص يقسمه الأطباء قبل مزاولة المهنة.

ماثيو بيري وغيره... فخ للطبيب والنجم

رغم طابعها الصادم، فإن هذه القضية ليست بالأمر الجديد، إذ سبق أن أدين طبيب مايكل جاكسون عام 2011 بالقتل غير العمد لأنه أعطى ملك البوب السابق جرعة مميتة من مخدر جراحي قوي. وقد توفي نجوم عديدون، أبرزهم إلفيس بريسلي ومارلين مونرو وبرنس، بعد تناول مواد مسموح بها قانوناً استحصلوا عليها من متخصصين في مجال الصحة. وقال هاري نيلسون، وهو محامٍ من لوس أنجليس متخصص في الشؤون الصحية، لوكالة فرانس برس، إن "القواعد تُنتهَك مع المشاهير، وهذا يؤدي باستمرار إلى مآسٍ... هذا جنون!".
ويؤدي الطمع المادي دوراً كبيراً في هذا الوضع. وفي حالة ماثيو بيري، كان الطبيب بلاسينسيا يستحصل على مادة الكيتامين من زميله تشافيز، بحسب الادعاء. وكانت العبوات التي تبلغ قيمتها 12 دولاراً تباع للنجم بمبلغ يصل إلى ألفَي دولار. كتب بلاسينسيا في سبتمبر/أيلول 2023، في رسالة نصية قصيرة اكتشفها التحقيق: "أتساءل كم سيدفع هذا الوغد".
لكن الوضع يكون في بعض الأحيان أكثر حساسية، بحسب نيلسون الذي أشار إلى أن النجوم يحتاجون حقا إلى حماية خصوصيتهم، إذ إن ذهابهم إلى الطبيب للحصول على وصفة طبية، ثم إلى الصيدلية للحصول على الدواء أمر غير وارد في ظل ملاحقتهم من جانب المصورين بشكل يومي.
وقد ينجرف بعض الأطباء بعد ذلك في "سحر وإثارة" العلاقة مع مريض مشهور، والذي قد يكون متطلباً للغاية. وفي بعض الأحيان، ينغمس الأطباء في هذا المسار رغبة منهم في "الإبقاء على العلاقة الطيبة" مع النجم المعني، حتى لو كان ذلك "يتعارض" مع حكمهم الطبي. ووصف نيلسون، الذي تدخّل في عشرات القضايا المأساوية المرتبطة بالنجوم، هذه العلاقة بأنها "فخ لكل من المريض المشهور والطبيب".

"مخدر للحفلات"

بفعل تسبب الكيتامين بالهلوسة والانفصال عن الواقع، كان شائعاً بين أوساط النخبة في كاليفورنيا باعتباره "مخدراً للحفلات" منذ أكثر من عشرين عاما. في منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، "تولّى عدد قليل من الأطباء في لوس أنجليس تيسير هذه الحفلات، حيث كان الجميع يتلقى حقن الكيتامين في منزل أحد المشاهير، في ماليبو، على الشاطئ"، وفق نيلسون. وحاولت نقابة الأطباء التصدّي لهذه الممارسات، وسحبت تراخيص الأطباء المتورطين في بعض هذه الحالات.
أما اليوم، فيُستخدم الكيتامين بشكل قانوني بشكل متزايد لعلاج الاكتئاب واضطرابات ما بعد الصدمة. وتضمّ كاليفورنيا عيادات خاصة تتقاضى مبالغ طائلة من عملاء مشهورين، بحسب المحامي.
وكان تشافيز، مورد الكيتامين المتورط في قضية ماثيو بيري، يدير عيادة من هذا النوع في ما مضى. ولا يمكن من حيث المبدأ تناول هذه المادة القانونية إلا تحت إشراف طبيب، بسبب خطر الآثار الجانبية التي تشمل فقدان الوعي، ومشكلات في الجهاز التنفسي. وهذا لم يمنع بلاسينسيا من إعطاء قوارير الكيتامين مباشرة إلى المساعد الشخصي لماثيو بيري، وفقاً للتحقيق. حتى أنه لاقاه في الشارع في منتصف الليل لتبديل عبوات كيتامين في مقابل 6 آلاف دولار نقداً.
وقال نيلسون إن "السماح لشخص ما بأخذ هذه المادة إلى منزله والاستحمام في الجاكوزي هو أمر إجرامي وغير مسؤول". وأضاف: "الأطباء الذين فعلوا ذلك شعروا بلا شك بأن بإمكانهم التصرف بهامش من الحرية، لأنهم كانوا يتعاملون مع شخص مشهور".

ما يجب أخذه بعين الاعتبار

قال العديد من الأطباء الذين يعالجون المرضى بالكيتامين إن المرضى الذين لديهم تاريخ من تعاطي المخدرات يطرحون أسئلة شائكة. وأشاروا إلى أنه في غياب المبادئ التوجيهية المقبولة على نطاق واسع، تُترك للمزودين مهمة وزن المخاطر والفوائد المترتبة على بدء علاج الكيتامين.
وتحدث سانجاي ماثيو، وهو طبيب نفسي في كلية بايلور للطب، لـ"نيويورك تايمز" قائلاً: "لا أستطيع أن أقول إنه محظور تماماً لأن هناك بعض المرضى الذين قد يستفيدون بالفعل من تأثيرات مضادات الاكتئاب، ولكن يجب التفكير جدياً في الجوانب السلبية وما إذا كان تعاطي الكيتاكين قد يؤدي إلى الانتكاس".
وأوضح أطباء تحدثوا لـ"نيويورك تايمز"، أن الاعتبارات المهمة تشمل المدة التي ظل فيها المريض رصيناً ومستوى الدعم المتاح له.
المساهمون