لا يهدف "لها الكلمة" الذي يُعرض على قناة العربي 2 إلى إلقاء الضوء على نساء عربيات برزن في مجالات عدة، بقدر ما يرافقهن في المحطات الفارقة في مسيرة كل واحدة منهن، من خلال الأماكن التي تتمحور حولها حياتهن، وفق ما تشير إليه مقدّمة البرنامج ومحاورة ضيفاته، ليلى الشايب.
يقدّم "لها الكلمة" شخصيات نسائية حققت نجاحات لافتة، في ثلاثة مجالات رئيسية غير تقليدية بالنسبة إلى المرأة العربية: العلوم، وإدارة المشاريع الاقتصادية والمالية والرياضة، وقد يشمل مستقبلاً مجالات أخرى. توضح ليلى الشايب أنّ البرنامج يحاول تقديم هذه النماذج النسائية الناجحة، وفهم أسباب نجاحها، والعوامل التي ساهمت في تشكيل شخصياتها، انطلاقاً من أحلام الطفولة التي تتحوّل إلى طموحات وأهداف، ودور المؤثرات المحيطة بالشخصية التي ساهمت في تحقيق تلك الأحلام والأهداف، سواء الأسرة أو أشخاص، وطبعاً إرادة المرأة نفسها التي من دونها تبقى تلك المؤثرات قاصرة.
ويتوقف البرنامج عند المحطات الأبرز في مسيرة النجاح، سواء كانت أكاديمية أو مهنية أو إنسانية، من دون أن يغفل التحديات والصعوبات والعراقيل ويفكك أساليب المرأة الضيفة في التغلب عليها وتجاوزها. وهنا، تقول الشايب: "هذا من أهم أهداف برنامجنا: تقديم نماذج نسائية ناجحة تكسر الأنماط التي يروج لها معظم الإعلام اليوم بوسائطه كافة، وكشف جانب مضيء في مجتمعاتنا التي توصم بأنها ذكورية وبأنها لا تمنح فرصاً حقيقية ومؤثرة للنساء؛ تأكيد العكس في أحيان كثيرة، ثم التحفيز على عدم الاستسلام أمام العقبات، أو التخلي عن الأهداف لأي سبب من الأسباب، والذهاب إلى آخر الطريق".
صحيح أن "لها الكلمة" يركز على النساء العربيات الرائدات، وذلك في جزء كبير منه لأن قناة العربي 2 تتوجه إلى الجهور العربي، لكن الشايب لا تستبعد بشكل مطلق توسيع دائرة ضيفات البرنامج مستقبلاً. وترى الشايب، في حديث مع "العربي الجديد"، أن أهم ميزات "لها الكلمة" ديناميكيته؛ الحركة المستمرة من بداية الحلقة إلى نهايتها، من دون أن تكون هذه الحركة اعتباطية، بل تنقل المشاهد بين مكونات عالم ضيفة البرنامج، وتنقسم عادة بين بيتها أو بيت أهلها، ومقر عملها، ومكان ثالث يمثل إحدى محطات مسيرتها ويكون عادة من اختيارها (جامعة، أو مؤسسة، أو قد يكون رمزياً). وتضيف: "كان خيارنا أن نكسر نمطية دعوة الضيوف إلى الاستوديو التي لم تعد جذابة بالنسبة للجمهور. وأؤكد أن الحركة وتنويع الأماكن التي تميز البرنامج ليست مجرد قرار شكلي، بل واحد يخدم الفكرة وهدفها".
معايير عدة يعتمدها القائمون على "لها الكلمة" في اختيار الضيفات، على رأسها "النموذج الإيجابي" الذي تمثله المرأة التي يقدمها، وتخصصها ضمن الرؤية التي رسمت للبرنامج، وثراء مسيرتها، بما فيها من نجاحات وعقبات ولحظات فرح ومشاعر فخر أو خيبات مؤقتة. وإضافة إلى كل ما ذكر، تشدد ليلى الشايب على أن "إيمان المرأة بفكرة الدعم والتمكين ومساعدة النساء الأخريات وتقاسم نجاحها معهنّ، بالقول وبالفعل، من أهم المعايير المشتركة بين ضيفات لها الكلمة. النجاح الشخصي مهم، لكنه يبقى ناقصاً إذا لم تستفد منه نساء أخريات أقل حظاً، ومن هنا تأتي فكرة الريادة: النساء الناجحات كثيرات، ولكن الرائدات أقل عدداً. تشترك ضيفات البرنامج أيضاً في الاتفاق على فكرة التكامل مع الرجل والتعاون معه، بعيداً من المنافسة والصراع أو الإقصاء".
