ليبيا تعيد هيكلة إعلامها الحكومي

19 يونيو 2021
من الوقفة الاحتجاجية للعامليين في تلفزيون ليبيا في مصراتة (المركز الليبي لحرية الصحافة)
+ الخط -

مرحلة جديدة تنتظر الإعلام الحكومي في ليبيا، بعد قرار حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة حلّ "المؤسسة الليبية للإعلام" وإعادة توزيع تبعية عشر مؤسسات إعلامية كانت تخضع لها.

أربع مؤسسات إعلامية، من بينها "وكالة الأنباء الليبية"، ستؤول تبعيتها إلى مجلس الوزراء مباشرةً، وستذهب ثلاث مؤسسات إعلامية إلى وزارتيّ الشباب والرياضة، فيما ستنقل تبعية قناة الأمازيغية الليبية إلى وزارة الثقافة والتنمية المعرفية، و"إذاعة القرآن الكريم" إلى الهيئة العامة للأوقاف، وقناة "الهداية" إلى دار الإفتاء.

كما نصّ القرار، الذي صدر يوم الثلاثاء الماضي، على حلّ ستة مؤسسات إعلامية أخرى، من بينها "مركز تطوير الإعلام الجديد"، وقناتا ليبيا الفضائية وليبيا الإخبارية، وينتهي إلى تشكيل لجنة فنية وإدارية تتولى تنسيب العاملين في الجهات المنحلة حسب تخصصاتهم.

يشمل القرار، ضمنياً، إقالة رئيس "المؤسسة الليبية للإعلام" محمد بعيو، الذي كثيراً ما سببت قراراته وتصريحاته جدلاً واسعاً في الأوساط الإعلامية، منذ أن عينه في منصبه رئيس المجلس الرئاسي السابق فائز السراج، في سبتمبر/ أيلول الماضي، ومنحه صلاحيات واسعة. ورغم إيقافه احتياطياً عن العمل من قبل ديوان المحاسبة، منذ منتصف فبراير/ شباط الماضي، لوجود شبهات فساد، إلا أن بعيو ظل يمارس نفوذه بشكل قوي على رأس "المؤسسة الليبية للإعلام"؛ منع موظفاً من الدخول بسبب إعجابه بمنشور على "فيسبوك" ينتقده، وتهجّم على مدير عام قناة ليبيا الوطنية التابعة للمؤسسة، وكلف نفسه بإدارتها بدلاً منه.

"أسقط القرار ديكتاتوراً كان يريد التحكم في الإعلام الحكومي والخاص بأي طريقة"، يقول رئيس "المنظمة الليبية للإعلام المستقل" رضا فحيل البوم. ويستطرد: "لكنه (القرار) لم يأت ببديل للفوضى الإعلامية التي يشهدها الإعلام الليبي في الداخل والخارج، فلا هيئة تنظيمية حكومية للإعلام، في الوقت الذي تبث فيه إذاعات أجنبية داخل العاصمة من دون ترخيص".

يضيف فحيل البوم، في حديثه إلى "العربي الجديد": "لم يلبِ القرار طموحات منظمات المجتمع المدني المعنية بحرية التعبير التي طالبت منذ أشهر رئيس الحكومة بتعديل القرار بدلاً من إلغائه؛ كان من الأولى تشكيل مجلس إدارة للإعلام الحكومي وتقليص صلاحيات المؤسسة".

"مسألة تبعية وسائل الإعلام لجهات حكوميّة في المجمل أمر يدلّ على نية الحكومة تفتيت قطاع الصحافة والإعلام وتوجيه هذه الوسائل الإعلامية العامة لصالح أطراف معينة"، يقول رئيس "المركز الليبي لحرية الصحافة" محمد الناجم.

إعلام وحريات
التحديثات الحية

أكثر ما أثار الجدل في مسألة نقل تبعيات الجهات الإعلامية هو نقل تبعية "إذاعة القرآن الكريم" إلى هيئة الأوقاف الإسلامية التي يسيطر عليها التيار السلفي المدخلي، بموازاة نقل تبعية قناة "الهداية" إلى دار الإفتاء التي يسيطر عليها تيار ديني مختلف يعيش حالة صراع حادّ مع الأول.

يستأنف الناجم حديثه إلى "العربي الجديد": "وضع مؤسسات إعلامية دينيّة حكوميّة تحت تصرف تيارين دينيين مختلفين، معروفين بخطابهما المتشدّد وغير المتزن إطلاقاً، يبشر بإشعال صراع ديني داخل مؤسسات الدولة الليبيّة".

ومن بين ست مؤسسات إعلامية حلّتها الحكومة، تسبب قرار حلّ قناة الفضائية الليبية التي أنشأت أساساً بقرار من الحكومة المؤقتة برئاسة عبد الله الثني عام 2016، بردود فعل سلبية في مدينة بنغازي تحديداً، باعتبارها القناة الحكومية الوحيدة شرق البلاد.

إلى ذلك، اعتصم موظفّو قناة الفضائية الليبية تنديداً بإغلاق القناة التي كرست جهودها "لدعم الشرعية المتمثلة في مجلس النواب برئاسة عقيلة صالح، وساندت المجلس طيلة السنوات الماضية بنقل جلساته على الهواء مباشرة واستضافة أعضائه في حلقات مطولة"، وفق نصّ البيان الصادر عنهم.

اعتصام أتى اُكُله بشكل سريع، بعدما تعهّد نائب رئيس الوزراء (عن المنطقة الشرقية) حسين القطراني، بتنفيذ مطالب المعتصمين، المتمثلة في استمرار القناة، عبر سداد قيمة التردد الخاص بالقناة لشركة "نايل سات" ودفع رواتب الموظفين.

المساهمون