لا يزال الجدل في الولايات المتحدة وأوروبا متواصلاً حول دور "تيك توك" في تصدير خطاب يدين الاحتلال الإسرائيلي في عدوانه على قطاع غزة، بين الشباب الغربيين. وقد هاجم الحزب الجمهوري الأميركي، التطبيق الصيني بسبب "إظهاره زيادة كبيرة في محتوى مؤيد لفلسطين". وزعم سياسيون جمهوريون بشكل علني أن الشركة تروج "بشكل متعمد لمحتوى مؤيد لفلسطين بهدف غسل أدمغة شبابنا لدعم حماس"، بحسب ما نقل موقع فايس الأميركي.
سبب هذا الاهتمام الكبير في "تيك توك" يمكن فهمه إذا ما قرأنا ما أصدره معهد رويترز لدراسة الصحافة في تقريره السنوي 2023 للأخبار الرقمية. إذ قال المعهد في تقرير حديث إن الجمهور عالمياً يولي اهتماماً أكبر للمشاهير والمؤثرين وشخصيات وسائل التواصل الاجتماعي مقارنة بالصحافيين على منصات مثل "تيك توك" و"إنستغرام" و"سناب شات".
ويزكّي التقرير ملاحظة مفادها أن المزيد من الجماهير، خصوصاً من الشباب، يستهلكون محتوى الأخبار والتحليلات والآراء حول القضايا الجارية من تطبيق "تيك توك" بدلاً من وسائل الإعلام التقليدية.
وتأخرت مؤسسات إعلامية عدة في دخول سوق "تيك توك" ما جعله مساحة لصنّاع المحتوى الإخباري من غير الصحافيين، الذين يتحدّثون إلى جمهور يبحث عن مهرب يثقون فيه من صحافة يشكّون في حيادها وموثوقيتها.
عالمياً "تيك توك" هي الشبكة الاجتماعية الأسرع نمواً في التقرير:
- يستخدم التطبيق 20 في المائة من الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عاماً للحصول على الأخبار، بزيادة خمس نقاط مئوية عن العام الماضي.
- في الولايات المتحدة، شهد "تيك توك" قفزة في الاستخدام كمصدر للمعلومات، إذ صار 43 في المائة من مستخدميه يستهلكون الأخبار عبره، بدلاً من 22 في المائة فقط في 2020، بحسب تقرير حديث لمركز بيو للدراسات.
- في المملكة المتحدة، أظهر تقرير أوفكوم لعام 2023 حول استهلاك الأخبار أن واحداً من كل عشرة بالغين يستخدم "تيك توك" لمواكبة الأخبار، مما يدل على أن التطبيق قد تجاوز راديو بي بي سي 1" والقناة الخامسة.
يقول مدير معهد رويترز، راسموس نيلسن، في التقرير: "لا توجد أسباب معقولة لتوقع أن أولئك الذين وُلدوا في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين سوف يفضلون فجأة المواقع الإلكترونية القديمة، ناهيك عن البث والطباعة، وذلك ببساطة لأنهم يكبرون".
الصحافي، فيتوس سبيهار، المعروف بمحتواه على "تيك توك"، يقول إن "وسائل الإعلام التقليدية حاولت استخدام نفس مقاييس النجاح التي استخدمتها دائماً، والوسائط الجديدة لا تعمل في هذا العالم، خاصة على تيك توك حيث يكون التعلم من الأقران والمحتوى المتخصص بالإضافة إلى شخصيات التواصل الإخباري، أكثر أهمية".
ويضيف أن "تيك توك ظهر كمصدر للأخبار على الرغم من وسائل الإعلام التقليدية، ونشأ كمكان للهروب من أخبار شبكات الكيبل.
وأدّت المقاومة من جانب الصحافيين لإنشاء محتوى على "تيك توك"، لأسباب عدة بينها عدم الشعور بالثقة أمام الكاميرا والافتقار إلى التدريب على الفيديو والاعتقاد بشكل خاطئ بأن "تيك توك" مخصص للمراهقين، إلى انقسام إعلامي بين حسابات وسائط إخبارية رئيسية وحسابات صنّاع أخبار غير منتسبين تماماً إلى الوسائط التقليدية، فيما قلة نادرة تمتد بين العالمين.