وتضيف: "كما في كل مجالات النشاط البشري، هناك المتميز وهناك شديد التميز، وكل منهما يلعب دوراً مهماً. كما قلت سابقاً، البرنامج مساحة للنساء الرائدات بشكل أساسي، ذوات الإشعاع الإقليمي والدولي والقدرة على القيادة. الجوائز هي تكريس لكل هذه الأبعاد في شخصية هؤلاء النساء، وهن يمثلن نماذج محفزة للأجيال الجديدة من الشابات في عالمنا العربي، وهو ما يحرص البرنامج على ترسيخه بشدة، وهي رسالته في نهاية المطاف". وتوضح قائلة: "هذا لا ينتقص شيئاً من قيمة النساء الأخريات الناجحات في مجالات تخصصهن ولم يسعفهن الحظ أو الظروف للحصول على جوائز. من نافلة القول إنه لا يمكن للبرنامج أن يحيط بالعدد الهائل للنساء العربيات الدؤوبات الناجحات اللاتي يشكلن مفخرة لمجتمعاتهن ولبلدانهن، إلا أن المساحة تتسع لكل من تسعى لإحداث الفرق في محيطها وعالمها. لحسن الحظ أن عدد البرامج الهادفة التي تقدم النساء المتميزات في تزايد، وهذه ظاهرة إعلامية صحية لا يسعنا إلا أن نثمنها وندعمها ونعتبرها ضمن إطار المنافسة البناءة التي تقف سداً حصيناً أمام مدّ الابتذال الذي يحاصر مجتمعاتنا".
تنتهي كل حلقة من "لها الكلمة" برسالة توجهها الضيفة إلى الجيل الصاعد من الشباب العربي، تختصر فيها إلى حد ما تجربتها ومسيرتها، بكل ما فيها من صعود وهبوط أحياناً. وعن هذه الرسالة، تتحدث الشايب: "إنها تشدد على فكرة وضوح الهدف، ودور كل واحد منا في هذه الحياة، وعلى الإرادة والتصميم وعدم الانسحاب أمام المصاعب أو محاولات تثبيط الهمم، والاستمرار وصولاً إلى تحقيق الهدف واختبار لذة النجاح الذي لا تستقيم حياتنا من دونه". وتضيف: "في لها الكلمة، تتوجه المرأة إلى الجيل الصاعد من الفتيات، ولكن الرسالة تشمل الجنسين من الجيل الجديد. وهذا توجه التلفزيون العربي، والعربي 2 الذي يبث البرنامج على شاشته الذي تؤكد مؤشرات كثيرة على نجاحه المتواصل في استقطاب شرائح إضافية من الشباب العربي، بباقة من البرامج التي نجحت في مخاطبته في مجالات تستهويه وتثير فضوله واهتمامه".
عرضت الحلقة الأولى من برنامج "لها الكلمة" في 20 سبتمبر/ أيلول الماضي، واستضافت فيها الشايب المهندسة الكويتية أنوار الإبراهيم، وهي عضو هيئة التدريس في قسم الهندسة المدنية في جامعة الكويت. كما استضافت الشايب: الباحثة والنائبة في البرلمان اللبناني نجاة عون صليبا، وسيدة الأعمال والناشطة الأردنية إيمان مطلق، والمديرة التنفيذية لمركز مهارات التعليمي السعودية هبة شطا، والمعمارية العراقية ريا العاني، ولاعبة كرة القدم الفلسطينية هني ثلجية التي تعتبر أول ممارسة لكرة القدم النسوية في فلسطين رسمياً وهي أول امرأة عربية تعيّن لدى الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، والمهندسة ورائدة الأعمال الأردنية أفنان علي، ومتسلقة الجبال اللبنانية جويس عزام، والأمينة العامة لمركز حقي لدعم الحقوق والحريات الباحثة اليمنية ليزا البدوي، وأول امرأة استشارية في أمراض القلب في الكويت والخليج الدكتورة فريدة الحبيب، والمهندسة الأردنية آيات عمرو، والكاتبة والشاعرة والناشطة الحقوقية اللبنانية مي الريحاني، والدكتورة الأردنية رغد الكردي، والعالمة السورية المتخصصة في دراسة الفيروسات صفاء القمري، والدكتورة اللبنانية ألفت برو التي ترأس منطقة الشرق الأوسط لشركة روش للأدوية، والعالمة الأردنية لبنى تهتموني، والباحثة البيئية اللبنانية تمارا الزين وهي أول امرأة تعين على رأس المجلس الوطني للبحوث العلمية في لبنان منذ تأسيسه عام 1962، والمعمارية والكاتبة الفلسطينية سعاد العامري التي أسست مركز المعمار الشعبي رواق، والدكتورة في إدارة المشاريع الأردنية ميرفت المهيرات.
برنامج "لها الكلمة" يعرض على "العربي 2" الثلاثاء، عند الساعة التاسعة مساء بتوقيت القدس، والسابعة مساء بتوقيت غرينتش.