كشفت مقالة في إحدى المجلات العلمية الفرنسية، عن قطعة أثرية مصرية، هي عبارة عن بقايا لوحة من الحجر الجيري، كتب عليها باللغة الهيروغليفية، تعود إلى عصر الدولة الفرعونية الحديثة، كانت بحوزة وزير دفاع دولة الاحتلال الإسرائيلي السابق موشي ديان، بيعت في مزاد علني أقيم في تل أبيب عام 2007.
ونشرت مجلة NeHeT، التي يصدرها مركز البحوث المصرية في جامعة السوربون ومركز أبحاث الآثار والتراث التابع لجامعة بروكسل الحرة، مقالاً مشتركاً لكل من بيير تاليه، عالم الآثار المصرية بجامعة السوربون، وهشام حسين مدير آثار سيناء بالمجلس الأعلى للآثار، عن "اللوحة الجديدة" لمناسبة إحياء الذكرى الثامنة لبعثة أمنمحات الرابع إلى سرابيط الخادم في "إسرائيل".
وحسب ما ذكره المقال، فقد "عُرض الجزء المتبقي من اللوحة التي تحمل كتابات هيروغليفية، والتي هي من الحجر الرملي، في مزاد أقيم في تل أبيب في 4 إبريل/نيسان 2007، وتبلغ أبعادها في حالتها الحالية ارتفاع 53 سم وعرض 52 سم، ولم يتبق منها سوى الجزء العلوي الأيمن فقط، وتظهر عليها نقوش غير مكتملة على اليسار وأيضاً على اليمين، بعد ذكر التاريخ في الجزء العلوي المقوس، حيث توجد ثمانية أسطر متتالية".
وانتقد آثاريون مصريون، عدم تحرك مدير آثار سيناء بشكل رسمي لاستعادة اللوحة المسروقة، ونشره عن الموضوع في المجلة الفرنسية، من دون إبلاغ السلطات المصرية، معتبرين أن النشر عن الآثار المسروقة أمر "غير أخلاقي"، بخاصة إذا كان قد سرقها الاحتلال الإسرائيلي.
وقالت عالمة المصريات المصرية مونيكا حنا في تصريحات خاصة، إنه "لا يجوز أن ينشر باحث عن آثار مسروقة، فما بالنا إذا كان هذا الباحث مصري الجنسية، والمسؤول الأول عن الآثار في منطقة سيناء، التي سرقت منها القطعة".
وكانت عميدة كلية الآثار والتراث الحضاري بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا قد تساءلت على صفحتها الرسمية على "فيسبوك" عن جواز أن ينشر المشرف العام على آثار سيناء عن قطعة أثرية "مسروقة" للملك أمنمحات الرابع، بمعرفة موشي ديان من معبد سرابيط الخادم بجنوب سيناء، ولم تسلم لمصر، واصفة الأمر بـ"المهزلة".
وقال مصدر مطلع على التحركات القانونية المصرية في مجال استرداد الآثار المصرية المنهوبة، إنّ "إسرائيل سلمت مصر بالفعل بعض القطع الأثرية التي سُرقت من سيناء إبان الاحتلال، لكنها لم تخطرها عن القطعة المذكورة".
وأضاف المصدر أنه "كان ينبغي على مدير آثار سيناء، عند اكتشاف القطعة من خلال "كتالوغ" المزاد الذي ذكره في المقال، أن يبلغ إدارة الآثار المستردة التابعة لوزارة الآثار، التي بدورها تبلغ وزارة الخارجية، المنوط بها مخاطبة نظيرتها الإسرائيلية لاستراد القطعة، لا أن يكتب مقالا حول القطعة".
وأكد المصدر أنّ "نشر صورة اللوحة الحجرية التي تعود لعصر الملك أمنمحات الرابع مع الإشارة إلى أنها كانت بحوزة موشي ديان، يعد بمثابة أول دليل مادي على سرقة وزير الدفاع الإسرائيلي السابق للآثار المصرية".
وأشار عالم الآثار المصرية في السوربون، بيير تاليه، ومدير آثار سيناء، هشام حسين، في مقالهما إلى أن اللوحة الحجرية المذكورة، كتبت عليها ملاحظة في أثناء البيع حول نسبتها إلى عصر الدولة الحديثة، وأنها كانت في السابق جزءاً من المجموعة الشخصية لموشي ديان، وزير الدفاع الإسرائيلي منذ عام 1973 إلى عام 1976، وأنّها جاءت من معبد حتحور في سرابيط الخادم في سيناء. وأكد الباحثان أنّ "هذه الملاحظات وكذلك المادة التي صنعت منها بقايا اللوحة (حجر رملي أحمر يميز الآثار التي أقيمت في معبد سرابيط الخادم طوال فترة الوجود المصري في هذه الأماكن) لا تدع في الواقع أي مجال للشك في أصل هذه القطعة والتي (ربما) تم نقلها من الموقع وقت الاحتلال الإسرائيلي لشبه جزيرة سيناء".
وكانت صحيفة معاريف الإسرائيلية، قد كشفت في أواخر سبتمبر/ أيلول 2020، أنّ رئيس أركان الجيش ووزير الحرب الإسرائيلي الأسبق موشي ديان، عكف على سرقة الآثار المصرية في سيناء.
وقال الصحافي عيدو ديسنتيك في تقرير نشرته الصحيفة، إنّ والده آريي الذي كان محرراً لـ "معاريف" ضبط أثناء خدمته في قوات الاحتياط، ديان وهو يسرق الآثار في سيناء، مشيراً إلى أنّ ديان أشرف على أعمال الحفر للكشف عن الآثار ثم أرسلها إلى بيته في تل أبيب.
وكان موشي ديان يحفر، حسب الصحافي الإسرائيلي، بحثاً عن الآثار في منطقة سرابيط الخادم الأثرية، التي تقع جنوب غربي سيناء، وتبعد نحو 80 كيلومتراً عن مدينة أبو زنيمة، وكان يحط بمروحيته في المناطق الأثرية، ويخفي الآثار في أكياس تمهيدا لنقلها إلى بيته.