وسط العدوان الإسرائيلي المستمر على غزة، تقود الحسابات القومية اليمينية والهندوسية في الهند حملة تضليل على وسائل التواصل الاجتماعي مناهضة للفلسطينيين ومعادية للإسلام ومنحازة لإسرائيل. وعبّرت الحسابات اليمينية الهندية، التي ينشر الكثير منها العلم الهندي جنباً إلى جنب مع العلم الإسرائيلي، عن دعم قوي لإسرائيل على الإنترنت، وهي من بين أبرز الأصوات التي يعتمد عليها الاحتلال لبث أخبارها الكاذبة وترويجها. ومن الشبكة إلى الشارع، يقود هؤلاء المسيرات المدافعة عن إسرائيل في المدن الهندية، حتى في ظل تراكم المجازر مثل قصف المستشفى الأهلي، إذ اتخذ هؤلاء على عاتقهم اتهام المقاومة الفلسطينية باستهداف المستشفى.
وكان رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، من أوائل القادة الذين عبّروا عن دعمهم لإسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول. ومع بدء العدوان على القطاع، تدفّقت المعلومات المضللة والأخبار المزيفة على وسائل التواصل الاجتماعي، وتضخمت من خلال منصات مثل "إكس"، وركّزت بشكل خاص على نشر الادعاءات المعادية للفلسطينيين والإسلام. وقد لاحظ خبراء أن الحسابات الهندية ذات الميول اليمينية تعزز بشكل كبير الرواية الإسرائيلية أمام الجماهير في جنوب آسيا، وهي فئة ديموغرافية لا يمكن لوسائل الإعلام الغربية الوصول إليها بسهولة.
بهاراتيا جاناتا والعلاقة مع إسرائيل
في الهند، أقام حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم علاقات قوية مع إسرائيل، على المستويين السياسي والاجتماعي. وأوضح الصحافي ومؤلف كتاب "أوطان معادية: التحالف الجديد بين الهند وإسرائيل"، آزاد عيسى، للنسخة الإنكليزية من موقع "العربي الجديد"، أن الهندوتفا، أيديولوجية وحركة القومية الهندوسية، تشترك مع إسرائيل في نهجها في مواجهة "الإرهابيين"، في إشارة إلى التصوّر عن المسلمين في كلا البلدين.
وفي العام 2017، دخل رئيس الوزراء مودي التاريخ عندما أصبح أول رئيس وزراء هندي يزور إسرائيل. وخلال الزيارة، ذكر أن كلا البلدين يشتركان في "اتصال عميق عمره قرون"، مع دخول في تحالف سياسي قوي مقترن باتفاقيات عسكرية وأمنية.
وأشار عيسى إلى أن "الهندوتفا والصهيونية تشتركان في طبيعة توسعية مماثلة. تعتبر الهند جنوب آسيا بأكمله هندوسياً، بينما تحلم إسرائيل بإسرائيل الكبرى التي تمتد إلى ما وراء حدودها الحالية". وفي كلا البلدين، تتمتع بعض الديانات بامتيازات أكثر من غيرها، إذ يتمتع الهندوس واليهود بحقوق أكثر من أي أقلية.
وقد تزايدت ظاهرة الإسلاموفوبيا منذ صعود حزب بهاراتيا جاناتا بزعامة مودي، إذ كشف تقرير صادر عن المجلس الإسلامي في فيكتوريا، ومقره أستراليا، أن غالبية التغريدات المعادية للإسلام على موقع "إكس" تأتي من الهند. وأضاف عيسى أن "القوة الرابطة لهذه الأيديولوجيات القومية تكمن في الإسلاموفوبيا"، موضحاً أن إسرائيل بالنسبة للهند بمثابة نموذج للحكم. وقال: "تطمح الهند إلى أن تكون مثل إسرائيل، إذ تتصور نفسها كدولة ديمقراطية ليبرالية متقدمة من العالم الأول، على غرار إسرائيل، والتي، كما نعلم، ليست ديمقراطية".
التضليل الإسرائيلي عبر الإنترنت
أوضح الأستاذ المشارك في دراسات الشرق الأوسط بجامعة حمد بن خليفة والباحث في مجال المعلومات المضللة، مارك أوين جونز، أنه في كثير من الحالات، تكون المشاعر المعادية للمسلمين والإسلاموفوبيا أدوات يستخدمها القادة الشعبويون لكسب الشعبية من خلال تفاقم الصراعات الاجتماعية وتحريض مجموعة ضد أخرى. وقال لـ"العربي الجديد": "قد يكون هذا متعمداً لزيادة شعبية مودي. وقد يكون استراتيجية سياسية تهدف إلى حشد قاعدته"، موضحاً أنه لا ينبغي الاستهانة بقوة الإعلام الرقمي في الهند وتأثيره على تصورات الناس للأحداث العالمية.
وأضاف أن "الهند هي الدولة الأكثر اكتظاظاً بالسكان في العالم حيث يوجد بها العديد من مستخدمي الإنترنت، وخاصة المستخدمين الناطقين باللغة الإنكليزية، لذا فإن تعبئة المؤثرين الهنود أو غير المؤثرين الذين يروجون للمعلومات المضللة أمر مهم حقاً". وتابع: "إذا نظرت إلى التغريدات الأكثر شعبية (المنشورات على إكس) حول إسرائيل وفلسطين، فإن الأغلبية تأتي من الصحافيين الهنود الذين يميلون إلى دعم إسرائيل وتشويه صورة فلسطين".
علاوة على ذلك، تلعب خلية تكنولوجيا المعلومات في حزب بهاراتيا جاناتا، القسم الذي يدير حملات وسائل التواصل الاجتماعي، دوراً رئيسياً. وفقاً لكتاب "أنا متصيّد" لسواتي شاتورفيدي، يجنَّد متطوعون لاتباع تعليمات خلية التواصل الاجتماعي والمنظمات التابعة لها لنشر الدعاية. وأشار عيسى إلى أن "كمية المعلومات المضللة مذهلة هذه المرة. فالآلاف من الحسابات اليمينية الهندية تدعم الدعاية الإسرائيلية وتساعد إسرائيل على الوصول إلى جماهير جنوب آسيا".